Saturday 22nd november,2003 11377العدد السبت 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رمضانيات رمضانيات

الزمازمة تراث في مكة لم تلغه التقنيات الحديثة
* إعداد - وسيلة محمود الحلبي:
تميزت مكة المكرمة بشرف وجود أول بيت وضع للناس ومن هذا المنطلق كان لأهل مكة شرف الرفادة وسقاية الحاج وسدانة البيت الحرام ومن المهن التي كان يتميز بها أهل مكة وما زالوا مهنة (السقاية) ويطلق على المنتمين لهذه المهنة حالياً اسم (الزمازمة) فرغم التطور التكنولوجي الذي يشهده المسجد الحرام في استخراج ماء زمزم وتبريده وتخزينه بأحدث الطرق إلا أن (مهنة الزمازمة) لا تزال تمثل رمزاً ساطعاً يحكي تاريخ هذه المهنة وعراقتها، فمازال الزمازمة إلى الآن يستقبلون الزوار والمعتمرين ضيوف الرحمن بشربة من ماء زمزم حتى ان المثل الدارج يقول( شربة من ماء زمزم وسقاني.. شربة من ماء زمزم ورواني).
وقد ساهمت وزارة الحج بدور فعال في احياء هذه المهنة وكذلك الاسر المتبقية من بيت الزمازمة وهم ابناء المرحوم (سليمان بيطار وأبناء الزمزمي الكبير حسن مطر، وأبناء المرحوم عبدالله الدويري والشيخ صالح أبو غلية واللواء متقاعد صالح فاضل).
وهذه الأسماء تعتبر من أشهر الأسر والأسماء المعروفة في مهنة الزمازمة وقد توارثوها جيلاً عن جيل ومازال الأبناء يعملون بها إلى الآن.
يقول معتوق أكبر أبناء المرحوم سليمان بيطار: إن والده علمهم المهنة منذ كانوا أطفالاً صغاراً حيث كانت له سجادة في حصوة باب الملك عبدالعزيز ولم تكن هناك برادات مثل الآن فقد كانت (الأزيار) تعبأ منذ الصباح الباكر وكذلك الدوارق وتترك في (الخلوة) وهي عبارة عن غرف في بدروم المسجد الحرام مخصصة للزمازمة حيث يضعون فيها جميع احتياجاتهم وأمتعتهم، وفي شهر رمضان المبارك كانت الدوارق تترك إلى ما بعد صلاة العصر ثم تنقل إلى حصوة المسجد الحرام والأروقة وتوزع على أماكن مختلفة يفطر بها الصائمون. وكان أهل الخير من أبناء مكة المكرمة والأمراء والتجار يتحملون نفقات سقيا الصائمين والزوار داخل الحرم.
وكان الزمازمة يقومون بتجهيز ماء زمزم (بالمستكة) وذلك داخل الأزيار، وكان يتم التبخير بوضع المبخرة بالحجر داخل الزير تماماً ثم يعبأ بماء زمزم ويغطى بالشاش لمدة يوم أو نصف يوم، وبعد ذلك يصبح له مذاق خاص وطعم مميز.
وإن مهنة الزمازمة تكاد تنقرض لولا الدعم الذي حظيت به من معالي وزير الحج والأوقاف السابق الاستاذ عبدالوهاب عبدالواسع ومن تبعه من وزراء.
أما لباس الزمزمي فمتميز حيث يضع العمامة على رأسه ويربط وسطه (بالغبانة) ويضع (المصنف) على كتفه بالاضافة إلى وجود (عدة) الزمازمة العاملة من شراب ودوارق ومراقع ومباخر وكاسات. ولكل زمزمي موقع بالحصوة يضع فيها سجادته والشراب والدوارق الخاصة به ولا يأتي وقت العصر إلا وقد أكمل رص الدوارق والشراب حيث يقوم بتوزيعها داخل أروقة الحرم.
وللعلم فان بعض أهالي مكة المكرمة لا يزالون إلى الآن متمسكين بالعادات والتقاليد القديمة ويبحثون عن ماء زمزم المبخر بالمستكة ولا يشربونه إلا من أيدي الزمازمة الذين يقومون بتجهيزه بالطريقة التقليدية القديمة بواسطة الأزيار.
ويعترف الزمامة بضرورة المحافظة على تراث هذه المهنة العظيمة التي بدأت تنقرض وذلك للامكانات الكبيرة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله- للحفاظ على ماء زمزم وتوزيعها بالطرق الحديثة ووجود الترامس الكثيرة العدد في المسجد الحرام وهي مملوءة بماء زمزم.
أما المهنة الرئيسة لمكتب الزمازمة الموحد في الوقت الحالي هو تأدية الخدمات المنوطة بأفراد طائفة - الزمازمة والقيام بسقيا الحجاج في مساكنهم وأماكن اقامتهم طوال تواجدهم بمكة المكرمة واستقبالهم في فترة الحج سنويا بمراكز الاستقبال المخصصة من قبل وزارة الحج وتوديعهم في مراكز التفويج وذلك بماء زمزم المبارك وتوزيع عبوات بلاستيكية أيضاً عليهم.
وتبقى لمياه زمزم من يد الزمزمي في رمضان المبارك طعم آخر.. وتبقى الأزيار صورة إلى الآن لم تندثر وتراثاً عريقاً يعتز به أهل مكة المكرمة.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved