لا أدري لماذا البيروقراطية لم تزل كما هي منذ مئات السنين لم تتطور بالرغم من تطور العالم من حولها؟ أي أنها مازالت تحمل العقلية القديمة التي تحيط الأشياء بهالة تضمحل عند الفرز، بل وتضحك!!
من مضحكات البيروقراطية الجامدة أن المراجع عندما يريد أن يطلع على المعاملة الخاصة به، فإن ذلك من سابع المستحيلات إن لم يكن له في القوم ابن عم، أي انه ليس من حق المواطن أن يطلع على الإجراء المتخذ على معاملته التي تخصه، هكذا يرى ويمارس الموظف أو لنقل:
قد غرس في ذهنه أن ذلك ممنوع، وإن قدر وأن استرق السمع فإنه يرتعد خوفا من رئيسه!!
ومعنى ذلك التكتم لا يخرج عن أحد أمور:
فإما أن الإجراء المتخذ ليس في صالح المراجع ويخاف المنفذ أن يطلع عليه قبل أن يتخذ إجراءه غير المبرر أحيانا، أي أنها فرصته لكي ينفذ قبل أن يعترض المراجع في حق له.
وإما أن الإجراء المتخذ بعيد كل البعد عن الواقع أو مخالف للنظام، فلا يريد أن يطلع عليه المعني به حتى لا يتظلم لدى أصحاب الشأن، حتى يقول المنفذ: جاءني هذا الإجراء والتوجيه فنفذته بحذافيره.
وإما أن يكون في الأمر دسائس تحاك ضد المراجع فلا يريدون أن يطلع عليها حتى لا يصيح بصوت عال جدا يسمعه ولاة الأمر الذين يسعون عادة لدفع الظلم البيروقراطي.
ومن هنا يجيء تغليف تلك الإجراءات غير المبررة أحياناً «سري» وتكتب على المظروف حتى يكون لها وزن ثقيل عند الموظف.
والغريب أن أكثر المواضيع التي يكتب عليها «سري» ما هي إلا مواضيع أقل من عادي مثل مباشرة موظف أو تقرير أداء أو غير ذلك من إجراء عادي للغاية، ولا داعي لعسف تلك الكلمة «سري» وتقميصها عليه لتضفي له الهالة البيروقراطية المعتقة!!!
لا أدري من المسؤول الذي يمكن أن يقنع البيروقراطيين الصغار بأن يتخلوا عن ذلك الأسلوب المعتق، ويفتح مثل هذه الأدمغة لكي تشم الهواء والحب للمراجع؟؟ لا أدري!!
فاكس 2372911
|