* بغداد - د. حميد عبد الله:
ظل حلم (المنصب الحكومي) يراود جلال الطالباني على مدى عقود قضاها على قمم الجبال متمردا على سلطة بغداد، وها هو الكردي الثائر يصبح في رمشة عين الرجل الاول في العراق ولو لشهر واحد. لقد تحقق الحلم لكن الكردي الحالم لا يكفيه ثلاثون يوما يقصى بعدها عن الواجهة وربما عن السلطة كلها وسط أخبار عن طبخة أمريكية لصنع بديل عاجل عن مجلس الحكم، فماذا حقق جلال الطالباني خلال شهر في رئاسة مجلس الحكم؟ وما الذي كان يطمح لتحقيقه وماذا يريد من الامريكان وماذا يريدون منه؟
يقول الطالباني: في هذا المنصب اشعر بعراقيتي وبتحقيق الأماني التي ناضلنا من اجلها منذ شبابنا، أماني الاخوة العربية الكردية والعمل المشترك من اجل عراق موحد وديمقراطي برلماني تعددي. واشعر بفرحة الانتصار على الدكتاتورية التي أذاقت شعبنا مر العذاب و باختصار فإن شعوري العراقي تضاعف، ومعها اشعر بمسؤولية اكبر؛ مسؤولية القيام بمهام كبيرة في فترة محددة جدا فترة شهر وهي لا تكفي إلا لرسم المعالم العامة والمسار العام.
وعن التعجيل لنقل السلطة إلى العراقيين وهل مازال سابقا لأوانه قال: لا اعتقد أن هذا التعجيل سلبي بالعكس أرى أن نقل هذه المسؤوليات هو إعادة لسيادة واستقلال العراق وتعزيز لموقف المجلس. وفي هذا النقل تطبيق لقرار الأمم المتحدة رقم (1511)، وتطبيق للدعوة بإعطاء العراقيين حق إدارة بلادهم. انا أميل لتطبيق قرار (1511) بحيث يتم تشكيل حكومة انتقالية تتولى أمور البلاد والتهيئة لإصدار قانون للانتخابات، وفي الوقت نفسه تهيئ الأرضية لسن دستور دائم للعراق. ويواصل : هناك من يرى أن التعجيل بالدستور في هذا الظرف الأمني الصعب محفوف بالمخاطر نعم العجلة قد توقعنا في أخطاء بحيث لا نستطيع سن دستور عراقي جديد يرضي جميع مكونات الشعب العراقي.
وعن إمكانية نقل الملف الأمني إلى العراقيين أكد: نعم نحن قادرون على ذلك وقد زادت قناعاتي بعد لقائي بالمحافظين حيث بادرت إلى عقد أول اجتماع بالمحافظين وفهمت منهم بما في ذلك محافظ الانبار أن هناك إمكانيات لتعبئة الطاقات الشعبية ضد الإرهاب وحتى لكسب بعض من تورطوا في مثل هذه العمليات باسم الجهاد الإسلامي او الدفاع عن كرامة العراقيين وهناك استعدادات كبيرة في الفرات الأوسط للتطوع في الشرطة العراقية وفرض الاستقرار في المنطقة ومن ثم هناك إمكانية لتولي مجلس الحكم هذه المسؤولية بنجاح.
وعن حجم العمليات الإرهابية في العراق قال: هناك تضخيم خاصة في الفضائيات العربية لحجم الإرهاب. لنأخذ العراق ككل، ففي كردستان نرى أن الهدوء والأمن يسودان المنطقة إذا ذهبنا إلى شمال بغداد من بيجي فما فوق هناك عمليات بسيطة. الجنوب العراقي آمن باستثناء عمليات بسيطة يقوم بها أناس من خارج المنطقة. والظاهرة العامة أن العمليات يقوم بها إرهابيون يأتون من خارج المنطقة وليست لهم جذور شعبية في المنطقة نفسها. ولنأخذ بغداد : من 88 محلة توجد ثماني محلات تحدث فيها هذه الأعمال.. لذلك أقول إن هناك مبالغة من الفضائيات العربية ومن أعوان النظام السابق لتصوير العراق كأنه لا يمكن أن يحكم دون الدكتاتورية. المعلومات الأكيدة و المعلنة انهم إرهابيون من القاعدة ومن أنصار الإسلام ومن السلفيين المتطرفين المطاردين في المملكة العربية السعودية والهاربين إلى العراق وبقايا النظام السابق التي بدأت التنظيمات الصدامية تظهر من جديد وتمارس هذه الأعمال الإرهابية ولديها أسلحة واموال تغري بها الناس بالمساعدات الضخمة ولكن تبقى العمليات (الاستشهادية) من عمل أشخاص من خارج الوطن.
وحول المجموعات المحسوبة على النظا م السابق قال الطالباني: لدي الآن معلومات لا أستطيع الكشف عنها إنما يمكن أن أقول إن هذه المجموعات بدأت تستفيد من الجو الليبرالي السائد في البلد حتى انهم بدأوا يستخدمون الأموال الهائلة الموجودة تحت أيديهم لدفع الرواتب للعسكريين المحالين إلى التقاعد، لكن لا استطيع أن أقول إن هذه الجماعات تحولت إلى حركة جماهيرية وعلى سبيل المثال إن استفتاء جرى هنا في العراق يكشف أن (2 %) فقط يؤيدون صدام حسين واعتقد ان حتى هذه النسبة مبالغ بها.
في العقلية الامريكية توجد ليبرالية لا تنسجم مع الأوضاع العراقية الآن. مثلا هناك معلومات تأتي من المواطنين عن مجموعات تقوم هنا أو هناك بأعمال إرهابية فيكون الجواب : هاتوا لنا الأدلة. هناك أناس يعتقلون ثم يطلق سراحهم لأن اعتقالهم لم يجر على وفق القانون أي لابد من صدور قرار من قاض أو تدخل مختار. هناك تساهل وتسيب قد يكون مفيدا في أمريكا، ولكنه لا يلائم العراق ولا سيما بوجود هذا العدد من الارهابيين. القضية الامنية هي قضية سياسية. وإذا نظرنا إلى مجلس الحكم نجد أن القوى الشعبية للمجلس هي التي أعطته قوامه وشرعيته الوطنية. بالمقابل لانجد هذه الصيغة التوافقية في الشارع. وهذا ما جعل العمل السياسي غير حاضر في الشارع العراقي ...
أنا أيضا اعتقد أن القضية الامنية ليست قضية عسكرية أو إجراءات تنفيذية، إنما هي قضية سياسية إعلامية، اجتماعية. فقضية تحشيد الجماهير المستاءة من هذه الأعمال في المعركة ضد الإرهاب وبكل الوسائل، تحشيد القوى والأحزاب والاعتماد على قوى الدفاع الذاتي في المحلات والمدن والقرى.
|