Saturday 22nd november,2003 11377العدد السبت 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دراسة في التقرير السنوي للاستثمار العالمي لعام 2003 دراسة في التقرير السنوي للاستثمار العالمي لعام 2003
اتباع سياسة حرية التجارة لا يعتبر كافياً لجذب الاستثمار الأجنبي

* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
أكدت دراسة اقتصادية حديثة على المناخ الجيد والامن للاستثمار في المملكة العربية السعودية وقالت ان السياسات الوطنية الجيدة هي العامل الرئيسي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر مشيرة الى ما شهدته المملكة مؤخرا من فعاليات اقتصادية تظهر ذلك مثل اقامة مهرجان الذهب الكبير واتفاق شركة فرنسية جديدة على الاستثمار في السعودية كذلك افتتاح أول مركز للمعارض والمؤتمرات بمنطقة حائل وقد تناولت الدراسة التي أعدها قطاع سياسات الاستثمار والأوراق المالية بوزارة التجارة الخارجية تحت اشراف رئيسة القطاع نادية عبدالعظيم. شارك في اعدادها رئيس الادارة المركزية لسياسات الاستثمارات جمال عبد العزيز تحليل أوضاع الاستثمار من خلال تحليل التقرير السنوي عن الاستثمار العالمي لعام 2003 وقالت ان الدول تبحث عن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر رغبة في زيادة معدلات النمو والتنمية، حيث يساهم هذا الاستثمار بأصوله الملموسة وغير الملموسة بطريقة مباشرة وغير مباشرة في بناء القدرات والمهارات الوطنية للدولة المضيفة، وقد أدى انخفاض برامج المساعدات الدولية وانتشار الأزمات المالية وتنوعها إلى تفضيل الدول جذب تدفقات الاستثمارات الأجنبية طويلة المدى والأكثر استقرارا. وقد أدى نجاح الاستثمار الأجنبي المباشر إلى زيادة معدلات نمو كثير من الدول النامية في أواخر التسعينيات والى إزالة المخاوف لدى هذه الدول وتغيير نظرتها إليه وأصبحت كثير من الحكومات أكثر ثقة في التعامل مع الشركات عابرة الحدود، كما استطاعت كثير من هذه الشركات تحقيق التوافق بين مصالحها وأهداف الدول المضيفة.
وكشفت الى إن اتباع سياسة حرية التجارة لا يعتبر وحده كافيا لزيادة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، بل يتطلب الأمر تفعيل هذه السياسة بتركيز الجهود لإيجاد بيئة محلية مشجعة لجذب الاستثمار الأجنبي ذي الإمكانات التكنولوجية العالية والذي يعمل في الأنشطة التصديرية المتطورة وزيادة المشتريات المحلية وإعادة إستثمار الأرباح وحماية البيئة والمستهلكين.
وطالبت الدراسة حكومات الدول المضيفة للاستثمارات باتباع قواعد تنظيمية وتشريعية واضحة وقابلة للتطبيق وأن يكون لديها مؤسسات تستجيب للأسواق ومشروعات محلية جيدة بما يعمل على جذب الشركات الأجنبية الكبرى، وقد لا تتفق مصالح الشركات متعددة الجنسيات مع أهداف التنمية للحكومات المضيفة، وفي هذه الحالة فإن الأمر يتطلب اتخاذ السياسات التي من شأنها أن تجعل هذه الشركات توفق مصالحها مع أهداف التنمية للدول المضيفة، ويتحقق ذلك من خلال اتباع درجات مختلفة من التدخل والرقابة والتوجيه، كما تساعد السياسات الجيدة على مواجهة الأخطار المحتملة للاستثمار الأجنبي مثل احتواء الممارسات غير التنافسية ومنع أفرع الشركات الأجنبية من الإضرار بمصالح الشركات المحلية أو التعامل بالطرق التي تؤدي إلى إثارة الرأي العام المحلي.
