مراهقة.. ستسمعها أذني.. وسيخفيها عني المتردد الوجل.. وسيضمرها في صدره القلق المرتاب.. كل ذلك لأني سأعترف الآن بوجود الحب.. باقتحامه لهدأة افئدتنا وسكونها.. واحداثه الضجة في الشرايين والأوردة حين سير الدماء وتدفقها لحظة تنفيذها لواجبها المنوط بها.. وبدوره في تبدل لون الوجنتين واحتباس الدم في منطقة الوجه والرأس.. وتلعثم اللسان.. وانتفاضة اليدين.. وارتعاش الجسد وعدم ثبات الاطراف لنظرة تلقاها المحب من حبيبه.. أو ابتسامة رضا واعجاب منه له.. أو التفاتة ربما غير مقصودة.. أو استنشاق عبق عطره المميز الراقي لدى شخص آخر تطفل على قنينة عطره وتعطر منها.. أو ورود اسمه في جريدة أو مجلة.. أو تفوه به المذيع وان لم يكن يخص الحبيب سوى الاسم الأول فقط..!
أجل.. سأعترف بوجود الحب.. من زواياه الممتدة.. وبطرقه المختلفة.. وبسبله المتعرجة.. وباقتحامه للقلوب دونما استئذان أو علم مسبق لنتهيأ له.. أو نهيئ له المناخ المناسب.. والأرضية الخصبة.. والفضاء الرحب..والصدر المتسع.. والحضن الدافئ..!!
سأعترف بوجوده.. بأثره.. بدوره.. بكينونته.. بقلبه للنظام الحياتي.. بشغله للذهن.. وصرفه عما هو أهم.. سأعترف به وان اقريت بضعف قدرتنا في المحافظة عليه.. والتمسك به.. وبمداراة شعلته كي لا تنطفئ... وبالمنافحة عنه والمجاهرة به.. والثبات بثقة في وجه من يصون المرتدي حلته بالمراهق المتصابي لسبب بسيط جوهري أن الحب لم يحصر في سن معينة.. أو مرحلة عمرية واحدة.. أو جنس بشري دون غيره.. أو حالة نفسية دون حالة أخرى.
قد تكون في أوج محبتك لزوجتك واحترامك لها وتوددك إليها وحرصك على ارضائها فيقتحم في ساعة غفلة الحب صدرك ويتوسد مخدته ويحتضن ارجاءه ليسيج حوله السياج وتعجز عن طرده.. أو دفعه خارج مملكة كيانك.
كما وأنه قد يقتحم صدر امرأة تكون كذلك في قمة محبتها لزوجها واحترامها له وتوددها إليه وحرصها على ارضائه.. فهل بيدها اشاحة وجهها عن الحب؟ وهل ستحاسب لفورة دماء الحب في صدرها وحولها زوج عطوف رحيم؟
ستكتم حبها في الصدر.. ولن تجاهر به، ولن تبيح لنفسها ما لا حق له بسببه.. لن تسمح لهذا الحب أن يسيطر على سلوكياتها وتعاملاتها مع زوجها.. ستتسم بالوعي وتتمسك بالأخلاق لكن شيء واحد لن تستطيعه!! اطفاء جذوة الحب في صدرها لسبب جوهري أن الحب لم يستأذن قبل أن يقتحم الصدر!!
الحب موجود.. وجبان من لا يعترف بوجوده، ولكن هل نحترمه ونحترم وجوده حينما يكون وجوده معقولاً.. لا شك فيه ولا وجل ولا قلق.. وحينما يقر الطرف الآخر به ويوافق عليه ويعاهدك على أن يبادلك وداً بود ووفاء بوفاء وحرصاً بحرص وسعادة بسعادة وتواصلاً بتواصل.. هل نحترمه ونجل ونقدر من توطنا صدرها أو صدره؟؟
الحب موجود كوجود أي عاطفة أخرى في صدر الطفل والشاب والمراهق والكهل.. ويدغدغ صدورهم بين اغماض عين وانتباهتها.. وترتعد لأجله أيديهم وترتعش أجسادهم ويحتبس الدم في منطقة الوجه والرأس.. ويتدفق الدم لحظة استنشاق عطر الحبيب المميز لدى شخص آخر تطفل على قنينة عطره وتعطر منها.
وتفصح الشفتين عن ابتسامة رضا حين قرأت اسمه في جريدة أو سماعه من مذيع.. فهل كل هذه التغيرات تحرض على التمسك بالحبيب وكسب رضاه ومداراته.. ؟ أم أننا ما زلنا لا نقيم للحب قدراً ولا نحسن الحفاظ عليه ونعجز عن جعله يعمر القلوب لسنوات وسنوات، فهو عرضة للتفلت.
وكما أنه يقتحم القلوب دون استئذان فهو كذلك قد يفر بجلده منها دون استئذان لتندم أن فلاناً الذي قد أحبك يوماً لم تعد بالنسبة له شيئاً يذكر.
فاكس 8435344 - 03
|