تابعت حلقة من مسلسل مصري قديم اسمه «مارد الجبل» يذاع على الفضائية المصرية ورغم اني أكره المسلسلات الا انه شدني للحلقة هو ذكرها لشخصية مصرية في تاريخ مصر الحديث وفي تاريخ الصعيد على وجه الخصوص وهي شخصية «همام باشا الفرشوطي» شيخ قبائل الهوارة في مصر وموحدها وصاحب اول مشروع انشاء جمهورية في مصر قائمة على ما يسمى اليوم الديمقراطية - لقد لاحظت من خلال متابعتي للحلقة ان بعض من يكتبون المسلسلات يكتبونها وليس لديهم أي خلفية تاريخية أو ثقافية عما يكتبون عنه فقد تجد كاتبا ليس لديه أي خلفية دينية ويكتب عن «أبو حنيفة النعمان» مثلا مما يسبب بلبلة ومعلومات خاطئة عن الشخصية. وفي إظهار المسلسل لشخصية همام باشا وجدت انه اظهره على انه قاطع طريق يختبىء في الزراعات بينما الواقع غير ذلك تماما وسأسرد هنا بعضاً من سيرة همام باشا الذي تنسب اليه قبيلة من قبائل الهوارة المعروفة في مصر وهي قبيلة «الهمامية» التي ينتمي اليها بعض الشخصيات المعروفة في مصر ومنهم أ.د. ماهر مهران وزير الصحة السابق والسيد فهمي عمر رئيس الاذاعة المصرية السابق.
إن همام باشا هو سليل قبائل عربية عريقة ومشهورة هي قبائل الهوارة المنتشرة في مصر والشام وبلاد المغرب العربي الأربع وخصوصاً في المغرب في أغادير وسوس. وبالنسبة لنسب الهوارة فقد نسبهم البعض إلى العرب الأصيلة إلى «هوار بن المثنى بن حمير بن سبأ» ونسبهم معجم القبائل للوائلي وغيره إلى نسبين شريفين الاول إلى عرب الحجاز من نسل عدنان والثاني إلى ابن من ابناء الحسين بن علي رضي الله عنه وفي كلا النسبين شرف ما بعده شرف اذ يجتمع النسبان مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم.
والهوارة الآن في مصر ينتشرون في الاسكندرية والبحيرة والشرقية ومحافظات الصعيد كلها وفي المنوفية والفيوم. ومن قبائل الهوارة المعروفة في مصر قبيلة الهمامية وقبيلة الوشيشات والقليعات والسماعنة وأولاد يحيى وأولاد نجم والشعاينة وأولاد علي وأولاد علام وغيرها، ومن العائلات المعروفة المتفرعة منهم عائلات العزازي - أباظة - الهواري - الشمندي - أبو ستيت - الحميدات وتنتشر هذه العائلات بطول مصر وعرضها. نعود إلى همام باشا فقد كان شخصية جذابة آثرة وقد اقام أول جمهورية في مصر تمتد من الجيزة إلى أسوان استمرت عدة عقود إلى ان قضى عليها المماليك وقد كان لهمام باشا جيش قوي قوامه 35 ألف فارس وقيل مئة ألف فارس وقد كان همام باشا على درجة عالية من الثراء فقد كان له أراضٍ زراعية خاصة به مساحتها «242» ألف فدان تمتد من سواقي موسى بالجيزة إلى اسوان وقد كان له قصر مشيد في منطقة فرشوط التي اتخذها مقرا لحكمه. وقد بنى في نفس المنطقة مسجداً كانت مساحته حوالي «1700 متر» لا يزال قائماً بعضه للآن كما ذكر ذلك المؤرخ «جمال بدوي» في احدى مقالاته عنه في جريدة الوفد، وفي عهد همام باشا كان الهوارة من اغنى الناس فقد كانوا أول من حصل على امارة الصعيد من السلطان المملوكي لأميرهم «عمر بن عبدالعزيز الهواري» الذي تنسب اليه أغلب الأراضي الموجودة في صعيد مصر كما ذكر ذلك الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه «مناهج الالباب المصرية» ولا زال الهوارة يتمسكون بتقاليدهم العربية والاسلامية الأصيلة للآن ويعتزون بكرامتهم ونسبهم إلى ابعد الحدود.
هذه نبذة مختصرة عن همام باشا موحد قبائل الهوارة وشيخها فهل كان قاطع طريق كما صوره المسلسل أم انه علامة في تاريخ مصر وتاريخ الصعيد. فأين الموضوعية التي هي أساس الكتابة خصوصاً عندما يتناول شخصيات تاريخية حقيقية؟!
|