كل جهد عربي وفلسطيني باتجاه التهدئة والسلام يقابله تعنت إسرائيلي، بل وتنديد من قِبلها بالجهود المبذولة للتسوية.
والمثال الأبرز الآن الانتقادات الإسرائيلية والتنديدات التي انصبَّت على مهمة المبعوث المصري الذي حقق تقدماً فيما يتصل بإقناع العديد من الفصائل الفلسطينية بالالتزام بهدنة.
وحاولت إسرائيل إخفاء ضيقها من هذه المهمة بالقول إن مصر طرف غير محايد، ما يعني صعوبة القبول بوساطتها، غير أن إسرائيل تدرك جديَّة المساعي المصرية، لكنها لا تريد سلاماً على أيدي العرب والفلسطينيين وهي بالأحرى لا تريد موقفاً فلسطينياً موحداً تجاه أي موضوع، فوحدة الصف الفلسطيني بشأن الهدنة أو غيرها تطيح بورقة أساسية تراهن عليها إسرائيل دوماً وتتمثل في تفرُّق الفلسطينيين لتسهيل ضربهم فرادى.
وتزامن مع التنديد الإسرائيلي بمهمة المبعوث المصري خيبة أمل إسرائيلية وإحساس شديد بالغبن لديها، لأن روسيا تجاهلت توسلات رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون وواصلت جهودها لإحياء خطة خريطة الطريق..
وكان شارون حاول خلال زيارة له إلى موسكو مطلع الشهر الجاري إقناع الرئيس الروسي بالتخلي عن تقديم مشروع قرار بهذا الصدد إلى مجلس الأمن الدولي.
ومن الواضح أن إسرائيل لا ترحب بأي جهد لإقرار السلام أو تحريك الأمور باتجاه التسوية، فهي ترى أنها ليست في حاجة لتسوية تحرمها مما تنعم به حالياً من رعاية من قِبل الدول الكبرى وتستمر في ذات الوقت في التنكيل بالمواطنين الفلسطينيين وضم أراضيهم والاستحواذ على ممتلكاتهم بالسور العازل أو غيره.
ويعني السلام ضمن ما يعني وقف المستوطنات وإعادة الأراضي المسروقة سواء مباشرة أو من خلال خديعة السور العازل فضلاً عن الأمور المتعلقة بالقدس واللاجئين.
السلام يعني حرمان إسرائيل من المكاسب، التي هي عبارة عن سرقة شعب بأكمله، غير أن الحالة الراهنة تجسد الوضع الأمثل لإسرائيل، فهي بكل هذه الموبقات لا تزال تحظى بوضع الرعاية الشاملة من قِبل القوة العظمى التي تبرر لها كافة الاعتداءات على الفلسطينيين وعلى العرب ككل.
|