Sunday 23rd november,2003 11378العدد الأحد 28 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل ظهر جهيمان مرة أخرى؟ هل ظهر جهيمان مرة أخرى؟
د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

قبل أربعة وعشرين عاماً، تعرضت أطهر بقعة على وجه الأرض، أرض الحرم المكي الشريف، لاعتداء سافر على يد جهيمان وعدد من الشباب المغرر بهم.
كنا جميعاً نعلم أن تلك المجموعة المارقة قد لبست عباءة الدين لتحقيق أغراض لا تمت للدين بصلة، فكيف يكون لتلك الزمرة غايات دينية وقد أدى جرمها المشين لتعطيل الصلاة في الحرم لأول مرة في التاريخ، وبحمد من الله وفضله طويت تلك الصفحة السوداء بعد القضاء على تلك الزمرة الفاسدة، ولكن هكذا كان اعتقادنا.
فبعد أربعة وعشرين عاماً ظهرت لنا فئة جديدة من شبابنا ممن يلبسون عباءة الدين ويمارسون القتل والإرهاب في أبشع صوره دون وجود أي مبرر لتلك التصرفات الرعناء والقتل العشوائي للأبرياء من النساء والأطفال. قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }.
نعم.. اليوم يتكرر هذا الفكر الدخيل على مجتمعنا وكأننا نسينا جهيمان وفعلته النكراء، في ظني أن جهيمان وما نشهده من خلايا إرهابية نشطت بعد سبات طويل، هما وجهان لعملة واحدة، عملة إرهابها واحد وغايتها واحدة، ولذا فإن التعامل مع هذا الحدث المروع يستوجب البحث عن أوجه الشبه بين جهيمان القديم ومجموعة الجهيمانيين التي ظهرت علينا مؤخراً.
إن أصحاب هذا الفكر الإرهابي ينطلقون من مبدأ أحادية التفكير وعدم قبول الآخر، لذا فهم يلجؤون إلى العنف والقوة والإرهاب مع كل من لا يتفق معهم في الرأي وذلك بدلاً من الحوار ومقارعة الحجة بالحجة، وما من شك أن هذا الفكر التصادمي قد تسرب إلى مجموعة من أصحاب العقول الضعيفة من شباب الوطن من خلال عدد من القنوات.
إن تصحيح هذا الفكر وحماية الشباب منه حاضراً ومستقبلاً هي مسؤولية تشترك فيها عدد من الجهات ذات العلاقة، فالجهاز الإعلامي عليه مسؤولية كبيرة في توجيه مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فتلك الوسائل الإعلامية مطالبة بتبني لغة الحوار والمنطق والوسطية في كل الأمور، حيث إن التطرف للفكرة في أي مجال هو تغذية للفكر التطرفي عند الشباب.
كما أن الأجهزة التعليمية والأكاديمية مطالبة بتوعية الشباب في سن مبكر بأهمية قبول الآخر واحترام آراء الغير، وتعليمهم كذلك أساسيات آداب الحوار. كما يقع على عاتق وزارة الشؤون الإسلامية دور هام من خلال الوضع المناسب من الأئمة والخطباء والدعاة القادرين على التأثير الإيجابي على فكر النشء، وإبعاد كل من يتعاطف مع تلك الفئات الإرهابية الضالة. وقبل ذلك كله فإن المسؤولية الأولى تظل مسؤولية البيت، حيث يقع على الوالدين مسؤولية التربية السليمة لأبنائهم، تلك التربية التي تستند على المفاهيم الإسلامية الصحيحة التي ترتكز على حب الغير ونبذ الفرقة وتقبل آراء الآخرين ومحاورتهم بعيداً عن التعصب والغلو.
لقد حمى الله سبحانه وتعالى الوطن من شرور جهيمان الأول لأنه اقتحم حرم الله بسلاحه وعتاده، وقد تم القضاء عليه وزمرته بعد معركة طويلة بين الخير والشر، ولكن الجهيمانيين الجدد منتشرون في شكل خلايا رعب وإرهاب في بقاع متفرقة من أرجاء الوطن الغالي وهنا مكمن الخطورة ولكن ثقتنا في الجهات الأمنية وتأكيدنا بأننا سنكون جميعاً رجال أمن نعمل يداً بيد مع الأجهزة الرسمية للكشف عن تلك الخلايا الفاسدة والقضاء عليها.
ولا نملك في هذا الشهر الفضيل إلا أن نطلب من الجميع أن يبتهلوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء لهذا الوطن الغالي في محنته قائلين: اللهم من أراد بلادنا وأهلنا بسوء فأشغله في نفسه واجعل دائرة السوء عليه، واحم بلادنا من كل شر، إنه على كل شيء قدير، اللهم آمين.
عجبي
عجبي ممن يطالب بفتح باب الحوار مع أشخاص إرهابيين أرهقوا الأرواح وروعوا الأنفس ومسوا أمن هذا الوطن.
في ظني أن العقاب يجب أن يطول كل من شارك في تلك الأعمال الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر، أما فتح المجال للحوار فيجب أن يكون مع من لديه فكر قابل للحوار لا للإرهاب.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved