الكثير يتحدث عن السعودة، وضرورة توفير أماكن استيعاب للمواطنين السعوديين وخاصة من خريجي الثانوية العامة والخريجين الجامعيين، وأغلبهم يطالبون القطاع الخاص بالقيام بدور أساسي لهذه العملية، وهو مطلب محق وشرعي، وواجب وطني وتكافل بالدرجة الأولى، بل إن على القطاع الخاص واجب رد الجميل للمجتمع والدولة، فالمؤسسات والشركات وخاصة البنوك والمؤسسات الكبرى، رغم تحقيقها مكاسب وأرباحاً كبيرة جداً، فإنها لا تدفع ما يوازي ذلك أية ضرائب توازي ما تحققه، وحتى واحد بالمائة مما تحققه من أرباح، ناهيك عن تقصيرها في إقامة وإنشاء المساهمات في المشاريع الخيرية والتنموية لصالح المجتمع، كبناء المدارس والمستشفيات ومعاهد التأهيل والتكوين المهني مثل ما هو موجود في كل دول العالم.
كل هذا سبق أن تناوله العديد من الكتاب المطالبين بدور أكبر إيجابية للقطاع الخاص، إلا أن الذي أريد التحدث عنه هو الدور الذي لم يكتمل في القطاع الحكومي في استيعاب الشباب السعودي، إذ لا يزال العديد من الوظائف التي يشغلها غير السعوديين في حين يستطيع الشباب السعودي بقليل من الجهد والتأهيل الحلول محلهم، وتأدية ما يقوم به المتعاقدون بكفاءة أكثر، ولنأخذ مثالا على ذلك ما نراه في المستشفيات الحكومية التي لا تزال تشغل الآلاف من غير السعوديين، كموظفين في أقسام السجلات الطبية والسكرتارية وممرضي الطوارئ والاستقبال، وكل هذه المهن التي لا يزال يشغل أغلبها غير السعوديين، يمكن إحلال الشباب السعودي بدلاً منهم، واستيعاب الآلاف بعد إخضاعهم لتأهيل وإعداد مهني، من خلال المعاهد الطبية التي انتشرت في الآونة الأخيرة، ولقد التقيت قبل أيام في احد المستوصفات الخاصة في الرياض بشاب سعودي قام بتغيير الغيار الطبي والضماد لأحد أطفالي بمهارة وحرص واهتمام شديدين، وقد دفعني إعجابي بالشاب لسؤاله عن المكان الذي تعلم فيه مهنة التمريض، فأجاب بأنه درس في أحد معاهد الرياض بعد تخرجه من الثانوية العامة وبعد إنهاء دراسته وتدربه في المعهد تقدم للعمل في المستوصف التابع للقطاع الخاص، وأنه يعمل منذ أشهر وبراتب ألفين وسبعمائة ريال، وأن هناك المئات من زملائه ينتظرون الفرصة..!! والسؤال أين المستشفيات الحكومية عن هؤلاء؟ وهل يلتفت لهؤلاء من إدارات الموارد البشرية في وزارة الصحة والشؤون الطبية في الحرس الوطني والقوات المسلحة والأمن العام، لإحلال هؤلاء محل جيوش الممرضين وكتاب السجلات الطبية وموظفي الاستقبال من غير السعوديين؟
| 
