تبقى إشكالية التعامل مع الدواء في حقلنا الطبي، حكاية قائة بذاتها، ونقول «حكاية» لأننا لا نريد أن نكرر كلمات مثل «أزمة الدواء» أو «مشكلة الدواء»، وغيرها من الكلمات «الكبيرة» المكررة، المعضلة الحقيقية الأخرى أن «الجميع» لدينا يملك «الموهبة» أو القدرة على أن «يفتي» في مسألة العلاج، وبسرعة فائقة ومن باب «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب»، ولعمري فإن هذا المثل مجاف للحقيقة، و«مضاد» للعلم والتطور.
الذي دعاني إلى كل هذا القول هو مشروع نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية الذي وافق عليه مجلس الشورى مؤخراً، تمهيداً لرفعه لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد- حفظه الله-.
وفي فقرات النظام الكثير من النقاط المتميزة التي تسد الخلل في حياتنا «الصيدلانية»، وكيفية التعامل مع كافة أنواع الدواء من أعشاب، ومضادات حيوية، وغير ذلك.
ومن بين تلك النقاط المهمة التي يمكن أن تساعد على وقف «الغوص» في عالم الدواء، المادة الثالثة التي تؤكد على اقتصار ملكية الصيدلية أو منشأة بيع الصيدلانية على السعوديين، وتحدد المادة شروط منح التراخيص، فالمعروف أن هناك عدداً من الصيادلة الوافدين الذين قدموا صورة «غاية في السوء» لعمل الصيدلي سواء أكان مالكاً للصيدلية أو مشاركاً فيها أو عاملاً بها أو من «الباطن».
وتشير إحدى المواد إلى أنه لا يجوز أن يعمل في مجال الدعاية والتعريف بالمستحضرات الصيدلانية والعشبية إلا صيدلي سعودي متفرغ، مرخص له بمزاولة المهنة، وللوزير الإعفاء من شرط الجنسية إذا لم يتوفر العدد الكافي من الصيادلة السعوديين.
إن الصيدلية مهنة أساسية في علم التطبيب، والصيدلي ليس مجرد «بائع»، كما يحاول البعض أن يسخر منه؟ فهو إنسان عالم درس هذا الأمر سنوات طويلة، وسهر الليالي، وكافح حتى تمكن من هذا العلم «الصعب»، والمتطور ساعة بعد ساعة.
وما يهمني في ختام هذا الموضوع تلك المادة التي تعطي وزارة الصحة حق التفتيش على المنشآت الصيدلانية للتأكد من تطبيقها أحكام النظام.. ولعمري أن هذه المادة هي الأكثر جدارة بالانتباه والمراعاة من قبل المسؤولين بوزارة الصحة.
( * ) المدير العام
|