|
|
قامت الدولة السعودية على مرتكزين رئيسيين هما: السيادة السياسية المتمثلة في النظام الملكي، والعقيدة الاسلامية السمحة المرتضاة من عند الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، وفق ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعا لما استقر عند علماء المسلمين. وبذلك تكونت دعائم المجتمع السعودي وتم بناء هياكله ونظمه المتعددة. وقد كان من المهم جداً أن تعمل مؤسسات المجتمع المختلفة ودوائره الرسمية - عبر عقود من الزمن - على تكوين وتعزيز رأي عام مستنير «ثقافيا وليس دينيا فقط» تجاه هذين الركنين الرئيسين لبناء المجتمع وتطوره. غير ان المراجعة المتأنية لمنظومة بناء الفكر الاجتماعي - الثقافي السعودي عبر مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية الثقافية تؤكد أن هاتين الركيزتين قد تم التعامل معهما باعتبارهما حقيقة مجردة، وتم تناولهما عبر آليات التلقين «المدرسية والمؤسسية» تناولا مقتضباً، دون أن يتاح حولهما مجال للنقاش والحوار يمكّن من ترسخهما في أعماق الفكر المجتمعي، بما يكوّن حائط صد اجتماعياً مستنيراً منيعاً أمام من يحاول النيل منهما من الداخل أو الخارج. وقد بدا واضحا اتجاه اجتماعي عام نحو عدم الرغبة في «إن لم يكن تجريم» الحديث حولهما خلال القرن المنصرم. فلن تكن تطرح بوضوح المحاسن الكثيرة للنظام السياسي الملكي، ليتم دعمها وتحديد الرؤية المجتمعية الشعبية بشأنها، كما لم تكن تناقش جماهيريا - وباستفاضة - اشكالات هذا النوع من أنواع السيادة السياسية ليمكن للناس العلم بها يقينا، وليتاح كذلك تجنب تلك الاشكالات وتقنينها ووضع بدائل لها أقرب للاتساق مع تطلعات المجتمع، مما جعل عدداً من مكونات النظام السياسي الملكي القابلة للتطوير والتحسين تبقى على حال لا تلائم - بالضرورة - كل عصر، فبدت أطماع قوى الاختراق الدولية تتجه عبر هذا الركن الرئيس في تاريخ المجتمع وواقعه ومستقبله ملوّحة بمناقب الديموقراطية والمشاركة الشعبية التي أوسعتها عرضا وطرحاً ونقاشاً في معظم أرجاء المعمورة. لقد أصبحت الكيانات المتعددة داخل المجتمع وخارجه أسهل للاختراق منها لو تشكل لديها رأي قوي وفكر محدد تجاه النظام السياسي الذي تعيش في كنفه، عبر الحوار والنقاش العلمي المقنن الذي من شأنه أن يضع أمام الجمهور العريض اجابات محددة لكل من تدفعه نفسه الطامعة الى محاولة النيل من وحدة المجتمع وتمسكه بقيادته. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |