Saturday 22nd november,2003 11377العدد السبت 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عماد الخيمة الإسلامية وقلب الأمة العربية عماد الخيمة الإسلامية وقلب الأمة العربية
سمير علي الدرع/مركز الفارابي للدراسات الإعلامية في آسيا الوسطى

لقد ولى زمن سياسات الدفاع عن النفس، وجاء دور السياسات الخارجية الهجومية.
وقد أصبح ضرورياً وحتمياً في هذه الفترة «الشاردة» من تاريخ البشرية، ان يأتي رجال يكونون فيه على مستوى هذا الزمن. فقد جاءنا الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ليفجر موقفاً في السياسة العالمية، وليقلب الطاولة وما عليها من برامج وخطط شيطانية، وليعيد ترتيب الأوراق بنمط لم نعتد عليه منذ زمن بعيد.
وبكل فخر يمكننا ان نسمي بداية هذا القرن «سياسات الجرأة والحكمة»، فمن خلال هذه السياسات ترتفع خيمة الإسلام وينبض تحتها الدم العربي بكل عنفوانه.
لقد فقدنا الأمل وبدأنا نحس وكأن اليأس جزء من مصيرنا، ولكن الزمن يخلق الرجال وفي بعض الأوقات يخلق الرجال الزمن.. وها نحن نشاهد ابن عبدالعزيز وهو يرجع لنا بصيص الأمل الذي فقدناه من خلال كبريائه وجرأته ونظرته الثاقبة، لما ينتظر الأمة ومستقبلها وما يحاك لها من مكائد، فلقد عودنا ان يتكلم بما نفكر به، وان يتصرف كما نتمنى، وان يتحدى كما نرغب، وان يرينا مستقبلنا كما نحلم.
إن الشعوب والدول التي لا تملك قائداً هي شعوب ودول مندثرة وضعيفة وهزيلة. إن المملكة في هذه الأيام العصيبة من تاريخ شعوبنا العربية والإسلامية تملك كل المقومات لأن تكون قائدة لهذه الأمة، ولكن القائد يحتاج إلى رجال يلتفون حوله ليكونوا حصناً له من كل مكروه، وليعززوا القوة والمناعة عنده.
فالمملكة هي القوة الروحية لأكثر من مليار إنسان ينتشرون في كل أصقاع الأرض، ومنها نروتي جميعا بالطاقة الروحية، وذلك من خلال امتلاكها لأقدس ما يملكه المسلمون. فقلوبنا ومشاعرنا وأحاسيسنا ومصيرنا ومستقبلنا كله يصب وينبع من مقدساتنا، فالمسلمون في كل أنحاء الأرض لن يسمحوا بالمساس بذرة تراب من مكة والمدينة، وبالتالي لن يسمحوا بالمساس بحماة هذه الديار العزيزة على قلب كل عربي ومسلم.
المملكة قوة روحية لا نهاية لها، قوة اقتصادية وسياسية، قوة جغرافية، قوة اجتماعية، هي قوة برجالها.
إن زيارة سمو الأمير عبدالله إلى موسكو كانت بمستوى نقطة تحول في توجه السياسات الدولية، وتحديدا في الخارطة السياسية العالمية، سيتم من خلالها إعادة ترتيب البيت السياسي الكلاسيكي للتكلات المستقبلية.
إن العلاقة الاستراتيجية مع روسيا هي ليست انقاضاً للواقع العربي أو السعودي «حسبما يذكره بعض مفكرينا» وإنما هي علاقة استراتيجية حتمية تقتضيها المصلحة المشتركة، وإن هذه الخطوة وبقدر ما نحتاجها كعرب تحتاجها روسيا والشعب الروسي، ولكن يجب ان تكون هذه العلاقة الاستراتيجية وفعلا على المستوى الاستراتيجي وان لا تكون على أساس المصلحة المؤقتة التي تتطلبها هذه المرحلة.
ورغم اننا قد تأخرنا كثيراً في بناء هذه العلاقة مع روسيا، ونتيجة لذلك فقد خسرنا الكثير في هذه البلاد، وذلك من خلال فسح المجال لأعدائنا من الانفراد والتغلغل في هذه الدولة العظمى.. فقد سرقوا منها العلماء والتكنولوجيا والخبرات والاختراعات، وسرقوا الإعلام واستخدموه كسلاح ضدنا «فالاعتراف بالذنب فضيلة».
ولكن بعد ان حصلنا على هذه الخطوة الجريئة، فقد أصبح غير مسموح ان نخسر النجاح لهذه الخطوة، فالأمة التي ينام أهلها في هذا الزمان غير جديرة بالحياة، وبالتالي فما على معاهد دراساتنا الاستراتيجية إلا ان تعمل على مدار الساعة.
فإننا نحتاج إلى مراجعة للذات وتصحيح طريقة تعاملنا مع الواقع، وذلك من خلال تشكيل معاهد «شورى» علمية للدراسات السياسية والاقتصادية والأكاديمية المتخصصة بشؤون مجموعة الدول المستقلة، وذلك لتقديم المشورة لولاة أمورنا حتى نمكنهم من اتخاذ القرارات السليمة، والعمل على تنفيذها.
إن الشعوب الروسية تعاني وليس أقل مما نعاني ومن نفس المصادر الشريرة في هذا العالم، ولذلك فإن هذه الخطوة تلبي المصالح الاستراتيجية الحالية والمستقبلية للطرفين.
لم يتنفس العرب الصعداء وحدهم وإنما يشاركنا الشعب الروسي في ذلك، وحسب المفهوم والمنظور الروسي فإن دخول المملكة في علاقات التقارب مع روسيا يعتبر دعما للقوة الروسية التي بدأت تتهاوى في السنوات الأخيرة لأسباب كلنا يعرفها، فقد كانت الخطوة السعودية ضرورة حتمية لاعطاء نبض القوة من جديد للسياسة الروسية، فالمنفعة مشتركة والأهداف متقاربة والمصير متشابه.
ويجب ان لا ننسى بأننا كعرب نملك رصيدا ضخما لا يستهان به في دعم هذه السياسة الجديدة، متمثلاً في دعم الشعب الروسي الذي يكن للعرب كل محبة وتقدير، وإنني على يقين بأن الشعب الروسي بكاملة وعلى الخصوص المسلمين منهم والذين يتراوح عددهم حوالي 25 مليون نسمة، سيكونون معنا صفا واحدا وعلى يقظة تامة للتصدي لأي محاولة للاساءة أو لتشويه هذه الخطوة الطيبة.
وبحكم معايشتي لشعوب مجموعة الدول المستقلة منذ أكثر من عشرين عاما، ومعرفتي بحياة هذه الشعوب وطريقة تفكيرهم وما آلوا إليه.. فإنني الفت الانظار إلى ان هذه الخطوة الجبارة، ليست إلا خطوة أولى في الطريق الصحيح نحو الاستراتيجية التي نحلم بها، والتي سيتم السعي إليها وتحقيقها «إن شاء الله» ولكن لنعلم بأننا على طريق صعب وشاق، كثيف الأشواك والحفر، والقوى الشيطانية التي تتمركز على هذا الطريق.
إن هذه الخطوة التاريخية تحتاج للمتابعة وليست أي متابعة، إنها رسالة موجهة للساهرين على السياسة الخارجية السعودية، رسالة للزعماء العرب والمسلمين الشرفاء للانخراط والمشاركة الفعالة في دعم واغناء هذه الخطوة بجد واخلاص، رسالة للإعلام العربي الشريف لكي يصحو من سباته ويكون شريكا اساسيا في رسم مستقبل الأمة ومصيرها، رسالة إلى رجال الأعمال العرب والمسلمين ورؤوس اموالهم للانخراط في انجاح هذه الخطوة الجبارة من خلال مشاركتهم الاستثمارية في اقتصاديات هذه الدول، وليكونوا على مستوى المسؤولية وعلى تناغم متبادل مع سياسات قادتهم.
إنها اللبنة الأولى والصحيحة، وما علينا إلا السهر ورصد كل المعيقات والعثرات التي سوف تمارس في الخفاء وفي العلن لاجهاض هذه السياسة، فإن أعداء هذه السياسة في روسيا قليلون ولكنهم موجودون في مراكز حساسة تمكنهم من الاساءة إلى هذه العلاقات. ويجب ان نكون متيقظين لكل ما سيرسم وما سيخطط له. فاللوبي اليهودي في روسيا يتحكم بكثير من المؤثرات وأهمها الاقتصادية والإعلامية.
ولكن بالمثابرة الجادة والمرتكزة على الدراسات العلمية، يمكننا ان نحمي هذه الخطوة الجريئة.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved