يشهد العالم اليوم تطورات سريعة ومتلاحقة أدت إلى المطالبة المستمرة بالاهتمام بإعداد المعلم (معلم المستقبل) القادر على مواكبة هذه القفزات الهائلة.
ولذلك فإنه لم يعد كافياً أن يتقن المعلم المادة العلمية فقط أو مجرد ملقن للمعرفة وإنما أصبح دوره اليوم أكبر وأجل وذلك من خلال توجيه الطلاب للتعلم والبحث عن المعرفة في مصادرها المتنوعة الأمر الذي يتحتم معه أن يكون المعلم معداً إعداداً جيداً من النواحي الأكاديمية والمهنية والثقافية فضلاً عن أن يكون قادراً على تنمية وتجديد وتحديث معارفه بصورة مستمرة.
ونظراً لهذه الاعتبارات وغيرها أضحت عملية اختيار وانتقاء العناصر المرشحة للالتحاق بمؤسسات إعداد المعلم تحتل أولوية وأهمية قصوى ودعت الضرورة أيضاً إلى الاهتمام ببرامج إعداد وتأهيل المعلم وتتوقف فاعلية التعليم على فاعلية المعلمين وكفاءتهم.
ولقد أصبح اليوم الاهتمام بمعلم المستقبل مسألة لا تشغل بال المهتمين والمختصين بشؤون التعليم فقط وإنما تعدى ذلك حتى أصبح شأناً عاماً في كافة المجتمعات.
وتمت المناداة والتأكيد على حتمية (تمهين التعليم) باعتباره الركيزة والأساس المناسب لعمليات التطوير والاصلاح وفي ضوء ذلك ظهر مفهوم إجازة التدريس أو الترخيص لممارسة مهنة التدريس كتعبير عن الاهتمام المتزايد من قبل المسؤولين والمتخصصين بأمور التعليم.
وهذا التوجه الجديد شأنه في ذلك شأن كل التوجهات التربوية.
ولهذا اقترنت ممارسة العديد من المهن بما أطلق عليه الترخيص لممارسة المهنة كما هو الحال في مجالات الطب والهندسة والمحاماة والمحاسبة وغيرها من الميادين حيث يعد الحد الأدنى من كفاءة الأداء شرطاً ضرورياً لممارسة المهنة من أجل حماية المستفيد من الممارسين غير الأكفاء..
ومهنة التعليم من أهم المهن وأخطرها وأشرفها وهي الأجدر والأولى بسن تراخيص لممارستها لضمان حق الأفراد والشعوب في توفير معلمين لأبنائهم قد أعدوا إعداداً كافياً لأن المعلم غير الكفء يشكل خطراً على حياة الأطفال ومستقبلهم شأنه في ذلك شأن الجراح غير الكفء.
إن الهدف الأساس من وضع تراخيص لممارسة مهنة التعليم هو العمل على زيادة النمو المهني للمعلمين بهدف تمهين التعليم وتحسين العملية التعليمية والارتقاء بها حتى تواكب التطورات المستمرة في عالم اليوم.
وعلى هذا فإن الترخيص هو الآلية التي تضمن النظام التعليمي بمقتضاها امتلاك المعلم للقدر المناسب من المعارف والمهارات الفنية المطلوبة المتمثلة في مادة التخصص ومبادىء واستراتيجياته وطبيعة المتعلم ونموه وتكنلوجيا التعليم والقياس والتقويم وإدارة الصف.
وبذلك فإن منح الترخيص لممارسة مهنة التعليم للمعلمين الجدد والقدامى يتم وفق معايير وأسس علمية مقننة يضعها المختصون ويطالب المعلمون باجتيازها ويحدد لصلاحيتها مدة معينة ويلزم المعلمون بتجديدها حال انتهاء مدتها ويتعين على كل معلم خلال مدة سريانها المشاركة والمساهمة في العديد من أنشطة النمو المهني مثل الدورات التدريبية وورش العمل والمشاريع البحثية وحلقات النقاش وغيرها حتى يحقق الشروط المطلوبة لتجديد الترخيص.ومن هنا فإن تمهين التعليم وإصدار رخص لممارسة المهنة يناسب مكانة هذه المهنة وسمو رسالتها ويضمن كفاءة وفاعلية المعلمين ويسهم في اختيار الأجود والأفضل لممارسة هذه المهنة الشريفة لأن الأمم تقاس بكفاءة معلميها.
|