Wednesday 26th november,2003 11381العدد الاربعاء 2 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
الأحداث الأخيرة ورب ضارة نافعة
د/ مفرج بن سعد الحقباني

تعرضت الرياض مؤخراً إلى أحداث مؤسفة خلفت الكثير من الخسائر المادية والمعنوية وذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء أطفالاً ونساء ورجالاً لا علاقة لهم بمسببات الأحداث ودوافع ارتكابها. وإذا كنا نتفق على خطورة مثل هذه الأحداث على مجتمعنا السعودي فإننا أيضاً نتفق أنها قد كشفت لنا العديد من الأمور المهمة التي كنا نعدها في السابق من هوامش الحياة أو كنا في السابق لا نتعامل معها بالجدية والواقعية المنشودة. فمن جهة نجد أن هذه الأحداث قد وضعتنا كدولة وكمجتمع أمام مسؤولية جديدة تجاه متغيرات الحياة الرئيسة بما فيها المتغير الفكري الذي بدت أهميته واضحة للعيان لا يحق لنا بعد اليوم التخاذل في التعامل معه كمحدد مهم لطبيعة واقعنا ومستقبلنا ككيان متكامل. فمن خلال هذه الأحداث اتضح أن فشلنا كمجتمع وكمؤسسات علمية وأجهزة حكومية في تحقيق المتابعة الدقيقة لحركة متغيرات المنظومة الفكرية في المجتمع السعودي قد خلف واقعاً فكرياً غير متسق مع الإطار الفكري العام له قادة نافذون وله منهجية تختلف تماماً عما هو سائد في المجتمع. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس وراء مثل هذا التشتت الفكري يتمثل في فقدان القيادة الفكرية الفاعلة القادرة على كسب ثقة الجميع وعلى دحض معطيات الفكر المضاد مما أتاح الفرصة لكل من يستطيع أن يكون مقنعاً لتكوين مجتمعه الخاص تحت غطاء الإصلاح والتوجيه والإرشاد. وبالتالي فإننا وبعد أن اتضحت أهمية هذا الجانب مطالبون بدراسة واقع القيادات الفكرية لدينا للتعرف على الأسباب التي أدت إلى حدوث مثل هذا التشتت الفكري وعلى الأسباب التي أدت إلى اضعاف العلاقة بين هذه القيادات وبين فئة الشباب التي لم تعد قادرة على فهم منطلقات القيادات التقليدية التي تتعامل وفق منهجية فكرية لا تتفق مع البناء الفكري لهذه الفئة المهمة.
ومن جهة أخرى نجد أن هذه الأحداث قد كشفت لنا فشل مراكز البحوث والدراسات في تحقيق المتابعة الدقيقة لحركة المتغيرات المجتمعية التي تحكم العلاقات المجتمعية بين الأفراد والجماعات المكونة للمجتمع السعودي مما أدى إلى عدم القدرة على فهم المؤثرات الخارجية التي شكلت فكراً مستحدثاً ومجتمعات متعددة داخل المجتمع السعودي.
ومن هنا فإن من النتائج الإيجابية لهذه الأحداث أنها لفتت انتباهنا إلى خطورة تهميش دور البحث العلمي والباحثين المختصين في مجال متابعة حركة المتغيرات المجتمعية وفي مجال رسم السياسات اللازمة لضبط حركة هذه المتغيرات في مساق سليم يتفق مع الأهداف العامة للمجتمع.
ومن النتائج الإيجابية لهذه الأحداث أنها أبرزت الحاجة إلى التعامل الصادق مع الاحتياجات الضرورية لفئة الشباب كإجراء ضروري لحمايتهم من مخاطر المؤثرات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق أجد أننا ومع هذه الأحداث قد اقتربنا كثيراً من قبول الفرضية التي تقول بأهمية اشغال الشباب بما يعود عليهم بالنفع المادي والمعنوي وبما يكسب حياتهم قيمة اجتماعية تجعلهم أكثر تعلقاً بالحياة وأكثر التصادقاً بالحقائق الملموسة منه بالوعود النظرية.
وبشكل عام فإن من أبرز إيجابيات هذه الأحداث أنها قد وضعتنا أمام حقيقة مهمة وهي أن لدينا بالفعل مشكلة مجتمعية لا بد من التعامل معها بواقعية وجدية ولا بد من التعامل معها بمصداقية بعيداً عن المجاملات والعبارات النفاقية التي تخفي الحقائق وتعطل عجلة البناء والإصلاح.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved