لقد ساءنا ما حدث في الأسبوع الأول من رمضان من تفجير في عاصمتنا الحبيبة الرياض حماها الله من كل مكروه وبلاد المسلمين.. إن ما حدث من تفجير هو اعتداء سافر على حقوق كثيرة، حق الناس بالأمن، حيث روَّعوا الآمنين، حق النفس المعصومة، حيث قتلوا عشرات وأصابوا مئات، حق الملكية الخاصة في تفجير المجمع وخسارة أصحابه، حق الحاكم بالخروج عليه، حق الله بالقتل وقتل النفس، فأي إصلاح يريده هؤلاء وهم إن صدقوا فيما أرادوا ينطبق عليهم قول القائل: يبني قصراً ويهدم مصراً
يقول الشاعر:
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما هكذا تورد يا سعد الإبل
|
إن هؤلاء المفجرين قد غرر بهم وغسلت أدمغتهم وتولاَّهم شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض، وإلا فنحن في بلد إسلام، بلد توحيد خالص، بلد تخرج فيه لا تخشى إلا الله ثم الذئب على غنمك، بلد الحرمين قبلة المسلمين وملتقى أفئدتهم، إن ما قام به هؤلاء لهو والله تشويه لصورة شباب الإسلام وبلاد الحرمين، كيف بهم إذا وقفوا أمام الله سبحانه وأخذ يسألهم وهو أعلم : لم فعلتم كذا وكذا، لم قتلتم الأبرياء، لم روَّعتم الآمنين لم أهلكتم الحرث والنسل فماذا ستكون إجابتهم.
يا أيها الناس إن الأمر خطير جدا، خطير حتى وإن فررتم من حكم الدنيا كيف بكم إذا وقف أهالي القتلى والمقتولين أنفسهم والناس وأصحاب الحقوق عند من لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، إن الخطأ لا يعالج بخطأ، فعليكم التوبة إلى الله، ولتعلموا أن الحد في الدنيا مطهرة من الذنب، إن لم يكن هناك حقوق أخرى. أما يعلم الجميع أن الإسلام حرَّم إشهار السلاح في وجه أخيك المسلم فكيف يقتله بأحدث المتفجرات. لا لا.. ذاك جرم عظيم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمي بلادنا من كيد الكائدين.
لتعلم أيها المفجِّر أنك قد خدمت أعداء الدين وعلى رأسهم إبليس اللعين، حيث القتل والتخريب والمساس بأمن الوطن هي غاية أعداء الأمة، وهل تعلم أثر ذلك على الأمة هناك أبرياء أطفال ونساء وشيوخ ومرضى وكهول وعجزة فإن تخريبك بممتلكات ومدخرات الوطن هو إيذاء لأولئك.
نحن ولله الحمد في دولة تحكم شرع الله وتطبقه في بلد يرفع فيه المآذن وتصدح بالله أكبر، ولا سواء، في بلد رغد عيش وأمن وأمان ودعم للخير في بقاع المعمورة من بلاد المسلمين والأقليات المسلمة، بلد فيه تماسك الراعي والرعية ماذا تريدون. إن التفكك والضياع يقوي العدو ونحمد الله الذي هيأ لنا الموحِّد الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث جمعنا بعد فرقة ووحدنا بعد شتات ودعم الدين وأهله فلا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
إن درجات تغيير المنكر كما وضَّحها رسول الله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). فإن كان من أمر ما فالتغيير حسب ما ورد في الحديث.
وأخيراً أسأل الله العظيم رب العرش الكريم إله الأولين والآخرين، أسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحمينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجنب بلادنا وحكامنا وعلماءنا كيد الكائدين، وأن يجعل كيدهم في نحورهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
* الرياض
|