Wednesday 19th november,2003 11374العدد الاربعاء 24 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

صراع المصالح بين الدول الكبرى يعرقل تحرير التجارة صراع المصالح بين الدول الكبرى يعرقل تحرير التجارة

* القاهرة - طارق عبدالغفار - أ.ش.أ:
رغم تعهد الدول الكبرى بتحرير التجارة تهدد الخلافات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين عملية العولمة ولاسيما في أعقاب قرار منظمة التجارة العالمية والتي اعتبرت التعريفة الجمركية الأمريكية على وارداتها من الصلب منافية لأسس التجارة الحرة ومنحت الدول المتضررة من الاجراء الأمريكي الحق في فرض اجراءات عقابية ضد الصادرات الأمريكية حال اصرار واشنطن على موقفها.
وتسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى حل وسط يرضي شركائها التجاريين من ناحية ويدعم صناعة الصلب الأمريكية المتداعية من ناحية أخرى لتجنب حرب تجارية خفية مع تلك الدول.
ويرى المحلل الاقتصادي الأمريكي نيل كينج أن قرار منظمة التجارة العالمية بمهد الطريق أمام 22 دولة لفرض اجراءات عقابية ضد الصادرات الأمريكية مشيراً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الخمسة عشرة اضافة إلى سبعة دول أخرى ترفض الالتفاف الأمريكي حول القرار الذي يطالب واشنطن بالغاء التعريفة الجمركية التي فرضتها على وارداتها من الصلب منذ حوالي 20 شهراً.
وأضاف أن شركاء واشنطن التجاريين ولاسيما الصين وكوريا الجنوبية واليابان يفضلون الانتظار لتقييم رد الفعل الأمريكي تجاه قرار منظمة التجارة العالمية في الوقت الذي هددت فيه دول الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على الصادرات الأمريكية بحلول الشهر القادم حال اصرار واشنطن على موقفها الرافض لتنفيذ القرار، وتحث شركات الصلب الأمريكية إدارة الرئيس بوش على التوصل إلى حل وسط مع الشركاء التجاريين لحماية صناعة الصلب الأمريكية وتجنب الغاء التعريفة على الصلب.
ويرى مسؤولون أمريكيون مثل كارل روف أحد مستشاري الرئيس الأمريكي جورج بوش أن التعريفة الجمركية المفروضة على واردات الصلب الأمريكية أصبحت تمثل عبئاً على الولايات المتحدة والتي لا تجني منها سوى فائدة محدودة للغاية.
وتخشى الإدارة الأمريكية رد فعل شركات الصلب وآلاف العاملين بها حال الغاء التعريفة الجمركية على واردات الصلب المستوردة ولاسيما مع اقتراب العد التنازلي لانتخابات الرئاسة الأمريكية والمقرر اجراؤها في نوفمبر 2004.
وتبدو الخيارات أمام الإدارة الأمريكية محدودة لتجنب الاجراءات العقابية من جانب شركائها التجاريين حال رفضها التنفيذ الكامل لقرار منظمة التجارة العالمية، وتتضمن تلك الخيارات خفض التعريفة المقرر استمرارها حتى مارس 2005م أو الغاءها على عدد من أنواع الصلب المستورد.
وفي السياق نفسه.. قال باسكال لامي المفوض التجاري الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي سوف يتخذ اجراءات عقابية ضد الصادرات الأمريكية حال رفض واشنطن الامتثال لقرار منظمة التجارة العالمية.
وتتضمن الاجراءات العقابية التي يهدد بها الاتحاد الأوروبي فرض تعريفة جمركية يتراح معدلها ما بين 8 و30 بالمائة على الواردات الأمريكية، وقال جاري هوفبرير المحلل الاقتصادي بمعهد الاقتصاديات الدولية أن الاجراءات العقابية التي يهددها بها الاتحاد الأوروبي في مواجهة الصادرات الأمريكية مبالغ بها ولاسيما عند مقارنتها بالخسائر الناجمة عن استمرار تعريفة الصلب الأمريكية.
ويطالب عدد من الأعضاء الجمهوريين بالكونجرس الرئيس الأمريكي جورج بوش بالابقاء على التعريفة الجمركية المفروضة على واردات الصلب منذ مارس 2002م لمدة ثلاث سنوات لتدعيم موقفه الانتخابي في عدد من الولايات المتحدة للصلب كأوهايو وويست فيرجينيا.
وقال سيلي مور كابيتو عضو الكونجرس الأمريكي عن الجمهوريين أن التعريفة الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس بوش على واردات الصلب ساعدت العديد من شركات الصلب الأمريكية مثل فيرتون وهويلينج بترسبرج اللتين يعمل بهما نحو ثمانية آلاف عامل على تنفيذ خطط لإعادة الهيكلة.
