تجاوباً ما يطرح في العزيزة الجزيرة عن شكاوى الكثير من بعض المعاملات المالية بين أفراد البشر حقيقة ترددت كثيراً قبل أن أسطر هذه الكلمات على صفحات العزيزة لما تذكرت أن (الشكوى لغير الله مذلة) ولكن عنوان المقالة استنطق ما سوف أبوح به.. قبل أن أبحر بكم في عباراتي الشاكية هذه.. وإيمانا مني بأن الكاتب الناجح هو من يكون ضميراً لمجتمعه الناطق بمشاكلهم ومعاملاتهم.. ومحتوى همومهم.. وملجم صرخاتهم حتى لو كانت عبر أصداف حروفنا وكلماتنا.. لمَ لا نحس بها؟ وهي تمثل زفرات وآهات وأنات مظاليم.. جرَّتهم الأقدار عند أبواب المحاكم.. ومنافذ الشُرَط.. دروبنا عبر الكلمة تكتب كلمة حق.. تستنزف الحبر.. ورشقات أقلامنا.. تنزف بما ألمَّ بإخواننا.. من مضايقات.. أو بما هجعهم من مصادرة حقوق لهم من بعضهم البعض.. قال الشاعر:
وتجنب الظلم الذي هلكت به
أمم تود لو أنها لم تظلم
إياك والدنيا الدنيّة إنها
دار إذا سالمتها لم تسلم
|
عموماً هي الزفرات والآهات والأنات التي أفرزتها تعاملات أفراد مجتمعنا ولتكلم على اثرها القلوب، ولنتيه في الدروب.. وليس لنا حينها إلا الشكوى إلى الله.. ولا يجهلنا ما يقال: (أن مَن أكثر الشكوى عظمت عليه البلوى).. ولكن ما حيلتنا إلاها..!! صدى أنين البشر.. الذين أصابهم الضجر.. لتهاون البعض في حقوق الغير في تعاملاتهم المالية.. ولقلمي ان يكتب فيما يقلق المجتمع بأسره ويقض مضجعه.. ولمن أشكو ويشكو صاحب الحق.. بالطبع إلى الله والشكوى إلى الله، ولكن لله في أرضه ودائع.. وله من استؤمن بحفظ حقوق الغير واسترجاعها وهم من يقع على عواتقهم الشيء الكثير لفض الكثير من المنازعات والخصومات التي ازاءها تهاون الكثر في حقوق الغير إذاً لا شكوى بعد الله إلا إلى أهل البصيرة.. ومن المعلوم ان الشكوى لأهل البصيرة عيب!! ولكن الاوراق عندي ضَجّت.. والمطالبات عَجّت بما سأكتبه وأكتبه الآن والقلم استنهضني قائلا: أن اكتب يا سليمان.. ودعني أملل لهم. ما أهمَّ المواطنين حول وثيقة رسمية من الخطر ان تفقد مكانتها، وفاعليتها الا وهي.. ذلك (الشيك) تلك الوثيقة الورقية التي أرى من وجهة نظري الخاصة انها فقدت أسهمها ومصداقيتها.. ازاء استهتار وتهاون ثلة من البشر بهذه الوثيقة.. من امضائهم لشيكات بلا رصيد.. ومعنى ان يقترن الشيك بالشكاوى فهذا يقضي بانعدام مصداقية هذه الشيكات وعدم فاعليتها في واقع معاملاتنا المالية بما لا يقطع مجالا للشك بأن الشيك اليوم مرفوض في تعاملاتنا المالية عند الكثيرين.. وهذا هو الواقع المعاش..!! والذي عن طريقه حتمت مسألة انعدام الثقة في الآخرين في حال تعاملهم بمثل هذه الشيكات بلا رصيد والتي أرى من وجهة نظري أنها تحد من تحسن الحالة الاقتصادية.. ورواج البضائع التجارية.
** ثمة أسئلة كثيرة تفرض نفسها على الساحة.. يا ترى ما أسباب ذلك؟ وما النتائج المترتبة على هذا التهميش لشيكاتنا.. وما العقوبة التي تنتظر المتهاونين ومزوِّري الشيكات..!! قلت مزوّرو.. ذلك (أن من أمِن العقوبة أساء الأدب.. وأمضى شيكاً بلا رصيد) في ظل غياب الوازع الديني عنده، ومع قليل من اللامبالاة.
** ولا زلنا نطالب بأن يكون لشيكنا السعودي ثقله في تعاملاتنا التجارية.. على اعتبار انه ادانة قوية في حق كاتبه، واستحقاقه للعقوبة الصارمة والذي ينص عليه النظام ازاء استهتاره وتهميشه لمثل هذه الأوراق الثبوتية والمعتمدة من قبل الغرفة التجارية.. ولا زلنا نطالب ونشدد على اهتمام أجهزة الامن والحقوق والمحاكم الشرعية بمثل هذه الشيكات، وسرعة نفاذ شكاويها، واعادة الحقوق لأصحابها، والذي يظهر لي ولغيري أن ضياع الحقوق المالية، والمثبتة بهذه الشيكات فيما إذا قدم صاحب الحق شكواه أنها تستأثر بفترات زمنية طويلة الاجل وبلا جدوى.. ولا عجب إذا قلنا انها فترات تزيد على السنة وان قلت فهي إلى الستة أشهر أقرب.. ومن يتحمل تبعات هذه المدة الطويلة، بالطبع هو صاحب الحق المسكين!! هذا إذا كان هناك بت جدي وصارم وحاسم ازاء حسم مثل هذه المعاملات..
إننا بصدد وضع حلول صارمة وحاسمة لهذه الشائكة التي باتت تؤرق الكثيرين بل لنقل الجميع.. كما ان تهميش هذه الشيكات وتهاون المتهاونين.. فيه انتهاكات حقوق.. تقضُّ المضاجع. وتجدد المواجع لكل مراجع..!! ولكن ماذا عسانا نفعل ونحن ننقل صوت المواطن والأمة. وآهاته سوى عرض القضية على صفيح ساخن مستجيبين لنداءات المتضررين من (شيكات بلا رصيد).
قد لا تصدقون إذا قلت لكم ان شخصاً أفادني بأن لوالده 000 ،90 ريال ذهبت أدراج الرياح بفعل شيك حرز بلا رصيد وهذا آخر فقد 000 ،40 ريال بسبب هذه الشيكات وبلا رصيد أيضاً وهناك من حدثني بأن هناك مبالغ أكثر من ذلك بكثير ابتزت من أصحابها عن طريق هذه الشيكات.. إذاً من يضمن لمثل هؤلاء حقوقهم الا الشدة والحزم في تطبيق النظام وبلا هوادة.. ويجب ان ننقاد للنظام والا نعتبر الانقياد إليه مهانة ومذلة بل هو عز وشرف..!!
** هذه حادثة مختصرة يرويها أحد الاصدقاء يقول فيها انه ذهب إلى مركز الشرطة بعد أن أمضي له شيك بلا رصيد فلم يجد مجيبا ثم ذهب إلى المحكمة والتي بدورها أحالته إلى الغرفة التجارية التي أحالته بدورها مرة أخرى إلى الشرطة.. والشرطة بدورها أحالته إلى لجنة الغرفة التجارية المخولة بالحكم على هذه القضية بهدف حضور الجلسة حتى أصبح المسكين كالكرة تتقاذفه الاقدار حيث شاء الله وشاءت هذه الدوائر الحكومية، ولتتداول القضية لمدة ستة أشهر وبلا فائدة ثم تحال إلى المحكمة الشرعية لتستغرق ثمانية أشهر للبحث والتقصي عن المدعى عليه وبحجة ماذا؟ بحجة حصر أملاكه وبعد ذلك يفرج عن الحكم غيابيا بعد مماطلة المدعى عليه.. لِمَ التجني؟؟ أليس هذا بواقعنا المعاش؟ أليست هذه معاناة الكثيرين..؟؟ نعم هنا المشكلة وتبقى لنا عرض الحلول ولعل منها:
1- الشدة والحزم على من يتلاعب بمثل هذه الأوراق الثبوتية وليس من حل سوى مخاطبة المسؤول عن هذه الشيكات: الغرفة التجارية بأن تخاطب هي بدورها وزارة الداخلية بشأن تعميد الحقوق المدنية في أقسام الشرطة بالسجن الفوري لكل مستهتر ولكل من يوقع شيكاً بلا رصيد ولكل من يكتب مثل هذه الأوراق الرسمية لحين تغطية الرصيد.. وقد تقولون: وما الذي يجيز للشرطة سجن المتهم بلا إدانة.. وعندها أقول: يكون بين البنك وأقسام الشرطة تعاون وذلك بمطابقة التوقيع في الشيك بما هو لدى الشرطة، ومن ثم تثبت التهمة عليه ويدان بتجاوزاته ويسجن.. وهنا لا بد من اعطاء كل ذي حق حقه وايجاد ذلك العقاب الرادع.
2- أيضاً لعل من الحلول تغطية الشيك بأن تحدد غرامة مالية لكل شيك بدون بلا رصيد وتتمثل بنسب مئوية فمثلا شيك من 1000 إلى 000 ،10 تحدد غرامته بـ500 ريال وهكذا دواليك بكل 000 ،10 ريال 500 ريال ولعل ذلك يعد حلاً فورياً وعاجلاً يضمن حقوق الناس ويضمن لشيكنا السعودي قوته وتواجده على الساحة التجارية أسوة بغيرنا من الدول المجاورة.
3- أرى من الأهمية بمكان أن يكون الشيك مصدقاً من الغرفة التجارية حتى يجيز لهم هذا العمل استدعاء صاحب الشيك المماطل.
4- إزالة العثرات والعقبات التي تعترض حل مثل هذه المشاكل بأسرع وقت ممكن.. وذلك ما سمعناه من نظام المحاكم التي قد تقف حجر عثرة أمام صاحب الحق عند مطالبته بحقه فتتوقف معاملته بفعل مطالبة المحكمة بحصر أملاك المدين ونتيجة لذلك قد تقل الاعمال الخيرية، ولذا أرى أن يكون اعتماد المحاكم القضائية في مثل هذه الأمور اعتماداً كلياً لا جزئياً.. وكم من حقوق ضاعت على أصحابها بفعل إطالة مدة هذه المعاملات القضائية.. التي ييأس من جراء طولها أصحاب الحقوق فيتركونها.. مع العلم انها لا تستحق كل هذه المدة ولا تأخذ مجرى طويلا.. كل ما في الامر مطابقة التوقيع بما هو في البنك مع التنبه إلى مطابقة خط صاحب الشيك أيضاً مع ما هو مدون في الشيك وذلك سداً للذرائع وللتجاوزات والثغرات التي قد يفطن اليها المدين.. وفيما إذا تجاوزها المدين اعتقد انه لا مفر من (نظام البصمة) كحل أخير في هذه القضية وهذا النظام نشدد على تطبيقه وسرعة انفاذه للمصلحة العامة.
5- أما البنوك فلا بد ان يكون لها دور في ذلك بحيث يكون هناك تفعيل للشيك والذي في نظرنا نجده أكبر ادانة في التسديد في المبيعات والمشتريات فالسداد النقدي قد يتعرض صاحبه إذا ما سدد للجحود والانكار في سداد الحقوق بما يفضي إلى الاحتيال بينما الشيكات هي أفضل وسيلة للإدانة بحيث لا ينكر سدادها فالدائن يحمل ما يثبت وهو كعب الشيك.. والبنك يحمل صورة من هذا الشيك.. إذاً لا مفر!! ولكن ما الذي يمنع من إعطاء المدين (وهو من يكتب شيكاً بلا رصيد) فرصا لا تزيد عن ثلاثة أسابيع بحيث عندما يذهب صاحب الحق إلى البنك خلال ثلاثة أسابيع ثم لا يجد في الرصيد ما يغطي حقه، يحصل بذلك على سندات مراجعة من البنك طوال هذه الأسابيع، وهذا يعد أقل مهلة يمنحها صاحب الحق لهذا المدين.. وبعدها يطالب بحقه ويعاقب المدين!!
** هذه مجمل الحلول لهذه القضية.. والتي أظنها والله تهم كل مواطن على هذه البسيطة وأجزم أن منكم أيها القراء من اكتوى بلهيبها، نعم والله إنها لحقوق تغمط الذات لأن تطالب بها فكم من شيك شاك جاء يشكو صاحبه الذي أساء في تعامله وهمشه وصرفه بغير وجه حق.. وكم من شيخ باكٍ جاء يبكي ويصرخ مطالباً بحقه أمام المحاكم الشرعية ويندب حظه على ضياعه وفي غمضة عين.. أفلا تقلقنا وتقضُّ مضجعنا هذه الصور.. والمعاناة وتجعلنا نسل أقلامنا من غمدها لنكتب في الحق كلمة.. ولا زلنا نريد رداً.. وتجاوبا وصدى لما كتبناه.. من الغرفة التجارية.. علها بذلك تعيد الحقوق لأهلها.. وتنهي احداث مسلسل عنون ب«شيكات خارج الخدمة لتستريح.. وحقوق في مهب الريح»!!.
** عذراً للإطالة ولكنها قضية حساسة.. لولا أنها تهم مجتمعنا.. ومن البشر كثير كوته بحرِّ نارها لما كتبت.. ولما أطلت.. فاعذروني أحبتي!!
سلمان بن ناصر عبدالله العقيلي
معلم بمتوسطة صقلية - المذنب
|