تلتقي في ديسمبر القادم نخبة من مؤرخي الوطن العربي ومفكريه ليناقشوا في ندوة مجلة العربي تحت عنوان «الغرب بعيون عربية» نموذج العلاقة بين العرب والغرب منذ بدايات التواصل، تلك البدايات التي دشنتها الرحلات المتبادلة بين الجانبين.
الندوة الموسعة التي يرعاها وزير الاعلام الكويتي الأستاذ محمد أبوالحسن تعقد في العاصمة الكويتية، التي شهدت قبل 45 عاما صدور «العربي» لتظل - منذ ذلك الحين - منارة ثقافية شامخة تجدد من ذاتها ودورها. ولعل هذه الندوة السنوية الثالثة تأتي في هذا السياق الذي يؤكد الدور الثقافي للمجلة المؤسسة.
وخلال أيام الندوة - من 27 الى 29 ديسمبر 2003م - ستقدم أوراق الندوة أبحاثاً نظرية ودراسات تطبيقية حول أشهر الرحلات التي قام بها رواد عصر النهضة من المفكرين العرب الى أوروبا وأمريكا. وقد صرح الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة «العربي» ورئيس الندوة بأن اختيار هذا الموضوع يعكس الجدل الكبير الذي أصبح يرسم علاقتنا بالغرب أصبحت تثير جدلا كبيرا، وخصوصا بعد كل الدعوات التي ترتفع عن صراع الحضارات والحرب بين الأديان. وسوف تركز الندوة - في جانبها الأكبر - على الجانب الايجابي من لقائنا مع الغرب، وكيف حاول الرحالة العرب أن يجيبوا عن أسئلة استقصت أسباب تخلفنا، وأسباب تقدم الغرب، في محاولة لاكتشاف سبل جديدة للاستفادة من حضارته العلمية ومدنيته المتقدمة، كما استفادت منها أمم أخرى. والسؤال الأهم: لماذا عجزنا عن فهم ما التقطه الرحالة العرب من مظاهر التقدم العلمي والاكتشافات العلمية والتقدم الحضاري في الغرب؟.
ويضيف الدكتور سليمان العسكري: إن الندوة غطي عدة محاور منها: الرحلة كوسيلة لاكتشاف الآخر. ويتناول من خلاله تاريخ الرحلات العربية المبكرة الى الغرب، وطرق تدوينها، والمحاولات التي بذلت في بداية عصر النهضة العربية، لمحاولة معرفة أسباب الصراع بيننا وبين الغرب.أما المحور الثاني للندوة فيركز على حركة الهجرة العربية التي بدأت مع بداية القرن الماضي، وما زالت متواصلة حتى الآن، ومحاولة المهاجرين العرب غرس جذور جديدة في أرض غربية، وعما يعانونه من انشطار روحي بسبب معايشتهم لثقافتهم الأصلية وثقافتهم الجديدة.
ويضم المحور الثالث «رحلات عربية رائدة» دراسات تطبيقية عن أهم الرحالة العرب الذين انطلقوا الى أوروبا، مثل: رفاعة الطهطاوي من مصر، والغساني، من المغرب، والموصلي من العراق، وشكيب أرسلان من لبنان، كما تسعى الندوة الى اكتشاف بعض الرحلات العربية المنسية، التي لم يُلق عليها الضوء حتى الآن. ويتمثل الصوت المعاصر في محور آخر يضم شهادات مفكرين ومبدعين عاشوا في الغرب لسنوات طويلة.وستكرم ندوة «العربي» عدداً من الشخصيات والمؤسسات التي ساهمت في تقريب الفجوة المعرفية بيننا وبين الغرب.. ومن المكرمين الدكتور عبدالهادي التازي الباحث والمحقق المعروف ومستشار الملك المغربي، للدور الريادي الذي قام به في تحقيق رحلة ابن بطولة. وكذلك كبير المؤرخين العرب الدكتور نقولا زيادة لدوره الكبير في التأريخ للحضارة الاسلامية، واهتمامه بتدوين التاريخ المبكر للرحلات العربية. كما سيتم تكريم المجلس الأعلى للثقافة في مصر لدوره الرائد في الاضاءة الناهضة لثقافات العالم من خلال المشروع القومي للترجمة. ومن الكويت، سوف يتم تكريم مؤسستين مهمتين، أولاهما المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، للدور الثقافي والحضاري الذي قام به من خلال نشر سلسلة «عالم المعرفة» التي تحتفل خلال أيام الندوة بمرور ربع قرن على صدورها، وكذلك مؤسسة عبدالعزيز البابطين الشعرية للدور الذي تقوم به في التقريب بين الحضارات.
|