ويخشى كابيتو من حدوث انتكاسة لشركات الصلب الأمريكية حال اسقاط الاجراءات الحمائية «التي رفضتها اليابان والدول الأوروبية اضافة إلى منظمة التجارة العالمية» العام المقبل.
وأضاف أن صناعة الصلب تمثل عصب الاقتصاد الذي يوفر فرص عمل لقطاع كبير من السكان بعدد من المدن الأمريكية مثل ويست فريجينيا مشيراً إلى أن الرئيس جورج بوش حصل على أصوات كثيرة في وست فيرجينيا بسبب وعوده بحماية صناعة الصلب.
وقال إن اجراءات الحماية التي اتخذها الرئيس جورج بوش لتدعيم صناعة الصلب الأمريكية سوف تزيد من تأييد مواطني ويست فيرجينيا له خلال الانتخابات الرئاسية القادمة مشيراً إلى أن إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون لم تتعاطف مع مطالب شركات الصلب وعمالها حيث رفضت فرض تعريفة جمركية على واردات الصلب.
وقال كيث رينهارد المحلل الاقتصادي ورئيس مؤسسة «دي. بي. بي» العالمية للتسوبق أن مصداقية الولايات المتحدة في مجال التجارة تدهورت نتيجة فرضت إدارة الرئيس بوش تعريفة جمركية على واردات الصلب لحماية صناعتها المحلية في مواجهة واردات الصلب اليابانية والأوروبية والروسية اضافة إلى الفضائح المالية والمحاسبية لعدد من الشركات الأمريكية الكبرى كأنرون.
ورغم تزايد وتيرة المساعي الأمريكية لتحرير التجارة العالمية وتدعيم عملية العولمة حذر خبراء اقتصاديون أمريكيون من أن الاقتصاد الأمريكي سوف يتأثر سلباً بالعولمة والتي سوف تؤدي إلى تزايد معدلات الطلب داخل السوق الأمريكية وبالتالي تفاقم مشكلة العجز في الميزان التجاري الأمريكي مع العديد من الشركاء التجاريين كالصين والاتحاد الأوروبي واليابان حتى في حالة تراجع قيمة الدولار.
وقال جيمس كوبر المحلل الاقتصادي الأمريكي أن العولمة توفر فرصاً مواتية لتدعيم نمو الاقتصاد الأمريكي إلا أنها في الوقت نفسه تمثل تحدياً قوياً للشركات الأمريكية.
وأشار إلى أن العولمة سوف تزيد من المنافسة الشرسة بين الشركات الأمريكية والعالمية وتدفع تلك الشركات إلى تخفيض الأسعار بهدف زيادة المبيعات خلال السنوات القليلة القادمة وهو ما سوف يمثل ضغطاً على الشركات الأمريكية لإعادة النظر في استراتيجياتها الانتاجية والتسويقية وقوانين العمل، وأشارت المحللة الاقتصادية الأمريكية كاثلين ماديجان إلى أن العولمة سوف تدفع الشركات الأمريكية والعالمية إلى تحسين كفاءتها الانتاجية والتسويقية وخفض تكاليف الانتاج.
وأوضحت أن تزايد معدلات الطلب داخل الولايات المتحدة سوف يتسبب في تزايد العجز في الميزان التجاري ولاسيما في ضوء العجز التجاري الحالي مع العديد من الشركاء التجاريين والذين ينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي.
وقال المحلل الاقتصادي كيفني واتكنز ان الاجراءات التي تتخذها الدول الصناعية تحت ستار العولمة تستهدف دفع منظمة التجارة العالمية لتبني وجهات نظرها فقط لتحرير التجارة العالمية دون النظر إلى مصالح الدول النامية التي تنظر إلى تلك الاجراءات على أنها مصدر تهديد لاقتصادياتها.
وأضاف أن منظمة التجارة العالمية سوف تفشل في تبني اجراءات جديدة لتحرير التجارة حال استمرار الدول الغنية في عرقلة وصول صادرات الدول النامية لأسواقها.
وأكد أن الاشكالية تتمثل في اصرار الدول الصناعية على تحرير التجارة بالأسواق الخارجية في الوقت الذي تنبع فيه اجراءات حمائية لأسواقها الداخلية.
وتفرض الدول الصناعية تعريفة جمركية على وارداتها من الدول النامية تفوق التعريفة المفروضة على التجارة بين الدول الصناعية بنحو أربعة أضعاف. وتفرض الدول الصناعية تعريفة جمركية على واردات السلع المصنعة «والمنتجة بالدول النامية» أكبر من المواد الخام وهي اجراءات تعوق السياسات الرامية إلى خروج الدول النامية من دائرة الفقر.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved