السعادة هي صناعة وممارسة قد يجدها الانسان في عمل بسيط او قد يصنعها في انجاز كبير.. وأن الايمان هو الذي يجلب السعادة ويطمئن القلب ويريح النفس وحياة الايمان هي حياة السعادة.
هذا فيما يبدو لي ملخص مقالتي «صناعة السعادة.. والسعادة والايمان» اللتين نشرتا على صفحة هذه الجريدة في يومي الاحد 16/8 و23/8/1424هـ للشيخ المفكر سليمان بن فهد العوده.
وتفاعلاً مع هذا الطرح الهادف احببت ان اقدم رؤيتي البسيطة حول هذه الفكرة «السعادة» لو كانت السعادة موجودة في منطقة او في مكان ما.. من شد رحاله نحوها عاش مسعدا فيها لتحركت الدول وتجيشت الأمم للوصول اليها والحصول عليها.. لكن السعادة ليست كذلك السعادة لا تستأجر ولا تجدها في تغيير المسكن ولا تأتي مع السيارة الفارهة 2003، السعادة لاتتجسد في الاشياء ولا تسكن الاماكن، السعادة قناعة وحالة من الشعور الحي بالرضا والتعايش براحة وطمأنينة مع اشيائنا واعمالنا وأفكارنا.
السعادة يوجدها ويصنعها الانسان ويصطحبها معه في مشواره الحياتي.. لكن هل هناك اجابة للسؤال القلق: من اين الطريق الى السعادة؟ او بصيغة اخرى.. كيف الحصول على السعادة؟
الاجابة في تصوري تكمن في القضاء على اسباب التعاسة الاساسية وعندما نقضي على هذه الاسباب فنحن نقترب من السعادة ونسير في طريقها وماهي الا مسافة بسيطة ثم نعيشها.. ومن هذه الاسباب ما يأتي:
1- ضعف الإيمان
لو حزت على الدنيا بكل ما فيها من متع ونعيم لن تصل وتحصل على السعادة الحقة وأنت بعيد عن الدين ضعيف الايمان، فالايمان هو الذي يرطب ويغذي نفس الانسان ويمنع الجفاف الدنيوي المادي من التسرب اليها وإماتتها، فالإيمان هو الذي يضمن للانسان التوازن الحياتي ويحيل وحشته الى طمأنينة كما يقول ابن القيم رحمه الله «ان في القلب لوحشة لا يملؤها الا الانس بالله» وكلنا يعرف دايل كرنيجي صاحب الكتاب الشهير «دع القلق وابدأ الحياة» ومن قرأ كتب هذا الرجل واطروحاته حول النفس تصور انه من اسعد الناس.. لكن ماذا كانت النهاية.. كانت حقيقة مؤسفة.. انتحر دايل لجفاف دواخله من الايمان الصادق ومن الانس بالله.. ولذلك عندما وضع احد النصارى كتاب «دع القلق..» تحت وسادة الشيخ السعدي -رحمه الله- وهو على فراش مرضه اخذه- رحمه الله- وقرأه وألف كتابه الصغير في حجمه الكبير في مضمونه «الوسائل المفيدة للحياة السعيدة».
عندما يؤمن الانسان بالله ويستقيم تضيء دواخله وتستقر نفسه ويبتسم ويشرق وجهه، وفي المقابل عندما تجف دواخله ويبتعد عنها الايمان يضيق صدره ويجعل الله معيشته ضنكا ويقيض له شيطانا فهو له قرين.. هذه النفس سر الهي وساحل عميق لا يستطيعه ولا يقف عليه البشر الضعفاء البسطاء.. ولذا كل من حاول التعمق في هذه النفس كانت نهايته مؤسفة، فكارنيجي صاحب المراكز الدراسية والمعاهد المتخصصة بالنفس مات منتحرا، والعالم النفسي الغربي الآخر الذي درس ظاهرة الانتحار ووضع نظرية للانتحار هو في النهاية مات منتحرا.. اذ غذاء وراحة وطمأنينة وسعادة هذه النفس هو هذا الدين والشريعة السمحة التي أنعم الله بها علينا..
2- المصائب والمشاكل والتجارب الفاشلة التي تمر على الانسان ويطيل التفكير فيها والدوران حولها والشعور بالحزن والاسى تجاهها او ما يسميه علماء النفس بعقدة «الشعور بالذنب» وما يفكك هذه العقدة ويزيل كل التفكيرات حولها هو التزوّد من الايمان والتوكل على الله حق التوكل وتفويض الامور كلها اليه والتسليم له..
3- الاشفاق على الذات ومحاولة استدرار عطف الآخرين، فكل ما ابتسم وعاش لحظات من السعادة سرعان ما اوحى اليه اعتقاده بأن هذا يبعد عنه تعاطف الآخرين وخاصة القريبين من الشخص..
4- الحسد وهذا هو الذي يحرق الانسان ويدمر نفسه ويجعلها دائما متضجرة متضايقة يجثم عليها الاكتئاب والقلق، ولذلك شدد ديننا الحنيف عليه وحذَّر منه لأنه كما قال عليه الصلاة والسلام يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فاذا وجد الحاسد من هو افضل منه في الملبس والمسكن وفي سائر الامور الدنيوية تجده يشعر بالسخط والكآبة لافتقاره الى ذلك.. وأحياناً قد يزداد غليان الحسد في صدر الحاسد فيسلط الاشعة المحرقة عن طريق العين ولكن لا تؤذي المحسود إلا بإذن الله.
5- الانانية او ما يسمى بحب الذات وهو ان يأخذ الانسان دون ان يعطي، والمزيد من العطاء يجلب المزيد من الاخذ.
6- الجبن..
7- القلق..
وكل هذه الامور تذوب وتزول بالايمان الصادق بالله.. أسأل الله العلي القدير ان يجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة..
خالد عبدالعزيز الحمادا
|