Friday 21st november,2003 11376العدد الجمعة 27 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قصة قصيرة قصة قصيرة
في طريقي للتنمية
ياسر بن محمد المخلف

سرت ذات يوم في طريق مبهم الأوصاف تكسوه ظلمة الليل وكان يرافقني خيالي وهو عم لبنات أفكاري ومقصدنا من هذا المشوار الذهاب الى بلاد المعرفة!. الذي لا نعرف اين اتجاهها، والتزود بالمعلومات التي كنا نجهلها وبينما نحن نسير في الطريق واتبعنا كثر المسير رأينا مدينة كبيرة مكتظة بسكان وتضيئها الأنوار من كل مكان، فقلت لخيالي لنذهب اليها ونعرف عنها الكثير وبينما نحن على مشارف المدينة اذا بسيارة خارجة من المدينة وهي في اتجاهها الينا فكادت ان تصدم خيالي انتبه قائدها فوقف ليتأسف لنا، فنظرنا اليه فاذا هو برجل يبدو عليه مظهر التطور بسيارته وملابسه الفاخرة فقلت لخيالي يبدو انه من المجتمعات الحديثة فنظر الى خيالي في استغراب؟ ماذا يعني ذلك.
والرجل ينظر الينا فقال ماذا تقولان، فقلت لا شيء انت من اين، فقال انا من الدول المتقدمة التي يبلغ عددها 19 دولة التي تنادي بالتحضر، فقال لي خيالي بصوت منخفض ماهو التحضر، فقلت له هو تغير الفرد من حياة التقليدية الى حياة متطورة واكثر تقدم من الناحية التكنولوجية، فسألنا الرجل فقال يبدو أنكم ضيوف لنا فلنركب السيارة ونرجع للمدينة واعلمكم الكثير فذهبنا معه، وفي الطريق، قال وهو يبتسم لنا تعجبتم من كثرة الدول المتقدمة ولم تعرفوا عدد الدول النامية التي يبلغ عددها 141 دولة ويبلغ عدد سكانها اكثر من ثلثي عدد سكان العالم، فقلت ومن تكون الدول النامية، فقال في تعالٍ هي المجتمعات التي تعيش بشكل بدائي حيث تنتشر الامية ويعمل افراده في المجال الزراعي البسيط وهي تطمح في التغير لتواكب التطورات التي تحدث في الدول المتقدمة، ولكنها تنفرد بخطأ وهو تقليد المجتمعات المتقدمة في التنمية بتطبيق مجالاتها واولوياتها بحذافيرها دون تغيير مع اختلاف الظروف لكل مجتمع، فقلت اذن فما تطمح اليه هذه التنمية، فقال بعد ان اخذ نفساً عميقاً ان التنمية عملية واعية معقدة طويلة الامد شاملة ومتكاملة في ابعادها فتحتاج الدول النامية الى مراحل محورية لنموها وهي: مرحلة المجتمع التقليدي، فالتهيؤ للانطلاق، ثم الانطلاق، ثم النضج، ثم الاستهلاك والرفاهية.
ولكن الدول النامية غالبا ما يكون لها معوقات تحول بينها وبين طريق الى التنمية، فقلت وماهي هذه المعوقات، فقال خذ عندك مثلا عدم الاستفادة من الثروات الطبيعية، وعجز الافراد عن الاستفادة من قدراتهم، اما الفقر او الامية او العادات والتقاليد عندهم. وربما تكون هناك ديون مالية على الدولة مع العلم ان توفر المال احد متطلبات المهمة لدفع عجلة التنمية والتوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي من المهمة ايضا في تنمية الدول. فهمس في اذني خيالي بأن الوقت يداهمنا، فقلت على عجل نعم شكرا لك على هذه المعلومات واوقفنا هنا لنكمل المسير، فرجعنا الى طريقنا المبهم السابق واخذنا نتناقش انا وخيالي فيما قاله ذلك الرجل المتطور، وبينما نحن نسير والشمس تلوح بالغروب وجدنا قرية بعيدة عن الطريق فاتجهنا اليها ووجدنا رجلاً كبيراً داخل الحقل يحرث الارض، رحب بنا وأجلسنا بجانبه، فقال يبدو عليكم اثر التعب ولستم من القرية، قلنا نعم وانت ايها الشيخ الكبير يبدو انك من الدول النامية، فقال بعد ان بدت عليه ابتسامة محزنة نعم يا بني نحن من البلدان النامية هي بلدان متخلفة تسعى الى تطور نفسها وتنميتها بهدف الخروج من واقع التخلف والسير على طريق التنمية، فقال خيالي لي انه يقول كثيرا عن كلمة التخلف فما علاقتها بالبلدان النامية، فقلت ان التخلف يعني ضعف الاداء الاقتصادي وعدم الاستفادة من القدرة الانتاجية لهذه البلدان ويقاس درجة التخلف بمظاهر الفقر والامية وتفشي الامراض والبطالة وضعف الخدمات، فقال الشيخ الكبير بعد ان كان ينصت الى كلامي اتدرون ما سبب التخلف، فقلنا على شفقة للجواب ما هو، فقال كثير منها نقص الثروات الطبيعية، تخلف طرق الانتاج، انخفاض متوسط دخل الفرد، التبعية الاقتصادية، البيئة الجغرافية، البيئة الاجتماعية.
فقلنا للشيخ شكرا لك على هذه المعلومات ولكن نريد الذهاب فظلمة الليل قد حلت وانت اكمل الحقل، فقال مهلا سألتموني عن بلدي ولم اسألكم عن بلدكم، فقلت ايها الشيخ الكبير ان بلدي مماثل لبلدك فكلاهما مدمجان ضمن الدول النامية، انه المملكة العربية السعودية وهي ايضا مثل مثيلاتها من الدول تسعى الى التطور في التنمية ولكنها تتميز بأنها تعمل تحت ضوابط اسلامية، فقال الشيخ في استغراب؟ كيف يكون هناك تنمية بضابط اسلامي، فقلت يكون ذلك بتصور اسلامي للتنمية على ان الله سبحانه وتعالى خلق الكون واستخلف الانسان في الارض ليقوم بعمارتها، وفق منهج الله وشريعته لذا فان الانموذج الاسلامي للتنمية هو افضل نموذج على الاطلاق لانه وفق منهج الله الذي هو اعلم بأحوال الخلق فهو يسير على ضوابط وعناصر واضحة وهي العقيدة القاعدة الاساسية في التفكير الاسلامي، والمفاهيم التي تعكس وجهة نظر الاسلام في تفسير الاشياء وكذلك العواطف والاحاسيس التي يتولى الاسلام بثها وتنميتها والسياسة المالية التي تسعى الى التوازن الاجتماعي والتكافل العام والتشريع الجنائي التي يتم في حدود الشرع، وبالأخلاق الذي يعتمد مبدأ المزج بين الدافع الذاتي والعامل الاخلاقي فسأل الشيخ وبماذا تتميز هذه التنمية الاسلامية فقلت له تتميز التنمية الاسلامية بعدة خصائص اهمها: الشمول، التوازن، الواقعية، العدالة، المسؤولية، الكفاية الانسانية، فقال الشيخ وهل بلدكم المملكة يعمل بالتنمية الاسلامية فقلت له وبكل حماس نعم عملت المملكة بالتنمية من تاريخ 1368هـ وهي بمثابة نقطة التحول فقال خيالي لماذا كانت نقطة التحول فقلت لانها كانت بداية عهد المشروعات الجديدة للتنمية وهي تعمل على خطط منهجية خمسية للتخطيط التنموي كل خمس سنوات، فقال الشيخ الكبير اذاً فما هو الطريق التي تسلكها المملكة في التنمية فقلت انها تعمل على المدى البعيد في التمسك بمبادىء الشريعة الاسلامية، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية، وفي دعم الحرية الاقتصادية وترسيخ الامن، وتعزيز الدفاع عن المملكة، وزيادة الدخل من البترول في محاولة تخفيف الاعتماد على انتاج البترول وهي تطمع الى ابعاد اقتصادية واجتماعية وتنظيمية تتحقق عن طريق التخطيط، فقال الشيخ نعم اذاً التنمية الاسلامية تسير على طريق التنمية الرئيسي الذي يبحث عن تغير مقصود في النظام الاجتماعي والاقتصادي الذي تحتاجه الدولة بضابط اسلامي، والمملكة تسير على هذا الطريق وكان يشير إلى الطريق البعيد من القرية، فقال خيالي اذاً الطريق البعيد عنكم الذي كنا نسير فيه قبل مجيئنا إليك كان هو طريق التنمية قال الشيخ نعم فهو بعيد من هنا واننا نقوم بتخطيط والدراسات لتقريبه ان شاء الله، واخيرا علمت ان الطريق المبهم الذي كنا نسير عليه هو طريق التنمية فرجعنا الى ذلك الطريق واستفدت ان افضل طريق للنجاح الحياة الدينية والدنيوية هو السير بطريق الاسلام وان اسير عليها في طريقي للتنمية.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved