لعل من أهم الدروس التي يجب أن نستفيدها في هذا الشهر المبارك تقديم سلوكياتنا والتنبه إلى ما فيها من أخطاء وسلبيات والعمل على تلافيها، فما يهدف إليه هذا الشهر يصب جميعه في بناء الإنسان أخلاقاً وسلوكاً، فالامتناع عن الطعام يتطلب الصبر والحث على أن يصاحب الامتناع عن الطعام الامتناع عن كل ما يسيء للإنسان، هو تهذيب للخلق، وهو تدريب على حسن التعامل مع الناس والتجاوز عن الإساءات وكف الأذى عن الغير، ثم إن في هذا الشهر الذي منَّ الله به على المسلمين دعوة إلى الأمن والسلام، وبالتالي فإن التجاوز فيه يعني اختراق حرمته وعدم الانصياع إلى توجيهات إلهية ونبوية في جعله شهراً للرحمة والهدى.
وما نشهده أحياناً من سلوكيات مضادة تدفع إلى الدهشة، إذ كيف يمكن للإنسان أن يقوم بأداء متطلبات الشهر ظاهرياً وهو في دواخله لا يمتنع عن ارتكاب كل ما يفسد صومه، فمن يستخدم ألفاظاً مسيئة أو يتعالى على الآخرين، أو ذلك الذي يتجاوز الإشارة أو يقف بطريقة خاطئة، أو يتسبب في أذى غيره بسبب سرعته التي تتجاوز الحد المسموح، كل هؤلاء لم يدركوا في أعماقهم معنى الصوم ولم يتشرَّبوا أخلاقياته.
أما الطامة الكبرى ففي الكبيرة التي لا تغتفر والتي تتمثَّل في قتل النفس البشرية التي حرَّم الله قتلها، وترويع الآمنين متخلياً عن القيم والأخلاق الإسلامية، ومظهراً عدم الاكتراث بكل القيم الإنسانية قبل ذلك، فالمتفق عليه هو الامتناع عن قتل الإنسان في غير حرب أو قتال شرعي، فما بالنا عندما يكون القتل ظلماً وعدواناً في مثل هذا الشهر الكريم.
إن من المهم أن نلقن أبناءنا خصائص وصفات هذا الشهر المبارك، وأن نغرس في نفوسهم ما يدعو إليه من أخلاق وفضائل، هي في مجملها ما يجب أن يتصف به الإنسان من أخلاق سامية يقودها حب الخير والابتعاد عن الشر بكل أنواعه.
ولعلنا من خلال تعليمهم وتبصيرهم بما يجب أن يكون عليه المسلم في هذا الشهر الكريم سوف يلتزمون مع الأيام بالقيم والأخلاقيات الراقية السامية التي تدفع الشر من نفوسهم وتغرس فيها الخير وحب الناس.
|