وأظهرت ان الدول المتقدمة تحولت نحو سياسات «الأسواق الصديقة» بممارسة الإدارة الكلية الجيدة واتباع قواعد الترسيخ واللاعنصرية عند دخول الأعمال والخروج منها، وتشجيع المنافسة، وبناء القدرات البشرية وتشجيع الابتكارات.. وعلى نفس النسق فإن معظم دول الأسواق الصديقة لم تتخل عن المعايير المشجعة لجذب المستثمرين الأجانب ، وتستخدم العديد من هذه الدول تقنيات التشجيع المتطورة وتقديم المنح والمساعدات المشجعة مستهدفة جلب الاستثمارات الكبيرة، ويمكن للدول النامية أيضا العمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وزيادة الإستفادة منه بالتحرك بحذر تجاه الأسواق الصديقة وذلك لضعف هياكل أسواقها والتي يحتاج تطويرها إلى جهد أكبر مما يتطلب الاهتمام بسياساتها الوطنية للاستثمار لتكون قادرة على تلبية احتياجاتها الخاصة.
الاستثمار الاختياري
وقالت الدراسة انه يمكن للدول أن تعمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال عدة وسائل منها تبسيط اجراءات وشروط الدخول والتأسيس للمستثمرين الأجانب، وتشجيع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بوجه عام بدون محاولة جذب أنواع معينة من الاستثمارات، وتشجيع الاستثمار الاختياري بالتركيز على الأنشطة أوالتقنيات أو نوعية المستثمرين، أو استخدام الوسائل مجتمعة بترك كل الأنشطة مفتوحة أمام المستثمرين الأجانب، وإيجاد مناخ استثماري أفضل بوجه عام وبذل جهود خاصة في جلب استثمار مرغوب فيه بوجه خاص، موضحه ان قوى الجذب الاقتصادية للاستثمار الأجنبي تعتمد في بلد ما في المقام الأول على المزايا الخاصة به، مثل الموقع بالنسبة للمستثمرين باختلاف أنواعهم وعادة ما يبحث المستثمرون الذين يستهدفون الأسواق عن الأسواق الكبيرة والنامية، أما المستثمرون الذين يستهدفون الموارد فيبحثون عن مصادر الموارد الطبيعية في البلد المضيف، أما المستثمرون الذين يستهدفون الكفاية والجودة فإنهم يبحثون عن قاعدة كافية وتنافسية للمنتجات التصديرية.
وهناك عوامل عامة كثيرة تؤثر على تطلعات الدول المضيفة مثل: الاستقرار السياسي، الهيكل الجيد للاقتصاد الكلي، السلوك التأييدي والترحيبي للاستثمار الأجنبي، مهارات مناسبة، تكاليف قليلة للمعاملات الخاصة بالأعمال، بنية أساسية جيدة وبجانب هذه العوامل فانه مازال من الأفضل استخدام السياسات التشجيعية لجذب المستثمرين خاصة في ظل تزايد المنافسة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وحرية المستثمرين في اختيار أماكن استثماراتهم، ويمكن للدول المضيفة تهيئة الظروف المناسبة للاستثمار (أفضل من مجرد التسويق لما لديها من منتجات) وذلك من خلال إزالة المعوقات التي تواجه أعمال فروع الشركات الأجنبية، بالإضافة إلى توفير المهارات والبنية الأساسية الجديدة وتدعيم المؤسسات.
أساليب جذب الاستثمارات
وأكدت الدراسة ان أهم الأساليب التي توصلت إليها الدول لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال التجارب المستفادة من الاتفاقيات الثنائية للاستثمار هي تخفيف العقبات أمام الاستثمار الأجنبي المباشر بإزالة القيود أمام الدخول والتأسيس ونشاط أفرع الشركات الأجنبية، وتحسين مستويات التعامل مع المستثمرين الأجانب بمعاملتهم بالمثل مع المستثمرين المحليين دون تمييز، وحماية المستثمرين الأجانب بتعويضهم في حالة التأميم أو نزع الملكية وعند حل المنازعات وضمان تحويل أموالهم، ودعم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال إجراءات تعمل على تعزيز صورة الدولة، مثل الإمداد بمعلومات عن الفرص الاستثمارية، وتقديم حوافز محلية، وتقديم تسهيلات إدارية، وخدمات مؤسسية.
وأشارت الى انه قد يكون جذب الاستثمار الأجنبي المباشر غير كاف لضمان جلب كل فوائده الاقتصادية، وقد لا تتمكن الأسواق الحرة من جذب المستثمرين الأجانب لتحويل تكنولوجيا كافية ومؤثرة وعند الحد الذي ترغبه الدول المضيفة.. ومن هنا يأتي دور السياسات الجيدة التي تقنع المستثمرين باستخدام الوسائل التي تحقق التنمية وبناء القدرات المحلية بالتعامل مع الموردين المحليين وصقل المهارات وتطوير القدرات التكنولوجية والبنية الأساسية.. وهناك بعض السياسات يجب اتخاذها لتحفيز الاستثمار الأجنبي وهي اتخاذ الإجراءات التي تلزم أفرع الشركات الأجنبية بزيادة مساهماتها في تحقيق أهداف الدول المضيفة مثل زيادة الصادرات، أو تدريب العمالة المحلية أو نقل التكنولوجيا، أو غيرها من الأهداف الخاصة بكل دولة، واستخدام الوسائل والحوافز التي تشجع أفرع الشركات الأجنبية بالتعامل الجيد مع الشركات والمؤسسات المحلية وبما يحقق النفع للدول المضيفة.
نقل التكنولوجيا
وقررت الدراسة انه يمكن للتكنولوجيا الجديدة أن تنتقل إلى الدولة المضيفة إذا كانت القاعدة المهارية مناسبة أو إذا استطاع الموردون المحليون والمنافسون من مقابلة احتياجات الشركات العابرة للحدود والتعلم منها، كما يمكن أن تنمو الأنشطة التصديرية إذا كانت جودة البنية الأساسية تسمح بذلك . وتستطيع الدول الأم - لأفرع الشركات الأجنبية - أن تساعد بطرق مختلفة من خلال إجراءات من جانبها ومن جانب الشركات العابرة للحدود في زيادة المنافع للدول المضيفة، كما يتطلب من حكومات الدول المضيفة زيادة السياسات لبناء القدرات المحلية والتقارب مع أفرع الشركات الأجنبية وشركاتها الأم لتحقيق أكبر قدر من المنافع في كثير من المجالات.
ورصدت ان هناك بعض المخاوف من الآثار السلبية المحتملة للشركات متعددة الجنسية منها الممارسات غير التنافسية لأفرع الشركات الأجنبية في الدول المضيفة.. وتذبذب التدفقات الاستثمارية ومايترتب عليها من آثار ضارة على ميزان المدفوعات، والتهرب الضريبي والمضاربة في الأسعار من قبل أفرع الشركات الأجنبية، ونقل أنشطة وتكنولوجيا ملوثة، ومزاولة أفرع الشركات الأجنبية للأساليب التي من شأنها الاضرار بالشركات المحلية وعرقلة تطويرها.
بالاضافة الى تعرض المنتجات المحلية والتكنولوجيات وشبكات الأعمال إلى مؤثرات ثقافية واجتماعية ضارة، وإعطاء الامتيازات للشركات الأجنبية، خاصة في مناطق العمليات التصديرية، يسمح لها بالاضرار بالعمالة والأنظمة البيئية.. والتأثير الكبير على الشئون الاقتصادية وعلى صناعة القرار، مع تأثيرات سلبية محتملة على التنمية الصناعية وعلى الأمن القومي.
الاتفاقيات الدولية
وقالت الدراسة انه عند الدخول في الاتفاقيات الدولية للاستثمار، تواجه الدول بعض القرارات الصعبة للوصول إلى التوازن المناسب بين أهداف السياسات التحفظية والمرنة وتعظيم الفوائد من التعاون الدولي، وقد تهدف بعض السياسات والإجراءات إلى تحقيق أكبر تدفق للاستثمار الأجنبي المباشر ولكن تطبيق القيود والشروط على مثل هذه التدفقات قد يكون ضروريا لضمان جلب النتائج المرغوبة، ولكنه ليس من السهل تحقيق التوازن المطلوب كما أن ذلك يختلف من بلد لآخر. وفي آخر عقدين، أبرمت الحكومات كثيراً من الاتفاقيات على المستوى الثنائي و تتعدد أوجه قواعد الاستثمار وتتراوح بين القواعد الاختيارية ، والقواعد الإجبارية الإلزامية، وتختلف الالتزامات التي تتضمنها الاتفاقية باختلاف النطاق الجغرافي، ويغطي بعضها قطاعاً معيناً من سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر، بينما يغطي البعض الآخر سياسات الاستثمار الأجنبي بوجه عام بما فيها السياسات التي تؤثر على المستثمرين المحليين والأجانب مثل قواعد المنافسة والإجراءات ضد الفساد. وقد أدت زيادة عدد الاتفاقيات الدولية للاستثمار إلى وجود مجموعة معقدة من القواعد، كما اتضح أن الاتفاقيات الثنائية أكثر احتواء على قواعد الاستثمار حيث ركزت على حماية الاستثمار وتحريره. وقد بدأت الاتفاقيات الدولية للاستثمار بالاتفاقيات الثنائية لحماية وتنمية الاستثمار الأجنبي ثم تبعها اتفاقيات التجارة الحرة.
فالاتفاقيات الثنائية للاستثمار تولدت من الاتفاقيات العامة التي تتعامل مع العلاقات الاقتصادية بين الدول مثل اتفاقيات الصداقة، اتفاقيات الملاحة والتجارة، وقد زاد عدد الاتفاقيات الثنائية منذ توقيع أول اتفاقية عام 1959 حتى وصل إلى 385 اتفاقية عام 1989 زاد إلى 2181 عام 2002. ومنذ النصف الثاني من عقد التسعينيات تضاعف عدد الاتفاقيات الثنائية حتى غطى حوالي 176 دولة.
وتعقد الاتفاقيات الثنائية للاستثمار بين الدول النامية وبعضها البعض وكذلك بينها وبين دول التحول الاقتصادي، وركزت الاتفاقيات الثنائية على حماية الاستثمار وحل المنازعات، وأضافت إليها بعض الدول أحكاما تتعلق بحق التأسيس ومتطلبات الأداء والعمالة من القوى البشرية الأجنبية، كما زاد عدد الاتفاقيات الثنائية للتجارة الحرة التي تغطي قضايا الاستثمار.
وتهدف الاتفاقيات الثنائية للاستثمار إلى وضع الإطار التنظيمي بشكل أكثر شفافية واستقرارا، كما تلعب الاتفاقيات الثنائية دورا في التأثير على التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر وإيضاح الفروق في حجم هذه التدفقات بين الدول، كما تظهر تغير اتجاهات الدول المضيفة للاستثمار الأجنبي المباشر وتحسن مناخ الاستثمار، وينظر المستثمرون إلى اتفاقيات الاستثمار الثنائية باعتبارها جزءا من الإطار الجيد للاستثمار، وتغطي الاتفاقيات الثنائية القضايا التالية: المعاملة الوطنية قبل وبعد التأسيس، ومعاملة الدولة الأولى بالرعاية، وحظر متطلبات الأداء، والحماية والتشجيع.. والمصادرة والتعويض، تسوية المنازعات بين المستثمر والدولة أو المستثمرين وبعضهم البعض.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved