Sunday 23rd november,2003 11378العدد الأحد 28 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الغلظة ليست من صفات المسلم الغلظة ليست من صفات المسلم
حمد عبدالرحمن المانع/ شركة اليمني للسيارات/الرياض

التسامح، هذه الكلمة المفعمة بالحب والود والوئام، لا تغادر مخيلة المسلم بحال من الأحوال لأن الإسلام دين التسامح، ويتضح هذا جلياً من تعاليم هذا الدين الخالد، والخالق تبارك وتعالى، وهو العدل سبحانه وأحكم الحاكمين، ويغفر الذنوب، وباب التوبة مفتوح للخطائين، بل يبدل الله سيئاتهم إلى حسنات، فأي تسامح اجل وأكرم لمن يتيح للعبد مراجعة أخطائه، والاستغفار من الذنوب، فتجد المسلم يستغفر الله كثيرا طالباً من المولى عز وجل العفو والسماح، لما قد تجاوزه من قول أو عمل، أو حتى تفكير يدور في خلجات النفس ويغوص في أعمال الفكر ويعجز الذهن عن صده، أما غفلة أو سهواً، لاسيما وأن هناك من يتربص بالإنسان ليوقعه في المهالك وهو الشيطان اللعين، لذا تجد المسلم لا يزال لسانه مرتبطا بالاستغفار طالبا العفو والمغفرة كلما جنح الفكر وشط الفؤاد.
* يا ألهي ما أكرمك وما أعدلك تغفر لعبدك الذي كان بالأمس يتطاول على كلامك ويتجاوز تعاليمك، يا إلهي ما أعدلك وأنت تتيح للمسيء أن يعود طالبا غفرانك وأرواح العباد بين إصبعيك تقلبها كيف تشاء وتستطيع ان تعجل بالعقوبة لكل من اخطأ في طرفة عين، لكن رحمتك واسعة وأنت سبحانك من خلقهم وأنك سبحانك من سيعيدهم، اللهم لا تحرمنا عفوك ورضاك، اللهم تجاوز عن سيئاتنا وأنت سبحانك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، واجعلنا على هدي نبيك المصطفى سائرين غير ضالين ولا مضلين، رسول الهدى بأبي هو وأمي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم ها هو يضرب أروع الأمثلة في مكارم الأخلاق والتسامح واللين والرفق، فقصة المرأة التي دخلت النار في هرة لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، وكذلك قصة المرأة التي في المدينة وأصابت حدا من حدود الله وتقدم الى النبي عليه الصلاة والتسليم طالبة أن يطهرها فيميل بوجهه يمينا وتلح عليه ولم يبرح عليه الصلاة والسلام يميل بوجهه عنها ليمنحها الحياة وهي قد تابت الى الله وأنابت، وقصة اليهودي جار النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يؤذيه فلما فقده عليه أفضل السلام زاره في بيته، وقصة الإعرابي الذي بال في المسجد فأمر عليه أفضل الصلاة والسلام أصحابه بأن لا يعنفوه وأن يريقوا على بوله ماء. والأمثلة على ذلك كثيرة ولا تحصى عن مناقب رسول الهدى واتسامه بالرفق والسماحة. وورد في الحديث الشريف (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). فإذا كان العزيز الجبار خالق السموات والأرض يغفر الذنب لعبده، ورسوله المختار يحسن لمن يسيء إليه، فما بالنا ونحن نغوص في بحر من الغلظة، وتتوارى هذه القيم النبيلة والتي يكسوها الحب من كل جانب ويزيدها الوئام التصاقا مع ما تتوق اليه النفس البشرية من قناعات تحلق بها في رفعة شأن وعلو قدر وسمو روح. والغلظة ليست من صفات المؤمن قال تعالى: { فَبِمَا رَحمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُم وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلبِ لَانفَضُّوا مِن حَولِكَ } آل عمران: 159*، وقال تعالى: { )ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ } النحل: 125*. والشواهد على سماحة دين الاسلام الخالد كثيرة، وقد يركن من يضمر الشر لهذا الدين وأهله إلى اتباع أساليبب مريبة وسلوك ينافي الفطرة السليمة، ومن ذلك أسلوب الاستفزاز وأعداء الدين حينما يمارسون هذا الأسلوب بمعزل عن التقصي وتحري الدقة والصدق فإنهم يقصدون ذلك لكي يستخلصوا ويستنبطوا الجانب السيىء من ردود الأفعال في انتقائية بغيضة وحيلة رديئة، وبالتالي تضخيمها وطرحها للرأي العام وإلصاقها بهذا الدين {وّيّمًكٍرٍونّ وّيّمًكٍرٍ الله وّاللَّهٍ خّيًرٍ ال بهذه الطريقة الفجة، وكون البعض يحيد عن جادة الصواب إما جهلاً أو عمدا فإنه ليس مقياسا لتغيب الحقائق وتتوارى خلف أسوار التضليل، ولئن كانت كهناك قلة أساءت لدينها فإن هناك الكثير ممن عكسوا الصورة الحقيقية بفهم وتعمق بالغين بتعاليم هذا الدين والاتصاف به مظهرا ومخبرا وسلوكا رفيعا متسما باللين والرفق والسماحة والأمانة والصدق، وما دخول الملايين في اكبر دولة إسلامية أفواجا بهذا الدين الخالد إلا خير دليل على ذلك.
من هنا فإن على المسلم أن يتقيد بتعاليم الدين الحنيف ويساهم في نشر هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، ومعلوم ما للكلمة الطيبة من أثر بالغ على المتلقي (والكلمة الطيبة صدقة)، والغلظة في القول أو العمل لم تكن قط وسيلة مناسبة للإقناع والتأثير، بل إنها أقرب من ذلك إلى التنفير، وتعطي انطباعا مغايرا لسماحة هذا الدين، اسأل الله بأن يكون الرفق واللين والتسامح ما نتسم به في أقوالنا وأعمالنا، امتثالاً لتعاليم دين الإسلام الخالد وتأسيا بصفوة الخلق نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم. وتقبلوا تحياتي.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved