Sunday 23rd november,2003 11378العدد الأحد 28 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لا حوار مع أشياخ التطرُّف والإرهاب بل إقصاء حتى يثبت تراجعهم لا حوار مع أشياخ التطرُّف والإرهاب بل إقصاء حتى يثبت تراجعهم

تغيرات وانقلابات في الخطاب الديني أعقبت تفجيرات مجمع المحيا السكني في الرياض ليلة الخامس عشر من رمضان، فإذ بنا نسمع أكثر ونقرأ أكثر ممن وعمن يتتبعون دوافع من قام بتلك التفجيرات، ويحللون ظروفها وأسبابها التي شرخت مجتمعنا الاسلامي الآمن زارعة فيه فئة ارهابية تعتنق التطرف منهجاً في الدعوة، وتتنكب العنف اتجاهاً في الاصلاح، فالمتابع للحوارات التلفازية والكتابات الصحفية ولخطب الجمع التالية للحدث وللقصائد المنشورة أعقابه سيرى من أبناء هذا الوطن مستنكرين وشاجبين ومحللين ومستكشفين وكاشفين لهذا المنهج ولذلك المسار موضحين خلله وانحرافه وسمات أصحابه وخصائصهم النفسية وأقدار ثقافاتهم الدينية والاجتماعية ودرجاتهم في العلم الشرعي وفي الفتوى، متناولين موقف المجتمع بأطيافه قبل وبعد التفجيرات وسيجد من يلومه على تنامي هذا التيار في غفلة من مثقفي الوطن وأصحاب الفكر فيه، بل ومن ينادي بحوار مع أصحاب هذا التوجُّه من أشياخه ومقاتليه لمدعي الجهاد.
دعاة وصحفيون، كتَّاب وشعراء، خطباء ووعاظ، وجوه وأسماء معروفة، وأخرى أظهرها الحدث، أمر جميل أن ينبري كل أولئك للدفاع عن وطنهم ومكتسباته، ولكني وغيري نرى من بينهم من عرف بأدوار واضحة فيما حدث من خلال خطبهم، وكتاباتهم ومطوياتهم وأشعارهم الدافعة بأولئك المغرر بهم في طريق التطرف في الدعوة وفي طريق الإرهاب في التغيير، فذاكرة المجتمع لم تنس أولئك، فإن تراجع بعضهم عما كانوا فيه سبباً فليعلنوها تراجعاً وتوبة وليسحبوا من الأسواق ومن البيوت انتاجهم الفكري الإرهابي وليصححوه في الأذهان، هذا ما ينبغي عليهم فلا يكفينا كمواطنين تضرروا سابقا في وظائفهم وأعمالهم وتعليمهم من تكفيرهم لبعض وعلمنتهم لآخرين ولاحقاً من افتقادنا الأمن والاستقرار هذا إذا لم يكن فوقه إزهاق أرواح أطفالنا ونسائنا وشيوخنا والعاملين معنا من إخوة عرب ومسلمين وغيرهم وتدمير ممتلكاتنا الخاصة والعامة، فإن كانوا يسايرون الظروف ويهادنون المجتمع والدولة إلى أن يحين منهما ضعف أمني وهم بذلك قد أسرُّوا لأتباعهم عما يمكن أن يحدث منهم لكي لا يفسروه تراجعاً ونكوصاً فإن ذلك أشدُّ من استمرارهم بأدوارهم، ففوق أدوارهم المتطرفة واتجاهاتهم نحو العنف فهم يخادعوننا الآن بذلك.
لم يكن جميع أفراد المجتمع غافلين عما كان يدبر ويخطط الإرهابيون وأشياخهم بل كانت هناك فئة يقظة حاولت الحيلولة دون ذلك واجتهدت في كشفهم فوصموا نتيجة لمحاولاتهم بالعلمانية تارة وبالتكفير أخرى وحوربوا في أعمالهم ووظائفهم وتعليمهم، كما أننا نعرف في المجتمع من كانت لهم أدوار في التأجيج للعنف وإسهامات في دفع هذا التوجه المتطرف، ومشاركات في التحريض على ذلك كله، فئة لزمت بعد الأحداث الأخيرة الصمت فلم يستنكروا ما حدث من إرهاب وتفجيرات واكتفوا بالحديث عن فضل رمضان وفضل العشر الأواخر، أولئك لا يقلون خطراً عمن شجبوا واستنكروا وهم ما زالوا مناصرين في دخيلتهم لكنهم مهادنون بسبب الظرف منتظرين ظرفاً أنسب للعودة مبقين على إسهاماتهم الفكرية في الأسواق والمحلات والأذهان.
أولئك المهادنون والصامتون ما زال منهجهم الدعوي الذي تحمله تسجيلاتهم ومطوياتهم وكتيباتهم المكفرة بعضاً والمعلنة آخرين تؤجج بعض المواقف وتثير الحماسة في أتباعها، وما زالت اختراقاتهم لنظامنا التعليمي والتربوي قائمة ففي هذا العام 1424هـ نشر وانتشر كتيب بعنوان «55 طريقة لنشر الخير في المدارس» يكشف ذلك من خلال ما يبثونه في الطلاب ومن خلال ما يقدمونه من بدائل للمناهج، وما زال كل ذلك يمارس ويوزع ويتناقل ويباع في محلات الكتيبات والتسجيلات الاسلامية، فلماذا لا يسحب المدعون تراجعهم ذلك ويتلفونه؟ ولماذا محلات بيع أوعية هذا الانتاج الفكري المتطرف ونشره ما زالت تمارس نشاطاتها؟ بل إني لا أشك في أن هناك محلات أخفت عن الأنظار ما لديها من هذا الانتاج لتوزيعه سراً أو لأنها تؤمل عودة المسار السابق.
ومما يستغرب منه أولئك الذين يدعون على النصارى واليهود والعلمانيين والغرب والشرق ولا يدعون على المجرمين والإرهابيين وأشياخهم وقادتهم، أولئك الذين يدعون لأفغانستان والشيشان والفلبين ولا يدعون لوطنهم وبلادهم ومواطنيهم، فهل أولئك لم يسمعوا بما حدث؟. أم أنها محفوظات مقدسة جملها السجع فلا تغيرها الأحداث، بل ومما يثير الحسرة أن تجارب دول أخرى مع هذا الفكر وهذا التوجه وما وصلت اليه من انعدام الأمن وقتل الأبرياء وتهديم المنازل وتفجير المنشآت وغيرها من أعمال إرهابية كل ذلك ولم نستفد من أخطائهم في تلافيها ولم نتدارك هذا المنهج الارهابي في بدايته.
وبرغم ما حدث وما انكشف فهناك من ينادي بالحوار مع أصحاب هذا الفكر المتطرف وهذا المسار المنحرف برغم وضوح الموقف الرسمي والشعبي الرافض لذلك فهؤلاء فئة كان خطابهم الديني وقود هذه التفجيرات وطاقة هذا المسار، بل ويطرحون شروط الحوار ليدللوا لاتباعهم أنهم ما زالوا على الطريق وأنهم عازمون على الخروج المؤقت من المعركة ببعض الغنائم وأنهم سيجدون أساليب للعودة إلى الساحة، بل إني أرى كما أشار وألمح كثيرون ممن كتبوا عن الحوار وكأنما ذلك الذي ينادي بالحوار يهدد بأتباعه من المتطرفين والإرهابيين الوطن والمواطنين، أولئك فئة لا تقل خطراً عمَّن التزم الصمت أو من شجب واستنكر وما زال في دخيلته مؤيداً.

د. عبدالرحمن بن عبدالله الواصل
عنيزة ص.ب 789

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved