بعد كل يوم وآخر نسمع أو نقرأ عن ابتكار أو اختراع أو نجاح سعودي في أداء مميز للطب أو العلوم أو الفنون وغيرها ومنها من نجح وبرز في أداء دور راق في الإدارة والإدارة للأفراد تتطلع بعمق لإدارة الجمهور، أو حسن التصرف واللياقة مع العدد الأكبر من الناس، ذلك لو أننا تعمقنا في داخل التكنولوجيا في هذا العصر الذي نحن فيه لرسمت لنا الأعمال التي نشاهدها أو التي نتعرف عليها يوما بعد آخر بان هناك تفعيل من البعض من مواطنينا، وان هناك ترق في التعامل، وان هناك علاقات عامة نلتمس من خلالها الإحساس بالمسؤولية، وان هناك علاقات ترتبط بفن الإدارة، وكما يقول «تايلور» أحد رواد علم الإدارة «ماذا يمكن ان تقدم لمن حولك حتى يكتب لك النجاح؟».
ثمة سؤال، لكن له أبعاد يمكن ان تأخذ منا صفحات، أو ساعات لابراز الغرض من العملية الإدارية ومدى الرقي بها، ومعرفة خطواتها، وإدراك لخطورتها ايجابياً وسلبياً مع مر الأيام!! أذكر هذا، وأتذكر البعض ممن رأيتهم أثناء ممارساتهم الطبيعية في الحياة الإدارية وعلى سبيل المثال الاستاذ فيصل بن صديق مدير مكاتب الخطوط السعودية في الفلبين وكوريا الجنوبية ولم أكن أعرفه، بل لا أعرفه على الإطلاق، وإنما رأيت الشخص أمامي في مطار مانيلا، وهو يتفقد المسافرين، ويسأل عنهم، ويساعد من يحتاج إلى المساعدة من الصغير إلى الكبير، ومن الأطفال والنساء، صورته في ابتسامته الصادقة، وصوته في تؤدة وطمأنينة، ونظراته تؤكد بأنه سبق الحضارة الموجودة هناك، وتحليه بالأخلاق والفضيلة، نعم هذا هو «فيصل صديق» علم من أعلام السعودية -الخطوط- وابن من أبناء هذا الوطن الذي لابد وان نشيد به، ونشدّ على يديه بكل قوة، ونؤكد لجهات الاختصاص ممن إدرك بأن هناك من أبناء الوطن من هم على كفاية، وهناك من أبناء الوطن من هم على دراية وعلم وفن وأخلاق في الأداء والتعامل وأيضاً التطوير ذلك هو فيصل بن صديق أحد هؤلاء المخلصين الذين يعملون مع أسرهم خارج الوطن، لكنهم صورة مشرفة للوطن، هم سفراء فعلا لبلادهم، وصورة مشرقة تتحدث بطبيعتها في عقول المسافرين هناك.
لقد كنت في مهمة علمية هناك، وبطبيعة الموقف زرت مع بعض الزملاء مكتب الخطوط السعودية في مانيلا، ووجدت صورة رائعة من الترتيب والنظام والعمل رغم اننا لم نتصل بمدير المكتب، إلا انه شم رائحة أبناء وطنه ولقينا منه ومن موظفيه كل الترحيب والأمان، كل هذا يذكرنا بمديرين وعاملين في هذا الحقل الهام كانت لهم صولات وجولات للتنمية الإدارية الفنية بالخطوط السعودية ومنهم الصديق الاستاذ محمد عمر بادخن وابنه الفذ الأخ عبدالله محمد عمر بادخن الذي يواصل المسيرة في أحد حقول السعودية بمطار جدة وأيضاً الاستاذ مدير الخطوط السعودية بأمريكا.
ان مثل هذه القيم إذا تواجدت في بلاد الغربة سوف تتكلم من مكانها باسم الوطن، وتقدم خدماتها لابناء الوطن، وتقوم بتطوير خدماتها من أجل الإثبات بان أبناء هذه البلاد لاتزال لهم الكلمة ريادة واخلاقا مع بقية الشعوب، بل نشارك الآخرين، وننافسهم في أرقى الأعمال بإذن الله.
إن فيصل بن صديق ولو أطلت عليه هنا لأنه يستحق بأن يرسم لنا من مانيلا نموذج الإداري التفاعلي والإدارة الخلاقة الذي يتمتع بالعلم والثقافة، كما يدرك بعمله وفهمه لكل متطلبات التحليق إلى الأمام وسط عالم التكنولوجيا المتطورة وواجبات الاستقبال والترحيب بالمسؤولين والضيوف.
مانيلا بين القديم والتحديث
تعيش الفلبين رغم الفقر الذي يعاني منه شريحة كبيرة من المجتمع تعيش عصر التحديث الذي بدأ يتسلل من المطار إلى داخل المدينة بطرقها السريعة، والعادية، والخطوات التي تربط بين المدينة القديمة مانيلا الجديدة وكأنك تعيش في عالم آخر بين الاثنتين من حيث الاستخدام للتكنولوجيا والعمل المهاري اليدوي، والصناعات المختلفة بين خفيفة وثقيلة والتي رأينا منها في بعض المعارض التي بدأت تستفيد في برامجها من التقنية.
في الفلبين وبداية من مانيلا العاصمة ترى شعبا متعلما بارعا، محافظا على اتصالاته، وعلى أدائه، وعلى نظمه، وعلى أوقاته، شعب يريد ان يتعلم وان يواصل شبابا فتيانا وفتيات لا هم لهم إلا العلم، والسباق نحو هذا المضمار، ذلك ان المعاهد والمدارس والجامعات في صراع نحو تزكية المهن والصناعات والعلوم حتى الخدمات أصبحت تقدم في قالب من الاتقان والفن، فأما ان تتقن العمل، وأما ان تتأخر لتتراجع للوراء.
ان صناعة السياحة في الفلبين أحد روافد تجارتها الجذابة ولم أجد من التعامل إلا الذي يظهر وجه الفلبين في مساحات أبنائه الذين يتقنون أكثر من لغة، وخاصة الانجليزية للتواصل في مخاطبة كل فئات المجتمع، فالخدمات الفنية راقية، والفلبين يقدم لك التحية باجلال، ولا يود أكثر من مبادلته بالتحية إلا الأفضل منها، والفردية والشواذ لا يمكن ان تسلم بها لكي نهضم مجتمعا راعى حقوق الاغراب على مدار التجربة والتاريخ.
يذكرنا أحد خريجي الكليات التقنية والذي يعمل في مجال السباكة، بانه تعلم من الأجنبي وهو يقصد الخبرات الأمريكية وهو الآن يحل مكان الأجنبي وقبل هذا تعلم:
-الصدق وهي لغة التعامل التي هي سبب تواصله مع الناس.
- الاتقان للعمل.
- الاخلاص للمهمة.
- والأهم المحافظة على الوقت.
- مواصلة ومتابعة التعلم بالقراءة والتدريب.
إن هذا الكلام يذكرنا بعدد الاخوة الفلبينيين الذين نعرفهم في بلادنا وعملوا في بلادنا انهم يقدمون نماذج من ذلك الذي ذكرته في حديثي مع ذلك الخريج الفلبيني الشاب، هكذا نحن نحتاج إلى نماذج مشرقة وقد يكون فعلا فيصل صديق أحد النماذج الوطنية في بلاد الغربة، إلا اننا نحتاج إلى عشرات ومئات وملايين يمثلون الشريحة العليا التي تضمن لأبنائنا الأمن والأمان عملا ووظيفة وتطويرا وانتاجا، وهذا هو الذي سوف يظل مع مر الأيام، فهل يدرك أبناؤنا هذا الواقع، ويعودوا باتجاهاتهم إلى الإيمان بالعمل والعلم بعد الله سبحانه وتعالى بدلا من ان تسلط فيهم لغات الانحراف والتطرف الهدام؟!.
|