إن بذور العنف في مجتمعنا ليست وليدة عام أو عامين، إنها تعود - على الأقل- إلى أكثر من ربع قرن، بدءاً من تنفيذ العقاب في جهيمان وعصابته، الذين تمترسوا في البيت الحرام، ولأننا لم نضع العين على اتباع مدرسته، فقد فرخت هذه المدرسة بهدوء، لقد فتحنا لهم المجال ليفرخوا في كل مكان من بلادنا. من ذلك اليوم تغير المواطن السعودي، فأصبح يحتفظ لنفسه بالعديد من الأقنعة، التي تعفيه من المساءلة من قبل هؤلاء الناس، أصبح للمواطن وجه مرح ومقبل على الحياة أمام أصدقائه ووجه صارم وجاد، ومتزمت، أمام أصدقاء آخرين، أما في المنزل فهو شخص قاس، وهذه الوجوه تتبدل كليا حالما يخرج من حدود بلادنا، يحدث هذا للرجل والنساء، ولافتقاد هذا المواطن للفضفضة البسيطة في مجتمعه، تجده أصبح ضيفاً على كافة القنوات الفضائية، على كافة مستوياتها، حتي أصبحت هذه المحطات تستحوذ على كعكة الإعلان في المملكة، فقد أدرك المعلن وأدركت تلك القنوات، أن جمهورها هنا، الجمهور المحافظ والبسيط والمنفتح على الآخر، لقد أمنت له تلك القنوات ما يريد حتى إنها لا تطالبه بأن يذكر اسمه الحقيقي حين يتصل بها، حتى أصبحنا نتميز بالكنية أكثر من تميزنا بأسمائنا الحقيقية، كل هذه الأمور الجديدة تدل على خلل أصاب الشخصية السعودية، هذا الخلل بدلا من أن نعالجه في المنزل والمدرسة والعمل، وفقا لأحدث الطرق عمدنا إلى كبحه، أو لجأنا إلى تجار الرقية والماء والزيت، فكان ما نراه، أصبح هذا المواطن ضيفا على برامج الأغاني والرياضة والمرأة والاقتصاد والسياسة التي تبثها القنوات الفضائية وتتناسب مع هواه، لقد أصبح كل مواطن يشكل قناته الخاصة، ولولا هذه القنوات التي بات يفضفض من خلالها من ميزانيته الخاصة وميزانية أسرته، لأصبح ضرره منظورا في كل مكان يحط فيه!.
ما هو السبب الذي جعل المواطن السعودي هكذا؟ هناك عدة أسباب:
1 - قلة فرص العمل وقلة مراكز التدريب والمعاهد والجامعات التي تستوعب من درس وتخرج ومن لم يدرس ومن لم يجد عملاً.
2 - قلة الأنشطة الصيفية واللاصيفية فقد اختفت الألعاب الرياضية والمسارح والصحف والإذاعات والرحلات من مدارسنا ومن أحيائنا، وحل مكانها اذاعات ومحاضرات تصب في اتجاه واحد بينما المفروض أن تصب في اتجاهين الدنيا والآخرة.
3 - قلة الأنظمة والقوانين وإذا وجدت أهملت المتابعة والحزم في تطبيقها، حتى أصبح الأجنبي مهيمنا على أعمال كثيرة كان من الممكن أن تكون حكراً على المواطنين لو صبرنا عليهم ودربناهم تدريبا جيدا.
4 - الكثير من الدول تفرض على الشركات والمؤسسات الاجنبية والاستثمارية أن تكون عمالتها من أبناء البلد، وتعطيها مهلة لتدريبهم وتأهيلهم، قبل أن تبدأ عملها في بلادنا، كما هو حاصل في العديد من الدول.
5 - تهميش دور المرأة، وحصرها في أماكن وظيفية محدودة، مع أن هذه المرأة لم تدرس، لكي تقبع في البيت، فلا يوجد زوج الآن يستغنى عن الزوجة التي تشاركه تكاليف الحياة.
هذه وغيرها كانت عاملاً مساعدا لنرى ما رأيناه وربما ما سنراه من عنف، يعتقد من يقومون به، أنهم يتقربون به لوجه الله، حتى لو كان ضحيتهم أطفالاً ونساء وعجزة، حتى لو ارتكبوا عنفهم في بيوت الله وفي أشهره الحرام.
هذا العنف يجب أن يزول أولاً، بدون أي تنازلات أو شفاعات، وبعد ذلك أمام بلادنا وقيادتها الحكيمة، أجندة نحن واثقون أنها سوف تعكف على تنفيذها، ليخرج لنا مواطن بوجه واحد، مجند لخدمة بلاده ورخائها، مواطن يعبر بكلمة واحدة عما يريد وأمام الجميع مواطن ملتزم بما أوجبه الله عليه..!!
فاكس: 4533173
|