الموقع المناسب والموقف الصائب

الاستيعاب الدقيق والصحيح للتعاليم الربانية يوفر السعادة للإنسانية من خلال حفز الانسان على الاضطلاع بكل مهام الخلافة على الأرض وفقاً للتكليف الرباني الجليل، وفي ذلك وفيما يماثله من أعمال مسؤولة تعبِّر عن الخضوع لإرادة المولى عزَّ وجل، إثراءٌ للحياة الانسانية وإغناءٌ لها وتجديدٌ وحيوية.
وفي المقابل فإن الدمار الذي يأتي به الارهاب يحمل الفناء لكل ذلك الإنجاز ويعكس توجهاً مضاداً لأسباب النماء والبناء ويبذر بذور التشتت والفرقة بين القوى الفاعلة التي تبني وتعمل على ازدهار الحياة الانسانية.
وكما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك «فإن المسلم الحق لا يعيث في الأرض فساداً ولا يسعى في الكون دماراً»..
وهناك كمُّ هائلٌ من الأسباب التي تحتم محاصرة بلاء الارهاب حيث رزئت به الكثير من الدول الإسلامية في وقت تزداد فيه الحاجة إلى مجتمعات إسلامية معافاة لتنهض بأعباء النماء والبناء ولتقود عمليات الخروج من وهاد التخلف.
وتأتي هذه العمليات المشبوهة لتَفُتَّ في عضد الدول الاسلامية منفردة ومجتمعة، وهي في كل أحوالها فتنة تقعد بالجهود الخيِّرة والطاقات المتطلعة للاضطلاع بالمهام الوطنية من خلال صرفها عن الأولويات وإقحامها في صراعات، وبذر الشكوك والأوهام في مفاصلها وقواها الفاعلة.
وفي كل الأحوال، فإن التضامن بين القيادات والشعوب الاسلامية واتفاقها على نبذ التشوهات التي تلحق بالعقيدة يمكن أن يقود إلى نتائج طيبة من خلال محاصرة ظاهرة الارهاب التي تتماثل ملامحها في كل مكان وخصوصاً في الدول الاسلامية.
إن التحديات الماثلة أمامنا تستوجب تحركاً فاعلاً وبصورة جماعية إسلامية، فالعالم من حولنا يقطع المراحل نحو الأخذ بأسباب الرقي والتقدم وتتقارب أجزاؤه وفقاً لأنماط متطورة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والتقنيات الحديثة، والأمر يتطلب أن يكون عالمنا الاسلامي في الموقع المناسب للتناغم مع حركة التطور من حوله، ولهذا يتحتم على المسلمين العمل باتجاه الموقف التضامني الصائب الذي يحقق عدة مكاسب في ذات الوقت بما في ذلك مواجهة المسائل المتعلقة بالإرهاب وإزالة شروره.