Friday 21st november,2003 11376العدد الجمعة 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المثلث السني ألغم الأرض الشيعية المثلث السني ألغم الأرض الشيعية
تفجير الناصرية أدخل الجنوب العراقي في الأرض الحرام

* البصرة - د. حميد عبد الله:
حتى لحظة تفجير مقر القوات الإيطالية في مدينة الناصرية كانت مدن الجنوب العراقي تنام على وسادة من التفاهم غير المعلن بين قوات الاحتلال وشيعة العراق مؤداه إن الأسلحة الشيعية لم تصوب نحو جنود الاحتلال مادام الاخير ملتزما بتوفير الحد الأدنى من المطالب الشيعية التي كانت محرمة عليهم في عهد صدام.
وكان واضحا للأمريكان والطليان والإنكليز إن منفذي عملية الناصرية قد وفدوا اليها من المثلث السني ، أو إن الشاحنة مع «بضاعتها» من مادة ال «تي.أن.تي» قد جهزت في مخبأ من مخابئ المقاومة في الفلوجة أو الرمادي أو تكريت أو الحويجة أو الموصل أو ديالي وهذا هو اضعف الإيمان ، لان اهالي مدينة الناصرية واهالي المدن المجاورة والمتاخمة ليس لديهم فتوى من مراجعهم الشيعية تبيح لهم القيام بعمل من هذا القبيل ضد قوات الاحتلال ، ثم انهم مازالوا في مرحلة «التقاط الأنفاس» ، كما يحلو للشارع الشيعي أن يسميها، بعد عقود من القهر والظلم والجور.
لكن العملية ، ومهما كانت هوية منفذيها ، فإنها أخرجت الجنوب العراقي من منطقة الحياد ووضعته في أتون النار، بل وفي وطيس المقاومة. لقد بلغ التوتر ذروته في مدن العراق الجنوبية ابتدءا من البصرة مرورا بالعمارة والكوت وانتهاء بمدن الفرات الأوسط وصولا إلى مدينة الحلة التي تتاخم بحدودها الشمالية العاصمة بغداد ، وصار وبإمكان أي زائر لهذه المدن إن يشاهد العوارض ونقاط السيطرة والتفتيش اكثر مما كان عليه الوضع في عهد صدام ، حيث تشير المعلومات المتوفرة لدى الدوائر الأمنية في قوات التحالف إلى احتمال وقوع تفجيرات في عدد من مدن العراق الجنوبية والمرجح أن تكون مدينة البصرة أو العمارة هي المحطة الثانية بعد الناصرية ، ذلك لأن المقاومة لا تريد لقوات الاحتلال أن تنام قريرة العين في شبر من ارض العراق مهما كان موقف الناس هناك واجتهاداتهم من الوجود الأجنبي ومبرراته.
انشغال قوات التحالف ومعها الشرطة العراقية في الوقاية من العمليات الانتحارية الوافدة جعل تلك القوات تنشغل بأمنها عن أمن المجتمع مما أدى إلى تفشي الكثير من الجرائم التي برزت واستشرت في الأسابيع التي أعقبت سقوط النظام السابق كالتسليب والسرقة وخطف الأطفال ، حيث شهدت مدينة البصرة خلال الأسابيع القليلة الماضية خطف العشرات من الأطفال ومساومة ذويهم حيث يعاد من تدفع من أجلهم الفدية ويقتل من لم يتمكن ذووهم من دفع مبلغ «الدية» الذي قد يكون اكبر من إمكانية تلك العوائل.
إن خلق حالة من الفوضى واللا أمان وتفشي الجريمة وجعل الشارع الشيعي يغلي بالقلق ويتقلب على جمر من الهواجس ربما يكون واحداً من أهداف المقاومة لاثبات أن الامريكان ومهما أوتوا من قوة سوف لن ينجحوا في توفير الأمن مهما وعدوا ولا الاستقرار مهما تعهدوا وتلك هي البداية لإشعال الحريق في الأرض الشيعية.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved