* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن قوات الاحتلال الصهيوني تجعل من عملية العناية بالجرحى الفلسطينيين وحركة سيارات الإسعاف والطواقم الطبية صعبة للغاية؛ وحتى المستشفيات الفلسطينية وغرف العناية الفائقة فيها أصبحت هدفا لقوات الاحتلال.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في تقرير وصلت «الجزيرة» نسخة منه عبر الفاكس: إن «27» من أطباء وأفراد الطواقم الطبية والدفاع المدني في فلسطين سقطوا شهداء على يد قوات الاحتلال الصهيوني بينما كانوا على رأس عملهم يؤدون واجبهم الإنساني.
وجاء في تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود تلقت «الجزيرة» نسخة منه: أن اتفاقيات جنيف تلزم القوة المحتلة بحسن معاملة المدنيين الواقعين تحت سيطرتها؛ ولكن ما يدور على الأرض الفلسطينية هو اضطهاد جماعي.. بالإضافة للمشاريع الاستيطانية اليهودية التي تقسم وطن الفلسطينيين إلى معازل، فقد وضعت كالخناجر في قلب كل مدينة فلسطينية لتفصلها عن أختها.
ووصف التقرير المدنيين الفلسطينيين بأنهم رهائن الصراع القائم؛ إذ إنهم لا يسيطرون على حيثياته، فلقد وجدوا أنفسهم في قلب الصراع مما جعل منهم الضحية وشهود العيان في نفس الوقت دون أن يختاروا ذلك.
وأوضح التقرير أن العمل الذي تقوم به المنظمة يختص بالعائلات الفلسطينية القاطنة بالقرب من نقاط الاحتكاك أو بالقرب من مستوطنة أو مشرفة على طريق مخصصة للمستوطنين أو بالقرب من الحدود الفاصلة بين الطرفين أو يقيمون بمخيم للاجئين؛ واصفة مدى المعاناة الصحية والنفسية التي تمر بها هذه العائلات دون وجود مأوى آخر لها أو وجود من يمد لها يد العون.
كما أصدرت المنظمة في تقريرها شهادة فريق أطباء بلا حدود الموجودين في الأراضي الفلسطينية والتي تمحورت حول واقع الطفل الفلسطيني؛ كما أوردت المنظمة نموذجاً للحالات الإنسانية والنفسية التي يمر بها الأطفال جراء تعرضهم اليومي لآلة البطش الإسرائيلية.
ويقول التقرير: قامت بمتابعة الحالات الإنسانية والنفسية التي يمر بها أطفال فلسطين الأخصائية النفسية «بينيديكت» التي تعمل بقطاع غزة؛ حيث أفادت بأن أطفال الأسر الفلسطينية التي تسكن بالقرب من مناطق الاحتكاك أصبحوا في وضع نفسي وصحي صعب؛ حيث باتوا يصحون من نومهم ليلاً وهو يصرخون، كما أن حرارتهم ترتفع دون سبب واضح، حتى إنه لم يعد يجرؤون على اللعب خارج البيت.
وقد أوردت الأخصائية النفسية التي تعمل في المنظمة قصة طفل فلسطيني من بلدة بيت حانون الفلسطينية الواقعة إلى الشمال من قطاع غزة حيث الحواجز والمستوطنات؛ كان الطفل نشيطاً وحيويا وشجاعا، وبدأ بعد إطلاق النار والاجتياحات المتكررة يشعر بالقلق والتوتر وأصبح يحلم بأحلام مخيفة ومرعبة وينهض من نومه وهو يصرخ؛ وقد نقص وزنه بشكل ملحوظ.
ويضيف التقرير الذي أعدته الأخصائية «بينيديكت» أن والد هذا الطفل بات خائفا على ابنه الذي أصبح يسير في الطريق وهو ملاصقا للجدران. يقول والده حين كان يسمع صوت الرصاص كنا نوهمه أن صيادا بصدد صيد العصافير، أما اليوم فقد أصبح يدرك الأمر ويتهمنا بالكذب. وقالت بنديكيت إن الوالد حاول مرة التخفيف عن ابنه واصطحابه للبحر، إلا أن محاولاته باءت بالفشل لأن دبابات الاحتلال التي تعترض الطريق تحول دون ذلك.
وألمح التقرير إلى أن منزل هذه الأسرة دمره الاحتلال خلال أحد الاجتياحات الأخيرة لبلدة بيت حانون أثناء غياب الأم عن المنزل. وأضافت الأخصائية النفسية نقلاً عن عائلة الطفل أن أسرته كانت نائمة حين داهمت الجرافة الصهيونية بوابة المنزل فصاحت جدة الطفل بالجنود: لدينا أطفال، فوصل الجنود وأخرجوا كل من في المنزل.
وتضيف الجدة العجوز ذات السبعين عاما: لقد أخطؤوا البيت؛ فقد كان من المفروض هدم البيت المجاور. كان الأطفال يصرخون لشدة خوفهم من الكلاب المتوحشة المرافقة للجنود الصهاينة خاصة أنها كانت تنبح بقوة؛ وحتى أن وجوه الجنود كانت مصبوغة بألوان سوداء مما زاد من رعب الأطفال.
وقالت الجدة المسكينة بحسرة: حين غادرت قوات الاحتلال الصهيوني المكان عند السابعة صباحا كان منزلنا ومنزل جيراننا مسويين بالأرض دون أن نحمل من أغراضنا شيئا؛ وحتى ملابس الأطفال وكتبهم المدرسية ورضاعات حليب الأطفال طمرت تحت الردم؛ وها نحن اليوم نسكن في خيام لا تقي من حرارة الشمس، ولا من برد الشتاء.
|