* كتب - مندوب الجزيرة:
من الملاحظ ان بعض الناشئة والشباب ممن يرغبون في حفظ كتاب الله يجدون صعوبات في الحفظ نتيجة لعدم توفر الوقت، والجو الملائم أو أسباب أخرى، ما الدور المطلوب من التربويين وعلماء النفس والأساتذة المختصين والأسرة في معالجة مثل هذه المشكلات، ووضع الحلول المناسبة لها، وبالتالي دعم هذا التوجه الخير للأبناء والبنات؟ «التحقيق» التالي يطرح هذه المشكلة وكيفية معالجتها:
يقول الدكتور عبداللطيف بن سعيد الغامدي رئيس قسم العلوم الشرعية بكلية الملك فهد الأمنية بما ان الإسلام يجعل الأسرة هي اللبنة الأولى في بنائه الاجتماعي، والمحضن الذي يربي فيه الطفل، ويكبر، ويتلقى رصيده من الحب والتعاون والتكافل والبناء كان عليها القيام بمسؤولياتها تجاه هؤلاء الناشئة والشباب، وذلك بإعطائهم الوقت الكافي بحيث لا يكلفونهم من الأعمال ما يضيع عليهم أوقاتهم، وأن يهيأ لهم الجو الملائم بحيث يكون البيت مكملاً لرسالة مدارس تحفيظ القرآن الكريم، أو حلقات التحفيظ، وألا يكون هناك من الملهيات والمغريات ما تصرف هؤلاء عن حفظ كتاب الله، حتى لا يكون هناك ازدواجية فيها يجدها الناشئة من الأبناء والبنات في المدرسة وبين ما يجدونه في البيت فيجب أن يجدوا في البيت القدوة الصالحة لما لها من دور في عملية البناء، ويكون ذلك بالسلوك المرتكز على العقيدة الصحيحة من قبل الآباء والأمهات والاخوة الكبار، ومن هنا يكون البيت مكملاً لرسالة المدرسة والحلقة.
دراسات ميدانية
أما الدور المطلوب من التربويين وعلماء النفس والأساتذة المختصين، فيرى الدكتور الغامدي عليهم القيام بوضع دراسات ميدانية دقيقة تشمل المستمرين في مدارس تحفيظ القرآن، أو الحلقات، كذلك المنسحبين والعازفين عنها، حتى تبنى الحلول على دراسات ميدانية واقعية وليست بناء على اجتهادات فردية.
وبناء على نتائج تلك الدراسات يمكن وضع الحلول المناسبة وذلك بتفعيلها بالوسائل الآتية:
أولاً: التوعية الشاملة للأسرة والشباب والفتيات من خلال الوسائل العلمية المختلفة، سواء كانت وسائل تعليمية، أو إعلامية، أو ارشادية من خلال المسجد بالخطب المنبرية، أو المحاضرات أو الدروس، أو من خلال الشريط أو النشرات.
ثانياً: استخدام وسائل مرغبة ومسهلة، ومشوقة للحفظ يراعى فيها حفظ الوقت وسهولة الطريقة في الحفظ، وذلك بالاستفادة من تقنيات التعليم المتقدمة والمتاحة ولله الحمد.
ثالثاً: تعميم فكرة مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات مع حجب المكافآت المالية اذا كانت عائقاً في استخدامها، أو انشائها وعلى الناشئة والشباب وأولياء الأمور ان يكون الدافع لهم الى حفظ كتاب الله ابتغاء وجه الله أولاً، وان حصل شيء من مكافآت مالية أو جوائز أو حمد الناس لهم في الدنيا.
رابعاً: الاهتمام بوسائل التشجيع من خلال المسابقات سواء على مستوى المدرسة، أو الحلقة، أو الحي، أو المدينة، أو على مستوى المملكة، أو المسابقات الدولية على غرار مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد.
بث الوعي وإذكاء روح الحماس
أما الدكتور عبدالكريم بن حمود التويجري عضو هيئة التدريس بمعهد القرآن الكريم بالحرس الوطني فيرى لمعالجة هذه المشكلات أنه لا بد للتربويين وعلماء النفس ان يقوموا ببث الوعي بين هؤلاء الحفظة، وذلك ببيان مكانة كتاب الله وحفظته، واثر ذلك في تزكية النفوس وتهذيب الاخلاق، واذكاء روح الحماس والمنافسة الشريفة في هذا المضمار، ويقترح دراسة وضع الحلق في المساجد من حيث تنظيم الأوقاف، وتجديد ما يناسب كل مرحلة وسن منها، واختيار الكفاءات من المدرسين، والمشرفين، واتباع نظام دقيق صارم للحفظ والمراجعة، والمتابعة المنظمة من الجهات ذات العلاقة، وإيجاد الحوافز التي تشجع الناشئة على متابعة الجهد والاستمرار في الحفظ، ويطالب بالاهتمام بمادة القرآن الكريم في المدارس، وزيادة نصابها واختيار الكفاءات من المعلمين لها، وتغطية جميع المسابقات والاحتفالات التي تقام لحفظة كتاب الله تغطية إعلامية تتناسب ومكانة كتاب الله عز وجل، وتكثيف الدورات العلمية القرآنية وتعميمها، واستغلال الإجازات السنوية، وإعداد البرامج المنظمة لها من قبل القائمين على التعليم وجميعات تحفيظ القرآن الكريم، وإبراز النماذج المتميزة في الحفظ والتلاوة إعلامياً لتحفيز الآخرين من أجل الاقتداء بهم.
ويرى الدكتور التويجري ان للأسرة دوراً مهماً يتمثل في ارشاد الأبناء على حفظ كتاب الله وانتظامهم في حلق الحفظ، وتهيئة الأجواء المناسبة لهم لينتظموا في مسار حفظهم مع المتابعة الدائمة لسيرهم في الحلق أو في صفوف التعليم ليتحقق انتظامهم.
تحديد المستوى لكل حافظ ضرورة
ويرى الأستاذ عبدالعزيز بن صالح السليمان المشرف التربوي بوزارة التربية والتعليم ان التدرج المناسب لكل شخص يجب ان يؤخذ في الاعتبار فليس بالضرورة أن يكون جميع الأبناء والبنات في مستوى واحد في القدرة على الحفظ، ولكن الواجب معاملتهم حسب قدرتهم، وعدم مطالبتهم بأكبر مما يستطيعون.
ويتساءل السليمان كيف نوجد لدى الشباب والشابات الدافع لحفظ القرآن الكريم فيقول: اتصور ان هذا يحتاج الى مزيد من العناية والاهتمام، وطرح الدراسات من المختصين بالتربية، ووضع ذلك في شكل برامج تحفز وتساعد، وتيسر لأبنائنا الحفظ مثل توفير الحلقات في كل مسجد، وفي كل مدرسة، وفي أوقات مختلفة تناسب الجميع فالذي لا يتمكن من الالتحاق بالحلقة بعد العصر يجد حلقة بعد المغرب، وهكذا تتنوع الأوقات اضافة الى وضع المنافسات بين شباب وشابات كل حي في الحفظ، وتشجيع الحفاظ حتى وان كان مقدار الحفظ قليلاً حتى يستمرون في الحفظ ووضع المغريات المحببة لدى الطلاب مثل الرحلات والزيارات.
وإن التنوع في طرح المسابقات وكذلك التجديد في منح الحوافز كل ذلك يزيد من إقبالهم على حفظ القرآن وتعلمه، ويرى السليمان ضرورة الاعتناء باختيار المعلمين، ووضع البرامج التدريببية لهم الخاصة بكيفية التعامل مع هذه الفئة من الشباب.
|