* أبها - سعيد الاحمري:
شرّف صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن خالد بن عبد العزيز نائب امير منطقة عسير نادي ابها الادبي بزيارة تفقدية حضر خلالها امسية شعرية لكل من : احمد عبد الله عسيري وعلي آل عمر عسيري وعلي عبد الله مهدي وهم الرعيل الاول من شعراء النادي وادار الامسية احمد بن عبد الله التيهاني عضو مجلس ادارة النادي.وقبيل الامسية القى رئيس النادي محمد بن عبد الله الحميد كلمة رحب فيها بسمو الامير واستعرض فيها اهم منجزات النادي عبر ربع قرن.
ثم القى صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن خالد كلمة جاء فيها: في حضرة المثقفين تتجاوز المفردة دلالة التعبير المجرد لتمثل تحليلا شاملا لما يقف وراءها وما ينطلق امامها من معان ومواقف ودلالات، ففي البدء كانت الكلمة وفي الختام تكون وبينهما تبقى قائدة رائدة.
ينطلق المُخاطَبُون بها إلى «الآفاق».. أو تهوي بهم نحو «الأعماق».. من هنا تجيء «مسؤوليتُها» العظيمة.. فهي قد تهدي إلى «الحق».. أو تهوي نحو «الضلال».. وهي التي تُحيل الهامشَ إلى متن.. وربما أصبح المتنُ بها هامشاً..!
أيها الإخوة:
إن بضاعتي مزجاةٌ أمامكم وأنتم «النُّخَبة» في رجال الفكر والأدب والثقافة.. ولا أود أن أكونَ كحامل التمر إلى هجر.. فقد جئتُكم لأستفيدَ وأستزيدَ.. مؤمناً أن دور الأندية الأدبية قد تجاوزَ معارك «التقليد والتجديد».. و«شعر التفعيلة» و«قصيدة النثر» و«عمود الخليل» إلى قضايا مهمةٍ تمسَّ بلادنا وأمتنا.. وليس أقلّها تجسير الحوار بين المختلفين.. وتجذير الانتماء لدى الناشئين.. والإسهام في دروب التنمية.. ومناوءة وكشف المشككين والمتربصين..!
عقب ذلك بدأ التيهاني تقديم شعراء الامسية بمقاطع شعرية تمثل السيرة الفنية لكل منهم فقدم في البدء احمد عسيري ملقبا اياه ب«العم صبر العسيري» وخاطبة شعرا فقال:
يا من حملت على جراحك نزف جرح الآخرين..
وبذلت شعرك فدية للأمنيات..
رميت في الطرقات اوراق الخريف..
وبذلت شعرك فدية للأمنيات.
ودفنتها..
فتقرفصت روحي على اعتاب تلك الذكريات..
وهناك فوق الرف كبريت وديوان قديم..
يا سيدي..
يا موسم الجمال واللهاث والسهر..
وموت طائر القمر..
انا هنا نحيا حياة المتعبين..
اشعارنا ملل..
لأننا نجترها..
نقاوم الخجل..
«وامكهل لو يدري بها»
لفاضت المقل..
ثم بدأ الشاعر احمد عسيري قصائد بقصيدة «بغداد» ثم قصيدة «الحزن العربي» قال منها:
يا سيد الحزن هذي بعض اوراقي
من دفتر العمر.. من حزني واشواقي
من صرخة الذل في احشاء فاجعني..
من عابث الريح.. من قاموس إملاقي
الى ان قال مغيرا القافية:
عروبة اليوم كفي عن مطاردتي
فقد سئمت ألاعيب السياسات
لم يبق شيء أواريه ويسترني
تفاحة الزيف هذي كل سوءاتي
ثم ارسل بعدها «برقية الى صلاح الدين»:
انظر صلاح الدين كيف جهادهم
كالخنجر المسموم حين يعربد
من ثدي هذي الارض دفق حليبهم
ويحضنها المعطاء كان المولد
عفواً صلاح الدين هذا فاجر
وبقية الاشياء شعب سيد
ثم قصيدة «زرقاء اليمامة»:
مساء الخير يا زرقاء
ضاقت بيننا السبل
كؤوس فراغنا اندلقت
وفيها الضيم يغتسل
ثم جاء دور الشاعر علي عبد الله مهدي الذي اضحك الحضور وأبكاهم ووصفه مدير الامسية التيهاني بأنه «شاعر الحقيقة» وقال في تقديمه له:
تطوي الجناح على الجراح وتشعر
وتقول قومي بالكرامة اشهر
وتعلم الآفاق ان نداءنا
حق وان الحب فينا اشهر
ثم اطل علي مهدي ليمزج عشرات القصائد في مقاطع تمثل مسرحية شعرية وطنية واحدة بدأها بالترحيب بالامير قائلا:
مرحبا مرحبا بضيف عزيز
مرحبا الف بابن ذلك العزيز
ثم قال عن مسقط رأسه ببلدة «رجال» برجال ألمع:
رجال أغنية ما عشت تطربني
ومن شرايين قلبي ذلك الوتر
ثم خاطب ابها قائلا:
عز ركن تأوي اليه عسير
ثم طابت بها أبها مقاما..
وقال في أخرى:
وعسير تفتح قلبها لضيوفها
وعسير شاعرة المدائن والقرى
ثم انتقل الى نجد فقال:
من راحتي نجد يهمي المجد والظفر
ومن نسائمها الاشذاء تنهمر
ومن مصانع نجد انجدت امم
وفي مناجم نجد تسبك العبر
ثم انتقل بالحضور الى قصيدة معبرة قالها في وداع ابنته ليلة زفافها جاء في ختامها:
شريعة الله اولى من مشاعرنا
وسنة المصطفى فلنحمد السننا
ثم جاء دور الشاعر علي آل عمر عسيري الذي وصفه مدير الامسية بأنه «ذو الوجه الحنطي» وقدم له شعرا بقوله:
ايها الحنطي مهلا..
خذ سؤالا
ما الذي اشعل هذا الحب في قلب الزمان؟
اهي اشهار الغضب؟
أم وفاء للمكان؟
حين سال الحبر سفرا
حول ابها والادب.
اطل بعدها علي آل عمر عسيري واعلن انه مختلف عن نهج صاحبيه حين اصر على القاء قصائده القديمة التي تجاوز بعضها ثلاثين عاما فألقى قصيدته التي قالها امام الامير خالد الفيصل قبل حوالي اربع وثلاثين عاما عند توليه الامارة في عسير حيث قال فيها:
اتيت ترجي سحابها صوب هامدها
فكنت كالغيث بعد الله تحييها
بكم عسير ارتوت من كل مغترف
من المكارم واصطفت جوابيها
ثم اعقبها بقصيدة قالها في الملك الراحل خالد بن عبد العزيز وهو في رحلة علاجية خارج المملكة ثم قصيدة بعنوان «وطن العقيدة» جاء فيها:
أيا وطن العقيدة ان قلبي
يحدثني بأخلاق العباد
فمن شهم يصون العهد حقا
ومن نذل يدوس على المبادي
ثم انتقل الى نص ذاتي بعنوان «عاكسة» قال فيه:
في فناء الدار كانت عاكسة
لمعة البلور فيها حلية
تبهج النفس وتستهوي العيون الناعسة
إلى أن قال:
انما الشيب نذير ووقار
وكمال حين يعلوه اعتبار
ونقاء من صفاء العمر في
سنة الاسلام يتلوه اختبار
بيّض الله وجوها رضيت
خيرة الرحمن نعم الاختيار
أعلن بعدها التيهاني ختام الامسية بعد امسية رمضانية مميزة ثم قدم الحميد للامير فيصل بن خالد هدية النادي التذكارية بهذه المناسبة.