Friday 21st november,2003 11376العدد الجمعة 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خبراء الاقتصاد والسياسة يناقشون المشروع الإسرائيلي لإنشاء مناطق صناعية بالضفه الغربية: خبراء الاقتصاد والسياسة يناقشون المشروع الإسرائيلي لإنشاء مناطق صناعية بالضفه الغربية:
المشروع يهدف إلى إنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي وليس لتشغيل الفلسطينيين

* القاهرة - مكتب الجزيرة - على البلهاسي- محمد العجمي:
في الوقت الذي تستمر فيه الممارسات الإسرائيلية الوحشية ضد الفلسطينيين وتبذل فيه إسرائيل كل جهدها للقضاء على المقاومة وافشال اي خطط للتسوية السلمية جاء اعلان مصادر رسمية إسرائيلية بأن إسرائيل بصدد اقامة مشروع لانشاء مناطق صناعية في الضفة الغربية ليثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول طبيعة هذا المشروع والاهداف الإسرائيلية التي تختفي وراءه.
فوفق التصريحات التي ادلى بها عوفير حا خام الناطق باسم منسق النشاطات الإسرائيلية في الاراضي الفلسطينية فان المشروع يهدف الى تشغيل 120 الف فلسطيني على طول الخط الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية وان هذا المشروع سيرى النور قريبا واجريت بشأنه اتصالات مع مسئولين فلسطينيين كبار ورجال أعمال في البلدان المانحة وينص المشروع على انشاء مناطق صناعية في قطاعي جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية والخليل جنوب منطقة ايريز الصناعية في مدخل قطاع غزة.
الجزيرة استطلعت اراء عدد من خبراء الاقتصاد والسياسة حول هذا المشروع واثاره الاقتصادية والسياسية والاهداف الإسرائيلية من وراء اقامته .
سلوك عدواني
يقول السفير جمال الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان هذا المشروع لا يعدو كونه سلوكا عدوانيا ضد المصالح الفلسطينية ويضاف الى الممارسات العداونية التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني واضاف ان أي مستثمر يقوم بالاستثمار في المناطق الصناعية التي تزعم إسرائيل قيامها لا يستند الى أي معايير قانونية او شرعية وهؤلاء المستثمرون سوف يغامرون باموالهم فهذه المناطق التي تريد إسرائيل اقامة مناطق صناعية هي اراض محتلة ولايوجد أي اطار شرعي لإسرائيل في اقامة اى نوع او نشاط على هذه الاراضي هي مطالبة بانهاء الاحتلال. لهذا توجد مخاطرة كبيرة تهدد أي استثمار في هذه المناطق ولعلنا نعلم ان الاتحاد الاوروبي في اتفاقية المشاركة الإسرائيلية الاوروبية جعل الاراضي الفلسطينية المحتله بعيدا عن هذه الاتفاقية. واشار الى ان إسرائيل تقوم بتزوير غير مسبق في شهادة المنشأ لمنتجات المستعمرات الإسرائيلية على اراضي الضفة الغربية وتكتبها دون أي سند شرعي منشأ إسرائيلي لكي تحصل على اعفاء جمركي لاتستحقه في السوق الاوروبي واوضح ان هذه الاستثمارات تعرض نفسها للخطر لانها تدخل دون وجه حق في الاراضي الفلسطينية وتغتال حقوق الشعب الفلسطيني وكل استثمار في هذه المنطقة مهدد على المستثمر نفسه تحمل مخاطر ونتائج هذه الاستثمارات واكد ان إسرائيل تحاول الرهان على مصالح الاقتصاد الفلسطيني لصالحها وتغني على نغمة تشغيل الايدي العامله في مثل هذه الاستثمارات حتى تجذب رؤوس الاموال الاجنبية.
تحقيق الهيمنة
يرى الدكتور محمد موسى استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر انه ليس من حق إسرائيل اقامة أي مناطق صناعية في الاراضي المحتله وما تفعله إسرائيل يعكس حالة الهوان الذي يعيشه العالم العربي فإسرائيل من منطلق القوة فقط تفرض ما تراه بدون أي سند قانوني او شرعي واذا كانت إسرائيل قد اعلنت عن انشاء هذه المناطق لتشغيل ما يقرب من 120 الف فلسطيني وبالطبع هذه العمالة من الفلسطينيين يعانون من الحصار الاقتصادي.
فتشغيل العمالة هذا ينعكس على الاقتصاد الإسرائيلي ورجال الاعمال الاسرائيليين الذين يجنون الارباح الطائله على حساب الشعب الفلسطيني وثرواته كما انهم يزرعون انفسهم من خلال هذه المناطق في الاراضي الفلسطينية وكل هذا تحت ستار تشغيل الايدي العامله كما ان الاشخاص الذين سوف يعلمون في هذه المناطق سوف يكون ولاؤهم لإسرائيل وينتهي الحال بهيمنة إسرائيلية على الاقتصاد والشعب الفلسطيني.
ويطالب موسى بضرورة تكاتف المحامين العرب ضد ما تفعله إسرائيل في الاراضي المحتله واللجوء لمحكمة العدل الدولية لمنع اقامة هذه المناطق على الاراضي الفلسطينية وان تقدم للفلسطينيين تعويضا عما دمرته في هذه المناطق من بنيه اساسية للاقتصاد الفلسطيني فهي دولة مارقة لا تخضع لاي قانون دولي.
ويشير الدكتور محمد موسى الى انه لابد من قيام سوق عربية او اسلامية مشتركة حتى تسهم في القضاء على البطالة في فلسطين والدول العربية والاسلامية وكذلك قيام الدول العربية بدعم الاقتصاد الفلسطيني وانشائها للمصانع ويناشد رجال الاعمال العرب بالعمل على دفع عجلة الاستثمار في فلسطين ولو بجزء بسيط من الاموال المستثمرة في الخارج حتى لا تترك الساحة خالية لإسرائيل لتلعب فيها وحدها ضد مصالح الشعب الفلسطيني.
تعويض للخسائر
ويرى الدكتور عماد جاد خبير الشئون الإسرائيلية ان سعي إسرائيل لتنفيذ هذا المشروع واقامة مناطق صناعية في الضفة الغربية بأيدي عامله فلسطينية لا تعدو كونها محاولة لتعويض إسرائيل عن خسائرها الفادحه بسبب الانتفاضة وانقاذ اقتصادها المنهار وليس مساعدة الفلسطينيين وتشغيلهم بأي حال من الاحوال كما يزعم الإسرائيليون واضاف ان إسرائيل تسعى بكل السبل لتحقيق مكاسب اقتصادية تعوضها عن خسائرها بسبب الانتفاضة واذا كانت الاستثمارات هي احد هذه السبل فقد أدركت إسرائيل أنه من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تنجح في جلب مستثمرين واستثمارات اجنبية من الخارج الى داخل إسرائيل في ظل تردي الاوضاع الامنية واشتداد المقاومة وكثرة العمليات الاستشهادية التي اصبحت تهدد حياة وامن الإسرائيليين انفسهم وبالتالي المستثمرين في اي مكان داخل إسرائيل.
واشار جاد الى ان اقدام إسرائيل على هذه الخطوة ربما يكون هدفه اضفاء صبغة انسانية على مشروعاتها لجذب المستثمرين بالقول بانها لمساعدة الفلسطينيين وبالتالي الظهور بمظهر المسالمين ولتجميل وجهها القبيح أمام الفلسطينيين والمجتمع الدولي وهو ما قد يشجع المستثمرين الاجانب على الدخول في هذه المشروعات.
واكد جاد ان الاقتصاد الإسرائيلي يدخل بسبب الانتفاضة عاما رابعا من الركود وهناك مؤشرات على ان وزراة المالية الإسرائيلية تعتزم خفض ميزانية عام 2004 بنحو عشرة مليارات شيكل او ما يعادل 2 ،5 مليار دولار بما في ذلك اقتطاع ثلاثة مليارات شيكل من الانفاق العسكري وتأتي هذه التخفيضات بعد خفض الانفاق نحو 11 مليار شيكل هذا العام في اطار مساعي حكومة شارون لاحتواء العجز في الميزانية وتتوقع إسرائيل ان يبلغ العجز في ميزانية العام المقبل 4% من الناتج المحلي الاجمالي بالمقارنة مع 6% هذا العام ولذلك فلا يستبعد ان يكون هذا المشروع احدى محاولات حكومة شارون اليائسه لانقاذ الاقتصاد الإسرائيلي وليس لخدمة ومساعدة الفلسطينيين.
تهدئة المقاومة
ويقول ضياء رشوان الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان مثل هذا المشروع لا يمكن ان يكون هدفه مساعدة الفلسطينيين او تشغيلهم فكيف يتماشى ذلك مع الممارسات الإسرائيلية القمعيه التي تهدم منازل الفلسطينيين وتجرف اراضيهم الزراعية وتفرض عليهم حظر التجول وتمنعهم من الذهاب لمقار عملهم وتمارس ضدهم عمليات التصفية الجسدية واكد ان المستفيد الحقيقي من مثل هذا المشروع سيكون رجال الاعمال الإسرائيليون والاقتصاد الإسرائيلي وليس الفلسطينيين وان إسرائيل تهدف من المشروع الى تهدئه المقاومة والعمليات الاستشهادية التي فشلت في مواجهتها بكل السبل وذلك من خلال كسب رضاء العاملين الفلسطينيين الذين سيعلمون في هذه المناطق الصناعية المزمع اقامتها وصرف انتباههم عن الممارسات الوحشية الإسرائيلية وعمليات بناء الجدار العازل والهيمنة الاقتصادية من خلال التحكم في مصير العمال الفلسطينين وتهديدهم في مصادر دخلهم.
واكد رشوان ان لجوء إسرائيل الى الاراضي الفلسطينية لاقامة مشروع كهذا يكشف عن مدى التدهور الامني الذي تعانيه الاراضي الإسرائيلية بسبب الانتفاضة التي تهدد جميع قطاعات الاقتصاد خاصة الاستثمارات فقد تراجعت الاستثمارات داخل إسرائيل الى درجة توقفها بعد ان انهكت المقاومة الفلسطينية إسرائيل من الداخل وهذا الانهاك تترجمه الارقام التي تدل على الهجرة من داخل إسرائيل الى الخارج وليس العكس كما هو شائع.
وقد بلغ عدد المهاجرين منها في السنوات الثلاث الماضية اكثر من 550 الف شخص وهذا رقم كبير وله دلالته فما بالنا بالمستثمرين الذين سيأتون من الخارج اذا كان اهل إسرائيل يهربون منها بسبب تردي الاوضاع الامنية.
وتساءل رشوان كيف تسعى حكومة شارون الى اقامة مشروع لتشغيل 120 الف فلسطيني في الوقت الذي تعاني فيه ميزانيتها من عجز شديد ادت تداعياته الى ارتفاع معدل البطالة لتبلغ نسبته قرابة 11% من اليد العامله الفعلية في إسرائيل وهو ما يقرب من 300 الف شخص اضافة الى تراجع الرواتب بمعدل 6 ،4% في النصف الاول من العام الجارى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ولا يعقل ان تقيم إسرائيل مشروعات لتشغيل الفلسطينيين والإسرائيليين يعانون من البطالة.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved