Monday 24th november,2003 11379العدد الأثنين 29 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

النقاد واستخدام الأسلحة عندهم النقاد واستخدام الأسلحة عندهم
عبد الكريم بن علي النقيدان

لكل ناقد وجهة هو موليها، اينما يضرب بسوط النقد يميل اليه ما يريد على ما املت عليه ثقافته، ونبوغ ادواته النقدية، وصهرها في قوالب واضحة لكل ناظر ومتابع، بطريقة النقد الموضوعي والمتزن بعيدا عن الذاتية والحيادية، بمسبار الذوق الرفيع، واستطاب روائع المنظوم والمنثور.
لكن ما يشكل على القارىء الفاحص، حين يرى من بعض النقاد تعديا على تراثه الادبي وما احتواه من اصالة، سواء أكان بنسق العبارة، او انتقاء الكلمة، مبديا اسفه على ما اتوا به فحول عصر القدماء، او لائمهم متوقفا عند استخداماتهم الجائزة المهذبة.
لم يكتف بهذا النقد الحديث على ادب القديم فحسب، بل ظهر لنا نقاد يفتركون ايديهم شرَّةً على من سار على نهج القديم، واقتفى اعباقهم.
هناك من النقاد من عاب على ادباء هذا العصر الناثرون منهم والناظمون، باستخدامهم كلمات لم يعد لها استعمال في وقتنا الآني، فعصرها مضى ودرس، وما بقي سوى النغم منها والجرس.. هذه الادوات مثل كلمة الخيل للحرب والسيف والرمح والترس والمنجنيق، وما ماثلها من اسلحة الحرب في ما قبل العصر الحديث.. وكان الشعراء يحرضون اقوامهم للاقدام والشجاعة لخوض الحرب، ذاكرين في شعرهم هذه الاسلحة لانها كانت بين ايديهم آنذاك، وفي عصر لم يبق لها وجود.
فلا يحسن ولا يجمل بشاعر يأتي بها في منظومه او منثوره والحديث للنقاد فهذه اسلحة لا تستعمل في حروبنا، ولم تكن دافعا الى التحريض للقتال في زمننا، ولا يمكن ان يواجه مقاتل بسفه دبابة ولا برمحه ونبله صاروخا، وهذا عيب ونقيصة في انتقاء الكلمات المناسبة للحدث في زمن الحدث، بحد زعمهم.
وسألتفت الى تفنيد قولهم وانتقادهم هذا، بأن اللغة ما بخلت ولن تبخل بتنوع اساليبها وصورها والتفاتها وابنيتها وطرائق السبك والتلون فيها، وما الذي جعل اللغة متينة خالدة في وجه التيارات التي كانت تلوك لها افظع الحيل للنيل منها واسقاطها، لكن متانتها وصلابتها صدت كل حاقد ومستحدث عليها.
لم يستخدم الاديب والكاتب في وقتنا هذا مثل هذه العبارات التي لا يستخدمها الا من اراد ان يحتفظ بالتراث وجمعه وتزيين داره به لم يكن يستخدمها الا لغرض البلاغة وتبريق الجملة، فاستعار الفاظا لادوات لا تستخدم في حروبنا بأدوات حديثة لها الصولجان في رحى الحرب القديمة.. وهذا لا عيب به ان يرمز الكاتب بالسيف للقوة والرمح للظفر والنيل من العدو.
لان اللغة احتوت الحقيقة والخيال فصبتهما في قويلب واحد اثرت بساتينها الغناء الوارفة، من المجاز والكناية والاستعارة، والتي تُعجز ببلاغتها مائل اللسان، وتبهر ضعيف البنان.
بهذه الاساليب تقوية العبارة، وتناغم باللفظة، وتقريب للمعنى، وطبع للصورة في النفس المتذوقة.
هذه الكلمات وغيرها التي لم يعد لها استعمال معنوي، وطبع للصورة في النفس المتذوقة.
هذه الكلمات وغيرها التي لم يعد لها استعمال معنوي، ما كاد من النقاد ان يُبخْسِروا الفاظا عليها معول اللغة ولسان العرب.
وما اريده من الناقدالا ان يجعل نقده وتمحيصه في العيون اللغوية بكل انواعها النحوية او الصرفية او البلاغية او العروضية، وما اخل بالكلام وانقص العبارة.
فان كان جادا في نقده، فلابد ان يقف قليلا عند الالفاظ القديمة، وان يعلم استعارتها الى الازمنة الحالية والقادمة، والا يعمل على كسد وبخس اي لفظة تتعدى عصرها، والا يضع المتاريس، وكل ما يعوق الشاعر عن ارادة لفظه الذي اراد ان يزين بها قصيدته، او يتم بها عبارته.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved