* الدمام - ظافر الدوسري:
في هذا الشهر الفضيل يبدأ المسلمون الاستعداد وتحضير أنفسهم وأهليهم لأداء العمرة التي كما أوصى بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي ليست كباقي السنن، ففيها يترك الناس ديارهم ويسافرون للبيت العتيق مصطحبين معهم زادهم وأولادهم الذين لم يبلغوا سن التكليف، وكذلك كبار السن الذين يتخذ بعضهم هذه العمرة باباً للموت وحسن الخاتمة وذلك بسبب العواطف الدفينة داخل أنفسهم بأن تكون نهايتهم المحتومة في الأراضي المطهرة وهم مدركون في حقيقة نفوسهم عدم قدرتهم الصحية على أداء هذه السنة، وهذا يكاد يكون مشاعاً لدى الكثير من الجاليات المسلمة من مختلف دول العالم.. مما يستدعي النظر في أداء العمرة لكبار السن والأطفال الذين لم يبلغوا سن التكليف في ظل هذا الزحام الشديد الذي تشهده أرض الحرمين الشريفين من أجل حفظ سلامتهم في أوطانهم وبيوتهم.
كبار السن يفضلون الموت في رمضان
في هذا الصدد يتناول فضيلة الشيخ الداعلية عايش العنزي أداء العمرة للمسنين ورغبتهم في الموت وحسن الخاتمة في الأراضي المقدسة وخطرهم على باقي المسلمين إذ يقول:
أولاً أنا لا أعترض مطلقاً على أن يؤدي المعتمر المسن عمرته التي فيها اتباع لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لكن أقول إن اللافت للنظر ما يضمره بعض المعتمرين المسنين في أعماقهم ويعبرون عنه بألسنتهم أحياناً في اللقاءات التلفزيونية المصورة وفي المجالس حين يقول أحدهم «أمنيتي أن أموت في الأراضي الطاهرة» أو يقول «خلاص أنا كبير في السن ومريض وعارف أن الموت النهاية المحتومة وأسأل الله أن يجعل خاتمة أيامي على أرضه الطاهرة».
ومثل هذا الكلام الطيب المؤثر في النفوس يحرك العواطف الإنسانية الدفينة فتصبح اللغة لغة العواطف مما لا يدع مجالاً للتفكير الجاد.. خاصة أن بعض المعتمرين يدركون عدم قدرتهم على القيام بواجبات العمرة وأركانها ويدركون خطر المشقة على حياتهم ومع ذلك يأتون لمكة وفي قرارة نفوسهم وقناعة عقولهم الاستعداد للموت في عمرة رمضان أكثر مما هو استعداد للطاعة وأداء هذه السنة طلباً لحسن الخاتمة على الأرض الطاهرة وفي موسم عمرة رمضان التي تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مدركون للخطر ويصرون على العمرة
وأردف يقول فضيلته:
إن غياب الوعي عن هذه الحقائق لعدد من المعتمرين في مظنة أن العناء واجب في طلب حسن الخاتمة على الأراضي الطاهرة وليس أفضل عندهم من الموت في مكة، فيأتون وهم مدركون عدم قدرتهم على العمرة في هذا الوقت وعدم استطاعتهم للقيام بواجبات العمرة ومدركون أيضاً للخطورة الصحية التي تحف بهم، ومع ذلك لا يحجمون على اعتبار أنه إذا كان ولا بد من نهاية المطاف فلتكن على الأراضي الطاهرة خاصة في هذا الموسم أي أن جاهزيتهم للموت أقوى وأكبر من جاهزيتهم للمشقة والقدرة على الوفاء بما تتطلبه العمرة في رمضان خاصة ويبطنون ما يظهرونه صراحة أن الموت غايتهم إذا كانوا في العمرة لذا لا يترددون في اقتحام الصفوف ولا يتراجعون عن مزاحمة الأكتاف ولا يمتنعون عن المشي الكثير هناك مهما كانت المشقة ومهما كان العناء ومهما كان التعب ومهما كانت النتيجة من سقوط أو موت..
وعلى ضوء هذه الأفكار تحدث الوفيات في موسم رمضان الكريم وتتصاعد الأرقام التي لا يدرك البعيدون عن الساحة أن معظم الوفيات تحدث لكبار السن المرضى أو العاجزين.. ولا تحدث عن خلل في أمن أو تقصير في رعاية مخلصة.. ومع ذلك لا نلوم حدوث الوفيات إنما نلوم انتشار مثل هذه الأفكار بين المعتمرين حتى باتت مسلسلاً لا يصح المساس بها ولا يمكن التنازل عنها!!
وإذا كانت هذه الأفكار تمس بعض المعتمرين فهي أيضاً قبل ذلك تمس جوهر الإسلام الرافض لرمي الأنفس في التهلكة والرافض للمخاطرة بالأرواح. فهل يصح أن تعشعش هذه المعتقدات بين بعض المسلمين مع وجود علماء أجلاء في كل بلد إسلامي يصدح فيه الأذان الله أكبر.
حماية جوهر الإسلام
واختتم مشاركته بالقول:
الملاحظ أن جهود البلاد الإسلامية في توعية مواطنيها مازالت ضعيفة، فالقضية ليست بالكم ولا بالعدد ولا تتوقف عند التنافس بالكثرة من الأعداد إنما القضية الأهم أن يتفهم المعتمر دينه على حقيقته والعمرة على حقيقتها، فالقضية حماية جوهر الإسلام من الشوائب والدعوة إليه بما ينهض بالوعي العام خاصة في مناسبة عزيزة في رمضان الكريم.
لذا يطالب بعمل لقاءات مع العلماء والمشايخ الأفاضل تركز على كيفية أداء العمرة وأركانها وكذلك تركز على سلامة عقيدة المعتمر وتطهره من الشوائب التي تمس نقاء دينه، فلا يأتي للعمرة طلباً للموت ولا يتقدم إلى موسم الطاعة ليعمل فيه معصية، وليناقش العلماء كذلك حضور المسن إلى العمرة وشروط حضوره ومناقشة فكرة طلب حسن الخاتمة أعني الموت في الأراضي المقدسة.
كل هذه اللقاءات سوف تقف بجانب المسنين وينبغي أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم تحت أطر عواطفهم وأهوائهم غير المنضبطة شرعاً.
|