يشتكي بعض الأزواج من عدم قدرتهم على «تحمل» حالات الوحام «المزعجة» لدى زوجاتهم.. والمسألة كما يقولون ليست في حالات القيء المستمرة.. بل وفي «الطلبات» الغريبة، والتي قد تكون في بعض الأحيان مستحيلة.. أحد الأزواج المساكين اشتكى من ان زوجته «لا تطيق» رائحته، وقد كان عليه الصبر الشديد طوال اكثر من عدة شهور على هذا الامر.. نتطرق هنا الى أسباب الوحام، وأعراضه وكيفية التقليل منه.
في البداية توضح د. ريما بنت صالح الحمادي «مدير عام مستشفى النساء والولادة استشارية النساء والولادة الحاصلة على البورد السعودي في امراض النساء والولادة» بأن الاقياء قد يكون احد الاعراض لما يسمى بالوحام، وقد تكون تلك هي البوادر الاولى للحمل، وهو غالبا ما يكون خفيفاً على شكل غثيان، ويعود السبب كما تقول د. ريما الى هرمونات الحمل بحد ذاته، اذ ان وجودها يحرض آلية الاقياء، ومما يدل على ذلك ان الاقياءات تكون اشد بالحمل المتعدد، واقل في الحمل الذي ينتهي بالاسقاط، لكن هذا غير ثابت.
د. ريما الحمادي:الغثيان والقيء أثناء الحمل أمر شائع جدا وعلى السيدة الحامل الخلود للراحة النفسية
وعلى ذلك السياق تقول د. فرات مصطفى سنكري «اخصائية نسائية وتوليد بمستشفى الحمادي بالرياض» ان 50 - 80% تقريبا من النساء يعانين درجة من ال«morning sicken» «الغثيان والاقياء الصباحي خلال الحمل» وخاصة في الثلث الاول منه، وتقع الذروة بين الاسبوع الثاني والثاني عشر من الحمل، والسبب غير مؤكد، لكن يعزو الدارسون ذلك الى الارتفاع السريع لهرمونات الحمل «HCG» المفرزة من المشيمة، وبعض الدراسات الحديثة تؤكد علاقة الاستروجين ايضا.
فرضيات اخرى
وتوضح لنا د. سهير دهب «اخصائية نساء وولادة بمستشفى الحمادي بالرياض» بأنه على الرغم من ان اسباب الوحام غير معروفة بدقة، الا ان هناك عدة فرضيات اقترحت لتفسير هذه الظاهرة، ومنها ارتفاع هرمون الحمل في الدم، والتمدد السريع لعضلات الرحم، والاسترخاء النسبي لنسيج عضلة القناة الهضمية «التي تجعل الهضم اقل فاعلية»، وزيادة حموضة المعدة، ولا تعاني كل السيدات من الوحام، واللاتي يعانين من ذلك لا يعانين بنفس الدرجة، فمن المعروف ان الوحام اكثر شيوعا وحدة في الحمل الاول، وهذا ناجم عن عوامل عضوية ومعنوية، فمن الناحية العضوية فان جسم الحامل لاول مرة يكون اقل استعدادا لزيادة الهرمونات والتغيرات الاخرى عن جسم من سبق لها الحمل، ومن الناحية العضوية فالحوامل للمرة الاولى اكثر عرضة للقلق والخوف الذي يسبب اضطرابات معدية اكثر من النساء اللواتي سبق لهن الحمل.
وتقول د. سهير كذلك: ومهما يكن السبب فان الوحام لا يبهج الحامل التي تعاني منه ولذلك فهي بحاجة لكل مساعدة ممكنة من زوجها بالدرجة الاولى، وعليه تفهم الوضع النفسي الذي تمر به زوجته ودعمها عاطفيا ومعنويا.
تأثيرات الوحم
وتتطرق د. ريما الحمادي الى تأثيرات الوحم على صحة الام والجنين قائلة: بالواقع فان الغثيان او الاقياء اثناء الحمل امر شائع جدا، وغالبا ما يمر الحمل دون اي تأثيرات تذكر على الحمل او الجنين طالما انها لم تؤثر على تغذية الام الحامل، لكن في بعض الحالات تكون الاقياءات شديدة ومتكررة تمنع الحامل من الطعام فهي كلما أكلت ولو قليلا من الطعام تصاب باقياءات شديدة، وفي هذه الحالة فان الاقياءات اذا استمرت لعدة ايام فقد تؤدي لنقص تغذية وجفاف عند الحامل ان لم تعالج باكرا فقد تؤثر على القلب، وتؤدي لهبوط الدورة الدموية، ويحدث شح في البول، واضطراب في شوادر الدم في المراحل المتأخرة، وطبعا في حالات نادرة، وغالبا ما يتم تدارك هذه المضاعفات باتباع النصائح الطبية.
الحالة الشاذة
وتأخذنا د. فرات سنكري الى الحالة الشاذة في الوحام قائلة: هناك حالة شاذة في الوحام وهي ال«PICA»، وتعني اكل مواد غريبة مثل الثلج، التراب، الورق، الطبشور، وهي عادة ما ترافق حالات فقر الدم بسبب نقص الحديد، ولا علاج لها ولكن يعاير الحديد، الزنك، هيموغلوبين الدم لدى حدوثها.
في «3%» من اي حالات الغثيان والاقياء وليس الpica حالات قد تكون الاعراض شديدة مؤدية الى حالة مهددة للحياة «نقص وزن، جفاف»، وتسمى الاقياء الحملي، وعادة تزيد الاعراض في حالة الحمل بالتوائم وحالة الحمل العنقودي «نمو غير طبيعي للمشيمة». ويحدث الوحم عند المتزوجات حديثا، وكذلك عند عديدات الولادة، فليس له علاقة بترتيب الحمل، والجدير بالذكر ان الزوج ليس له علاقة بأحداثه ولكن له دوراً كبيراً وهاماً في علاجه.
طرق التقليل
على ان هناك العديد من الطرق للتقليل من اعراض الوحام، تذكر لنا د. سهير دهب منها ما يلي:
الاكثار من السوائل، واذا كانت السوائل تسبب الشعور بالغثيان فيمكن تناول مواد صلبة تحتوي على نسبة عالية من الماء مثل الفاكهة والخضار الطازجة.
تناول الفيتامينات فهي تساعد على فتح الشهية وتخفيف الشعور بالغثيان.
تجنب النظر او تذوق او شم الأطعمة التي تسبب الشعور بالغثيان.
تناول الطعام بشكل وجبات صغيرة بأوقات متقاربة.
الحصول على قسط وافر من النوم والراحة.
الاستيقاظ من السرير بحركة خفيفة فان الاندفاع في الحركة يزيد من الاحساس بالشعور بالغثيان.
تجنب التعرض بالضغوط سواء بالعمل او بالمنزل.
نصائح وارشادات
وتوجه د. ريما الحمادي عددا من النصائح والارشادات الى الحوامل من اهمها ان على السيدة الحامل ان تخلد للراحة النفسية، وبحال حدوث اقياءات حملية يمكن تدارك حدوث الجفاف بتناول وجبات متفرقة من الطعام على مدى النهار مع الاكثار من السوائل خارج اوقات الطعام خاصة السوائل التي تحتوي على السكريات مثل عصير البرتقال وعصير التفاح وعصير المانجو، كما ان تناول قليل من البسكويت عند الصباح يساعد على تهدئة المعدة، اما بحال حدوث اقياءات مستمرة فلا بأس من تناول بعض الادوية المخصصة لمثل هذه الحالات، ويجب ان يتم تناولها بناء على ارشادات طبية من قبل الاطباء، ولكن قد تكون الحالة متأخرة بحيث يتعذر على المرأة الحامل المصابة باقياءات شديدة ان تتناول هذه الادوية عن طريق الفم، وبهذه الحالة لابد من اجراء التحاليل اللازمة لمعرفة تأثير الاقياءات على الجسم ومعالجة هذه التأثيرات باعطاء المحاليل المعينة واحيانا التغذية عن طريق الوريد مع بعض الادوية الخاصة.
وتضيف د. الحمادي: ولابد ان اشير هنا الى ما يلعبه العامل النفسي من دور هام في مثل هذه الحالات، فلابد احيانا من ابعاد كل المؤثرات النفسية والمادية التي قد تثير الاقياءات عند الحامل، مع الدعم النفسي الكامل من قبل الطاقم الطبي، ولابد من تفهم الاهل وتقبلهم لمثل هذه الامور، لأن لها تأثيراً على نجاح العلاج وان تفكر بقدوم المولود الجديد الذي سيضفي على حياة الزوجين السعادة والصفاء.
|