إن دين الإسلام دين شامل كافل، فهو شامل لجميع ظروف الحياة ومتطلباتها كما في قوله تعالى: {مَّا فّرَّطًنّا فٌي الكٌتّابٌ مٌن شّيًءُ}، وكافل لحرية الإنسان التعبدية كما في قوله تعالى: {لا إكًرّاهّ فٌي الدٌَينٌ قّد تَّبّيَّنّ الرٍشًدٍ مٌن ّالغّيٌَ}، وقد جعل الله أتباع هذا الدين القويم أمة وسطا بين طرفين فقال سبحانه وتعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }، فمن شذَّ تفريطا أو غلواً فقد فارق هذا المنهج الوسط الذي من مسؤوليته الشهادة على الطرفين وإقامة الحجة عليهما.
ولا شك أن ما حصل من عمليات تفجير في مناطق مختلفة من هذه البلاد المباركة هي تصرفات شاذة لا يقرها ديننا الإسلامي الحنيف وهو بريء منها كل البراءة، ومن قام بهذه الأعمال التخريبية أو أعان عليها فهو خارج عن تعاليمه ومنبوذ من مجتمعه الفاضل الذي تربى على العقيدة الصحيحة والمنهج المعتدل في شؤونه كلها، ولو أن هذا المفجر استخدم عقله - إن كان له عقل - لرأى أنه في عمليته النكراء قد أدخل بلاده في خسائر كبيرة ومخاطر بليغة تمثَّلت في زعزعة الأمن وإزهاق الأنفس وتدمير الممتلكات، بينما أولئك الذين يظن أنه يحاربهم ويتشفى بهم سالمون لم ينالهم أذاه أو يتضرروا بفعله المشين؟! كما أنه لو رأى بعين البصيرة لوجد أنه بما أقدم عليه من أعمال شاذة يفتح على مجتمعه نافذة من الفوضى، ويداً للعدو المتربص يتذرع بها للتنفير من دين الله وصد الناس عنه، وجعله يتمادى في وصمه بما ليس فيه.
وأخيراً يا من اغتر بهذا المنهج الدخيل اسأل نفسك وأقنعها بالإجابة: ماذا نتج عن العمليات السابقة من مكتسبات.. هل تحققت مدينة الأحلام؟!
لقد تحقق هنالك مطلب الشيطان قال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ }،وتصور حينما يسأل الله سبحانه وتعالى القتلة والمجرمين عن قتل الأنفس المعصومة ماذا عساها أن تكون الإجابة.. ففي قتل المؤمن منعه من العمل الصالح، وفي قتل الكافر قطع الطريق عليه للتوبة وتعجيل به إلى النار!! فأين ذلك من منهج خاتم المرسلين وطريقة أتباعه الراشدين؟!
* مدير التربية والتعليم بمحافظة الزلفي
| 
