سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
آمل نشر هذه المشاركة مع اجمل تحية..
فتعقيبا على ما ورد في صفحة «فن» في العدد 11358 حول ما عرض في المسلسل المحلي «طاش ما طاش» في الحلقتين الثانية والثالثة حيث علَّق الكاتب عبد الله الهاجري على ما عرض في المسلسل في حلقتيه الثانية والثالثة واستطرد في الحديث والنقد بما حواه من تعليق وابراز لجوانب قد يغفل عنها بعض المشاهدين حتى وصل الى عبارة «أن هناك فرق بين الحرية والانفلات» اود ان تتاح لي الفرصة بالتعليق على هذا الموضوع كما عودتنا هذه الصفحة العزيزة.
سيدي صاحب التعليق على المسلمين بادئ ذي بدء لا بد وأنك كنت تعي اشياء اكثر مما عرضت وأشرت اليه مشكورا ولكن اوجزت على اي حال اما السبب في ما يعتري التهجم على المرأة وحريتها فداعي ذلك هو الخلل في موازنة الحديث عن الشيء والحديث له من جهة ومن جهة فان الغموض في تحليل القضايا الاجتماعية من قبل فريق العمل في المسلسل لا يمثل مركباً يصعب التعاطي معه على انه لغز يحتاج الى إعمال العقول لمعرفة مغزاها فمن تجرأ على ان يصور المرأة في هذا المجتمع على انها مقيدة ومحكومة بأحكام صارمة لا تراعي إنسايتها وكرامتها التي كفلها وصانها لها الشرع قبل ان يحاول صيانتها لها فريق العمل في طاش لا يحتاج الى جهد لنقده. وعرض الكاتب لجملة «الانفلات والحرية» تذكير متأخر في «سياق الخبر» بمستوى الترميز الذي يبني عليه التعامل مع المطروح، فالمسافة بين الانفلات والحرية قريبة جدا لكنهما تسيران في اتجاهين مختلفين تماما، فالانفلات يدفع بذاتية جامحة غير متزنة قد تؤدي الى خسارة كثير من المبادئ ذات القيمة الافتراضية والتي لا تحتاج الى تغيير فضلا عن حاجتها لتجاهل او تهميش، كما ان فقدان مبدأ او سلم معرفي من اجل بغية او هدف واحد امر غير مقبول حتى ولو فرض مشروعية هذا الهدف، فالغاية لا تبرر الوسيلة دائما.
اما الحرية فهي المساحة الحرة من الحركة والفعل المنضبطة بالقواعد والمسلمات الشرعية الواضحة والتي سلَّم بها المجتمع ويتعامل معها على اساس انها مساحة حرة لتداول الرأي بحيث يتيح فرصة للمعرفة والنجاح والتقدم دون المساس بشرعيات ومعرفيات المجتمع ولو سلط الضوء على القضية محل التعقيب فمن الذي يطالب بانفلات المرأة السعودية؟ وهل هناك شيء يتحقق بالانفلات، «وشاح الحرية الزائف» لا يتحقق بالسياسات والصلاحيات التي خولت للمرأة في هذا المجتمع والذي اوصلها الى المنظمات العالمية وفتحت آفاقا شاسعة البون امام اعين العالم في مجال الطب. ثم ماهي جوانب النقص في شخصية المرأة التي تكتمل بالانفلات؟ لقد حققت المرأة السعودية في هذا المجتمع تقدما ملحوظا في مجال التربية والتعليم والعمل الاجتماعي والصحي وهذا امر مصادق عليه ولا حاجة لاعادة الثناء والمدح ولكن هل يعوق نجاح المرأة في هذه المجالات انها منعت من دخول مطعم لعدم وجود محرم، اقصد هل قضية المطعم هي البوابة التي تفتح على النجاحات المفترضة من المرأة نظير ما تلقاه من اهتمام ودعم جعلها في مصاف النساء في العالم احتراما لذاتها ولتمسكها بعقيدتها وفكرها وبلوغها مستوى عاليا من المشاركة الوطنية الفاعلة تربويا وتعليميا خولها لتولي مناصب حصلت عليها بجهدها وبالتضحية بالوقت والراحة حتى سلكت طرقا ناجحة لم تكن في حاجة على ان تتخلى عن مسلمة واحدة مما بني عليه فكر ومعتقد هذا المجتمع. من الواجب على فريق العمل وأصحاب الافكار النقدية في المسلسل ان يكون النقد المبالغ موجه للتعديل وليس لزيادة التعقيد بغموض الافكار وطريقة العرض والسخرية من الابجديات المجتمعية التي تلقى الاعتراف والقبول كما ظهر في بعض المشاهد المصاحبة للحلقتين، فما هي القضية التي سيخدمها هذا المشهد اكثر من اتاحة الفرصة للتشويش على فكر المشاهدين والعامة وظهور عدم استغلال وسيلة اعلامية بهذا الحجم يمكن ان تثري مجالات اوسع وأن تدفع بمساهمة المرأة في مجال التربية والتعليم والتقدم المعرفي مسافات بعيدة اطول من الحديث عن الحرية الشخصية التي لا تحصل «على حد تصوير المسلسل» بمزاحمة المرأة للرجال في الدوائر الحكومية وارتياد المطاعم. ان هناك اموراً تلتزم بها المرأة كما يلتزم بها الرجل اكبر حجما واتساعا في اهميتها ونتائجها من هذا كله فهل ظهر التوفيق في الحلقتين الثانية والثالثة من المسلسل.
محمد بن سعود الزويد/ الرياض
|