* تحقيق هيفاء الهلالي:
الحقيبة المدرسية تمثل جزءاً مهماً في ربط العلاقة بين الطالب والمدرسة منذ الصغر حتى الحصول على الشهادة الثانوية، وإلا بماذا نفسر لجوء بعض الطلبة الى استخدام سجاجيد الصلاة وبعض الملفات الصغيرة لاحتواء الكتب المدرسية لو لم تكن قد سببت تلك الحقيبة حاجزا نفسيا بين الطالب وبين الرغبة في استخدامها كوسيلة تعليمية لا كصخرة تعليمية!! ومن هذا المنطلق كان لدينا آراء ووجهات نظر لتخفيف عبء تلك الحقيبة.
الجدول المدرسي
فدوى علي مرشدة طلابية في المرحلة المتوسطة تقترح ان يكون للمرشدة الطلابية دور ومشاركة في الجدول المدرسي للتنسيق بين مواد الكتب الثقيلة كالرياضيات والعلوم وغيرها من المواد الاخرى الخفيفة المتنوعة بدلا من تكدس مواد الكتب الثقيلة جميعها في يوم واحد مما يثقل كاهل الطالبة خصوصا وهي تحمل ذلك العبء من ساحة المدرسة الى صفها مما يجعل الكثيرات يتخلين عن بعض هذه الكتب وتركها في منازلهن أو درج المقعد في الصف فتتعرض الكتب في هذه الحالة للسرقة أو التلف كما يردني من شكاوى الكثيرات سواء من المعلمات لعدم إحضار الطالبات للكتب او من قبل الطالبات بسبب سرقة كتبهن أو إتلافها.
الطلبات الزائدة
فاطمة الغامدي إحدى الأمهات عبّرت عن تذمرها وأبدت ملاحظات وقالت: ابنتي أروى في المرحلة المتوسطة وهي تعاني من تعدد دفاتر المادة الواحدة كمادة اللغة العربية والدين مع العلم بأن مادة اللغة العربية تدرسها معلمة واحدة وكذلك الحال بالنسبة للدين ورغم ذلك يقمن بتخصيص عدة دفاتر لكل مادة من حصة وواجب ولا يكتفين بذلك بل وبمطالبة الطالبات بإحضار جميع دفاتر اللغة العربية والدين كل يوم حسب مزاج المعلمات وحسب حصص الاحتياط التي قد تأخذها إحداهن لذلك اقترح على إدارة المدرسة الانتباه لحجم ذلك العبء على رقاب بناتنا وأيديهن بالالتفات الى تلك الفئة من المعلمات ومنعهن والتزامهن بضرورة تخصيص دفتر واحد شامل لمواد اللغة العربية ودفتر شامل لمواد الدين خصوصا إذا كانت المعلمة واحدة وذات مزاج مختلف.
تناسب الحجم
عائشة الشمراني معلمة في المرحلة الابتدائية أرادت ان تشرك أولياء الامور فأوضحت ان دور اولياء الامور لابد ان يبرز في انتقاء الحقائب المدرسية فلابد من النظر الى حجم الحقيبة فوق اكتاف ابنائهم بدلا من الشراء العشوائي للحقائب وربما تخطف الوان ورسومات بعض الحقائب أنظار الاطفال عن النظر الى ثقلها من عدمه وهنا يبرز دور الآباء والأمهات وكم من تلميذة تعثرت وتعرضت لاصابات وخيمة بسبب ما تحمله على ظهرها من ثقل ولا ننسى بأن الكثيرات منهن يضعن حقائبهن على مقاعدهن مما يجعل ربع المقعد فقط لجلوسهن بينما الجزء الأكبر للحقيبة وهذا يؤدي للجلوس غير الصحي لهن.
الحقائب المستوردة
فهد علي احد أولياء الأمور يؤكد انه من الضروري جدا توخي الحذر عند استيراد الحقائب المدرسية بالذات ونحن نشاهد امتلاء الأسواق بالحقائب المدرسية ذوات العجلات الثقيلة وتلك التي تحاط بالحديد والأخرى بقاعدة خشبية وللأسف مخصصة لمن هم في سن المرحلة الابتدائية بما عليها من رسومات كرتونية وألعاب وهنا من الضروري ان نلفت النظر الى هذا الأمر للحد من اندفاع الأبناء وأولياء الأمور من شراء تلك الحقائب الفولاذية ولو من باب التقليد للغير متناسين الناحية الصحية والتي تترتب عليها ناحية نفسية هامة جدا.
صالحة الزهراني معلمة في المرحلة المتوسطة تضيف قائلة: للحد في رأيي من عبء الحقيبة المدرسية وما تحتويه من جدول مدرسي يصل الى ثماني حصص أو سبع حصص فلابد على كل رائدة صف من تهيئة دولاب خاص بكتب الطالبات تحتفظ رائدة الصف بالمفتاح بينما يكون هناك مفتاح بديل لدى إدارة المدرسة وذلك بالتنسيق حسب الجدول المدرسي والواجبات المنزلية التي يفترض أن تقلص لعدم أخذ الكتاب للبيت، كما أتمنى توفير نسخ بديلة للكتب إذا تعذر الاحتفاظ بكتب الطالبات في دولاب الصف.
منال الحربي مرشدة طلابية في المرحلة الابتدائية ترى من الضروري جدا التوقف عن ذلك السيل العارم من الواجبات المدرسية التي تفرض وجود دفتر اضافي للواجب لكل مادة، فمن الافضل أن يقسم الدفتر الى قسمين، قسم خاص بالحصة وقسم خاص بالواجب وهذا قد يقلل من كثرة الدفاتر ويا حبذا أن يستغل حل أسئلة الفراغات والأسئلة الاختيارية الملحقة بكل درس في الكتاب إن وجد عوضا عن دفتر الواجب الذي قد يلحق به أوراق عمل تقوم بعض المعلمات بها كالاختبارات التجريبية وهنا يتحول الدفتر الى ملف يزيد العبء على تلك الرقاب الصغيرة.
الألوان الفسفورية
تغريد العتيبي إحدى الأمهات تشرح معاناتها قائلة: عانيت كثيرا من شراء تلك الحقائب التي تطلى بالألوان الفسفورية كالأصفر والأخضر الفاقع والبرتقالي وغيرهالان معاناتي بسبب سرعة اتساخها وللأسف فإن ابنتي لا ترغب إلا بشراء تلك الحقائب الفسفورية فلقد امتلأت الأسواق بها وبناء على ذلك امتلأت المدارس وهذا كلفني عبئاً مادياً بسبب تغيير الحقيبة كل فترة وعندما حاولت تغيير تلك النوعية من الحقائب أصرت ابنتي على ترك المدرسة مما اضطرني للنزول عند رغبتها في شراء تلك النوعية أسوة بزميلاتها في المدرسة وكم أتمنى سحب تلك النوعيات من الأسواق لنستطيع ضبط أبنائنا أثناء الشراء.
الأمراض المزمنة
مها الغامدي مرشدة طلابية في المرحلة الابتدائية نبهت الى مخاطر صحية قد تلحق بالتلاميذ الصغار، وقالت: كثيرا ما اشاهد تلميذات صغيرات يسحبن او يحملن تلك الحقائب الثقيلة وهن يعانين من امراض السكر والقلب والربو ولين العظام ولكن وللأسف ان تعاون بعض أولياء الامور ليس بالايجابية الكافية فهم لا يرون بان هناك ضرورة لتغيير الحقيبة الثقيلة الا من باب الطلبات المدرسية التي لا تنتهي من وجهة نظرهم والاقتراحات الهامشية الميتة وعندما نقوم بتوزيع بعض الحقائب الخفيفة من ميزانية المدرسة نفاجأ بأن أولياء الامور يرجعونها مع بقاء الحقائب الثقيلة مع التلميذات الصغيرات فهم لا يرون بأن هناك علاقة بين الثقل والمرض ويد واحدة لا تصفق.
سرى حمد إحدى الأمهات تنوه قائلة: إن ابنتي شروق في المرحلة الابتدائية بالصف الثاني وهي تعاني من حمل الحقيبة تارة على ظهرها وتارة أخرى على يدها وليس لما حوته من مواد كثيرة فقط بل لان مبنى المدرسة مستأجر وصفها في الطابق الثالث وكل يوم تصعد من الساحة اى الطابق الثالث أثناء الطوابير، فلماذا لا تكون الطوابق السفلية لتلميذات الصفوف الدنيا اللواتي لا يستطعن تحمل ذلك الثقل من الكتب على ظهورهن وأيديهن.
الانشغال بالحقيبة
لطيفة السليماني معلمة في المرحلة المتوسطة تلفت النظر إلى نقطة أخرى قائلة: عندما أدخل الصف أجدالتلميذات ينشغلن طوال الحصة بالحقيبة لانها تبحث عن الكتاب بين كوم من الكتب والدفاتر والغارق بين مريلة التدبير ومفرش الخياطة والاقلام وبين الإبر والخيوط، هذا بالإضافة الى اشغالها بصور الباربي والبوكيمونات وغيرها من الاشكال الكرتونية المرسومة على الحقيبة مع ملاحظتي لوجود الصور والرموز التي تدل دلالات سيئة دون أن يلتفت اولياء الامور لتلك الرموز البذيئة والله المستعان.
آلاء حبيب معلمة في المرحلة الابتدائية تتحدث بدهشة قائلة: من أغرب ما صادفت في حياتي حضور بعض الخادمات الى المدرسة وهن يحملن الحقيبة للتلميذة الى باب الصف وذلك لأن الحقيبة دولاب متنقل ولعل ما حدا ببعض اولياء الامور لتلك الافكار هو زيادة الثقل الناجم لعدم إدراكهم لصناعة الحقيبة من جهة ولتكدس المواد من جهة اخرى فقط والانقياد لكل ما هو جديد دون وقفة تأمل لما يجري من تعويد الأبناء على الاتكالية والإهمال ودون الاعتماد على النفس.
الحقيبة والحجاب
نسرين مطر معلمة في المرحلة الثانوية نبهت لأمر آخر فأشارت إلى ان الحقائب الثقيلة والممتلئة بالكتب والدفاتر الثقيلة إنما هي أحد معوقات حفاظ بعض الفتيات على الحجاب حيث يجذب الهواءالحجاب من ناحية والحقيبة من ناحية أخرى خصوصا ان هناك الكثيرات يمشين على أقدامهن ذهابا وايابا كل يوم من البيت والى المدرسة هذا لو وضعنا في الحسبان اشكال الصغيرات من تلميذات المرحلة الابتدائية والمتوسطة ايضا لوجدنا الضرر الصحي والديني والنفسي بالغ الأثر.
** يؤكد الدكتور محمد منصور اخصائي العظام في مستوصف الوطن الطبي الأهلي بمحافظة الطائف تلك الآراء بعرض وجهةالنظر الطبية حول مخاطر الحقيبة الثقيلة قائلا:
إن حمل الحقائب المدرسية قد يسبب الأذى لمناطق الظهر والرقبة عند الاطفال، مسببة عجزا واعاقة قد تكون دائمة، وكذلك الام الكتفين والذراعين وحتى الاقدام، حيث ان العمود الفقري عند الاطفال لا يزال ينمو لذلك فان حمل الحقائب الثقيلة لفترات طويلة قد يسبب آلاماً من الرقبة الى اسفل الظهر وتكون هذه الآلام أعلى كثيرا في فترة النمو السريع التي تتمثل من سن الحادية عشرة وحتى السادسة عشرة، وقد تصل الى حوالي 63% كما بينت إحدى الدراسات التي أجرتها كلية جورجيا الطبية حول آلام الظهر بين المراهقين.
ولأن الجسم يحاول المحافظة على مركز كتلته بين الأقدام ومع وجود حمل ثقيل يكون الجذع في وضع أمامي مما يسبب ضغطا وقوة كبيرة غير طبيعية على العمود الفقري، وهذا يتطلب دفع الرأس الى الامام لتحقيق هذاالضغط يكون جزء من الرقبة منحنياً بدرجة كبيرة مما يحدث توترا شديداً عليها، ولتجنب هذا ينصح بضرورة ألا يحمل الطفل اكثر من 10% من وزن الجسم في الحقيبة حيث انه لو فرض ان الطفل يحمل (5) كيلوجرامات فإن هذا الوزن يكون وقعه على اسفل العمود الفقري بما يوازي حوالي (50) كيلوجراماً، وكذلك يجب استخدام الحقائب المزودة بأحزمة واربطة حول الكتفين والبطن لتوزيع الحمل على البطن ايضا.
|