Friday 21st november,2003 11376العدد الجمعة 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جريمة لها مفاسد كثيرة جريمة لها مفاسد كثيرة
عبدالمحسن بن عبدالله الخيال (*)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد:
فقد أكرمنا الله بالدين الاسلامي الحنيف، الدين الجامع لكل المحاسن الدال على كل خير، والناهي عن كل شر على الفرد والمجتمع الدين الذي يأمر بالعدل والصدق والوفاء وبالأخلاق الفاضلة يحارب الغدر والخيانة والجور والكذب والعقوق والقطيعة قال صلى الله عليه وسلم محذراً من الأخلاق السيئة أربع من كن فيه كان منافقاً خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر. فالوفاء بالعهد من أخلاق الاسلام الفاضلة التي أمر الله بها وحث عليها ومدح المتصف بها وإن الغدر والخيانة من الأخلاق والصفات الذميمة التي حرمتها الشرائع السماوية، كما ان الطباع السليمة تنفر منها، وإن من أعظم الغدر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط بل النفوس التي حرمها الله عزوجل وحرم قتلها أربع أنفس:
1- نفس المسلم. 2- ونفس الكافر الذمي. 3- ونفس الكافر المعاهد. 4- ونفس الكافر المستأمن. هذه الأنفس كلها محرمة، فنفس المسلم فظاهر حرمتها لكل انسان بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة وإجماع العلماء، وهو من المعلوم بالضرورة من دين الاسلام فمن أظهر لنا اسلامه فنفسه معصومة محرمة.
أما الذمي والمعاهد فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما. وقال صلى الله عليه وسلم لن يزال المؤمن في فسحة في دينه ما لم يصب دما حراماً. فدم المعاهد حرام، وسفكه من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من قتله لم يرح رائحة الجنة، وكل ذنب توعده الله في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته فإنه من كبائر الذنوب.
وأما المستأمن فقد قال الله تعالى:{وّإنً أّحّدِ مٌَنّ المٍشًرٌكٌينّ وسًتّجّارّكّ فّأّجٌرًهٍ حّتَّى" يّسًمّعّ كّلامّ اللَّهٌ ثٍمَّ أّبًلٌغًهٍ مّأًمّنّهٍ} أي اجعله في حماية وأمان حتى يبلغ المكان الآمن في بلده، وفي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائمة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومعنى الحديث ان الانسان المسلم إذا أمَّن انسانا وجعله في عهده فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعا من اخفرها وغدر بها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وبناء على هذه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة فإن من عندنا من الكفار بأمان فهو محترم محرم الدم، وبذلك نعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في الرياض في هذا الشهر المبارك في مكان آهل بالسكان المعصومين في دمائهم وأموالهم نتج من جرائه وبسببه عدد من القتلى وعدد كثير من المصابين منهم أطفال ونساء وشيوخ وشباب كما أتلف أموالاً ومساكن لا شك ان هذه العملية جريمة شنعاء لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة سليمة ومرتكبها مجرم آثم، ما ذنب القتلى ما ذنب المصابين من أطفال ونساء وشيوخ، إنه لحادث منكر لا مبرر له بل له مفاسد كثيرة منها انه معصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وانتهاك لحرمات الله وافساد في الأرض وتشويه لسمعة الاسلام والمسلمين فأعداء الاسلام سوف يستغلون هذا الحدث لتشويه سمعة الاسلام وتنفير الناس منه مع ان الاسلام بريء من ذلك، فالاسلام يأمر بالخير والصدق والبر والوفاء.
الدين الاسلامي يحذر من هذا الصنيع وأمثاله أشد التحذير ونعلم جميعا وكل منصف ان بلادنا ولله الحمد خير بلاد المسلمين اليوم في الحكم بما أنزل الله وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الدعوة الى الخير والتحذير من الشر وفي العمل على ما فيه صلاح للبلاد والعباد فنسألك اللهم في هذا الشهر المبارك أن تحفظ بلادنا وبلاد المسلمين عامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن تدفع عنا والمسلمين شرور أنفسنا وشرور عبادك وان تديم على بلادنا وسائر بلاد المسلمين الأمن والرخاء والاستقرار إنك على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

(*) قاضي محكمة التمييز بمكة المكرمة

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved