لقد توالت سلسلة من الأحداث المؤسفة في بلادنا بلاد الحرمين الشريفين يذهل لها المسلم ويتملكه العجب، بل يحار القلم وتعجز الكلمات من هول ما يرى ويسمع من هذه الأحداث.
وحين تبلغ هذه الأحداث قرب بلد الله الحرام وبيته الأمين الذي جعله الله آمنا؛ كما قال سبحانه: {وّإذً جّعّلًنّا البيًتّ مّثّابّةْ لٌَلنَّاسٌ وّأّمًنْا} فالأمر يعتبر أكبر جرماً وأشد حرمة وأعظم عقوبة.
إن ما حدث في مكة المكرمة في يومي الاثنين والخميس 9 - 12 من شهر رمضان المبارك عام 1424هـ من حشد لوسائل القتل والتدمير في بلد الله الحرام لا يشك أي مسلم في تحريمه لأن مجرد إرادة الإفساد في الحرم تعتبر جريمة يستحق صاحبها العذاب الأليم فكيف بالإفساد نفسه قال سبحانه: {وّمّن يٍرٌدً فٌيهٌ بٌإلًحّادُ بٌظٍلًمُ نٍَذٌقًهٍ مٌنً عّذّابُ أّلٌيمُ} .
والمحافظة على الأمن مسؤولية الجميع رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً فبالأمن تعمر المساجد وتقام الصلوات وتقام شعائر الدين وتحفظ الأعراض والأموال وتؤمن السبل وينشر الخير وتطبق الشريعة وتقام الحدود وإذا اختل الأمن كانت الفوضى.
إن هذه الأعمال التي تستهدف الآمنين مخالفة لأحكام الدين التي جاءت بعصمة دماء المسلمين فكيف إذا كان هذا الفعل بالقرب من بلد الله الحرام وفي شهر رمضان حين اكتظ بيت الله الحرام بالمعتمرين والمصلين والمعتكفين والصائمين لله رب العالمين كيف يكون ذلك في بلد له خصوصيته وله قدسيته؛ بلد لا يدخله إلا المسلمون ولا يقيم فيه إلا المسلمون من مواطنين ومقيمين ومعتمرين وزائرين إذاً فمن المستهدف في هذا البلد الحرام؟! الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت اللهم فاشهد».
ولا شك أن ذلك أشد حرمة بإجماع المسلمين؛ فضلا عما قد يحدث من إزهاق للأنفس المعصومة وإتلاف للأموال المحترمة وترويع للآمنين المطمئنين وإشاعة للفوضى في بلاد المسلمين.
وما حدث في هذا الشهر المبارك في مكة المكرمة يومي الاثنين والخميس الموافق «9، 12/9/1424هـ وفي الرياض يوم الخميس الموافق 12/9/1424هـ وما سبقهما من أحداث في بعض مدن المملكة لمؤلم حقا ويحتاج إلى وقفة واحدة من جميع شرائح المجتمع؛ لأن البلد بلدهم والأمن أمنهم فيجب علينا جميعاً أن نتعاون على حفظ الأمن في بلادنا امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: {وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البٌرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ}.
وفي هذه الأحداث حمل للسلاح على المسلمين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا» أخرجه البخاري.
يتأكد ذلك في هذا البلد الحرام الذي جعله الله آمناً لا ينفر صيده ولا يختلى خلاه ولا يعضد شركه فكيف بترويع الأنفس الآمنة وإراقة الدماء المعصومة وإزهاق الأرواح المسلمة؟
إننا ندين هذه الأعمال التي حدث في مكة المكرمة والرياض ونستنكرها؛ بل يستنكرها كل مسلم وعاقل؛ فضلاً عن العلماء وطلاب العلم لأن المجتمع كله بكل فئاته ومستوياته وطبقاته في سفينة واحدة والخرق في أي جزء منها يفضي إلى غرق الجميع ويجر مجتمعنا إلى دوامة من العنف لا يعلمها إلا الله سبحانه.
فالواجب علينا جميعاً أن نقوم بواجبنا الشرعي نحو بلدنا ومجتمعنا وقيادتنا؛ وأن نكون يداً واحدة في وجه من يريد العبث بأمن هذه البلاد المباركة وأن يبذل كل واحد منا ما بوسعه من أجل رأب الصدع وتوحيد الصف وجمع الكلمة.نسأل الله أن يحفظ بلادنا من حقد الحاقدين ومن عبث العابثين؛ وأن يدفع عنها كل سوء ومكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه؛ وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
|