Sunday 23rd november,2003 11378العدد الأحد 28 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل أصبح إخواننا المسلمون غيرنا؟ هل أصبح إخواننا المسلمون غيرنا؟

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة - سلمه الله
اطلعت على ما نشر بجريدتكم الغراء في العدد «11362» ليوم الجمعة 12 من رمضان 1424هـ الموافق 7 من نوفمبر 2003م من الأخ الذي رمز لاسمه بابن الوطن والثناء العاطر الذي سطره عن الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم وثمارها المباركة رغم قصر عمرها الذي لم يتجاوز ثلاثة أعوام وقد ذكر الأخ الكريم بعض الملاحظات التي تعبر عن اهتمامه بالعمل القرآني عامة وبنشاط الهيئة العالمية خاصة ونشكره على ذلك، ويسعدني أن أوضح لسعادته بعض النقاط حتى تتضح الصورة للعيان:
أولاً: إن العمل الخارجي لإخواننا المسلمين سواء في تحفيظ القرآن الكريم أوغيره هو واجب شرعي أمرنا به ربنا عز وجل في قوله تعالى {إنَّمّا المٍؤًمٌنٍونّ إخًوّةِ} وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».
ثانياً: لا يختلف اثنان في أن المملكة العربية السعودية هي رائدة العمل الإغاثي والتعليمي والشرعي في الخارج، فمنذ أن قامت هذه الدولة المباركة على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وهي تقوم بهذه المسؤولية العظيمة من خلال مؤسساتها الخيرية، وقد تحملت المملكة هذه المهمة الكبيرة من منطلق ما تتميز به بين جميع الدول أنها راعية الحرمين الشريفين وأن دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه المكانة العظيمة التي تتمتع بها المملكة في مختلف دول العالم لم تستطع دول الغرب الوصول إليها رغم ما تصرفه من أموال لتحسين صورتها وتعميق وتجذير ثقافتها وحضارتها لدى الغير.
ثالثاً: إن هذه الهيئة العالمية وغيرها من الهيئات الدولية التي أنشأتها المملكة العربية السعودية تساهم بشكل كبير في حل المشكلة العظمى التي تعاني منها أغلب الدول الإسلامية وهي البطالة وذلك بتوظيف المسلمين في دولهم بمبالغ زهيدة جداً وكذلك لها أثر كبير في التخفيف من ظاهرة التخلف من العاطلين القادمين من هذه الدول في الحج والعمرة بالمملكة وما سببته هذه الظاهرة من خسائر مالية كبيرة فإن الهيئات الدولية تساهم بشكل غير مرئي في التقليل من هذه الظاهرة.
رابعاً: إن أعداد الهيئات الخارجية تعد على الأصابع وأما الجمعيات المحلية فهي بالمئات بفضل الله تعالى لخدمة أبناء الوطن وهذا هو الطبيعي، وأتمى أن يقارن ابن الوطن بين ما تنفقه الجمعيات الخيرية في الداخل وبين ما تنفقه الهيئات الدولية في الخارج وسيرى الفرق الكبير عندها سيعلم أن ما ينفق على اخواننا المسلمين في الخارج قليل ولكن مفعوله كبير وهذا واجب علينا برباط الإسلام الذي يربط بيننا وبينهم فمن لهؤلاء بعد المملكة في النكبات والنوازل التي يتعرضون لها ولعلنا نرزق بهذا القليل وبأولئك الضعفاء من المسلمين وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم».
خامساً: ما طلبه ابن الوطن بتخصيص جزء مما لدى الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم لدعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم التي تعاني من نقص الموارد المالية فأقول بأن ميزانية الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم لا تصل إلى 1% من ميزانيات جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، بل إن ميزانية الهيئة العالمية لا تصل إلى نصف ميزانية جمعية خيرية بمدينة من مدن المملكة وهي هيئة ناشئة لم يتجاوز عمرها ثلاث سنوات ثم إن كثيراً من المتبرعين الذين يدعمون الهيئة هم أنفسهم الذين يدعمون الجمعيات الخيرية بالداخل وهم على إدراك كم يدفعون في الداخل وكم يدفعون في الخارج اضافة إلى أن الأحداث الأخيرة وجهت أكثر المتبرعين بالتبرع للداخل فالهيئة العالمية والهيئات الدولية الأخرى هي التي تعاني من نقص الموارد المالية ثم إن عمل الهيئة العالمية يتكامل مع عمل الجمعيات الداخلية ولا يتزاحم معها.
سادساً: بحمد الله تعالى فإن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تولت تعليم وتحفيظ كتاب الله تعالى داخل المملكة من خلال حلقاتها المنتشرة في جميع المدن، إذن من لهؤلاء أبناء المسلمين في الخارج لتحفيظهم وتدريسهم كتاب الله تعالى الذي هو دستور أمتنا الإسلامية ومستقبل هذه الأمة، فإن الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم هي الجهة الوحيدة التي تقوم بهذا العمل الجليل الذي فيه النفع لأبنائنا وأمتنا الإسلامية، ولمن نترك هذه المهمة ونحن دولة الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ودولة الشريعة.ومع ذلك فإن الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم قد ساهمت خلال الثلاث سنوات بدعم بعض الجمعيات الخيرية المحلية والتي تقدمت بطلب بالدعم خاصة من القرى والأرياف ومن حرص الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم على خدمة كتاب الله تعالى داخل المملكة وخارجها فقد رفعت خطاباً - قبل شهر رمضان المبارك - إلى الجهات المختصة تطلب التنسيق في عملها بالداخل ونحن في انتظار ذلك.
سابعاً: إن ما ذكره ابن الوطن - ونحن كلنا أبناء للوطن وحريصون على مكانته ونجاحه - بقوله: «وبذلك تكون الهيئة قد حققت أهدافها في داخل المملكة وخارجها بدلاً من أن يكون خير بلادنا لغيرنا، فأقول هل أصبح اخواننا المسلمين غيرنا وما معنى قوله تعالى {)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً }.
وأهمس في أذن أخي ابن الوطن.. هل كل ما يصرف في داخل الوطن كما تفضلت سيكون لخير الوطن أم أن كثيراً مما يصرف في داخل الوطن يخرج لخارج الوطن دون أن يستفيد منه الوطن والمواطن ولا حتى لتقوية سمعته ومكانته.
اسأل الله عز وجل أن يبصرنا بما نقول وأن يلهمنا التخطيط السليم والتصرف الحكيم وأن لا يجعلنا من الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن «ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرم فقد عرض تلك النعمة للزوال».والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل

د. عبدالله بن علي بصفر/الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن برابطة العالم الإسلامي

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved