الكل يترقب مع نهاية شهر رمضان المبارك دعاء ختم القرآن ويتطلع للمشاركة في هذا الدعاء في أكثر من مسجد والسفر لمكة المكرمة لحضور دعاء الختمة في الحرم المكي الشريف عن هذا يتحدث فضيلة الشيخ عبدالله عبدالرحمن الجبرين قائلاً:
- الدعاء بعد ختم القرآن مشهور عن السلف ومعمول به عند أكثر الأئمة قال ابن قدامة في المغني: فصل في ختم القرآن: قال الفضل بن زياد: سألت ابا عبدالله - يعني الإمام أحمد - فقلت: اختم القرآن اجعله في الوتر أو في التراويح؟ قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين قلت: كيف اصنع؟ قال: اذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل ان تركع وادع بنا ونحن في الصلاة واطل القيام قلت: بِمَ ادعو؟ قال: بما شئت قال: ففلعت بما امرني وهو خلفي يدعو قائما ويرفع يديه. قال حنبل: سمعت احمد يقول في ختم القرآن: اذا فرغت من قراءة «قل اعوذ برب الناس» فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت: الى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة. قال العباس بن عبدالعظيم: وكذلك ادركنا الناس بالبصرة وبمكة ويروي اهل المدينة في هذا شيئاً وذكر عن عثمان بن عفان.
وقال النووي في التبيان في آداب حملة القرآن: يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا مؤكدا وقد روى الدارمي وابن ابي داود باسنادهما عن ابن عباس - رضي الله عنهما - انه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن فإذا اراد ان يختم علم ابن عباس فيشهد ذلك.
وروى ابن ابي داود - يعني في كتاب المصاحف - باسنادين صحيحين عن قتادة قال: كان انس - رضي الله عنه - اذا ختم القرآن جمع أهله ودعا.
وروى باسانيده الصحيحة عن الحكم بن عتيبة قال: ارسل الى ما جهد وعبده بن لبابة فقالا: «انا ارسلنا اليك لانا اردنا ان نختم القرآن والدعاء يستجاب عند ختم القرآن» وفي بعض الروايات: وانه كان يقال: ان الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن».
وروى باسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، يقولون: تنزل الرحمة ثم قال: المسألة الرابعة: الدعاء مستحب عقب الختم استحبابا مؤكداً وروى الدارمي باسناده عن حميد الاعرج قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه آربعة آلاف ملك.
وينبغي ان يلح في الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة وان يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم وقد روى الحاكم ان ابن المبارك كان اذا ختم كان اكثر دعائه للمسلمين والمؤمنين والمؤمنات. وقد قال نحو ذلك غيره فيختار الداعي الدعوات الجامعة.
والدعاء عند الختمة مشروع وانه كان معروفا عند السلف وكانوا يحضرون القارئ عند ختمة القرآن ويؤمّنون على دعائه والحضور سنة وفضيلة بسبب ان الداعي من اهل الفضل والدين والصلاح ممن يرجى إن شاء الله اجابة دعائه وحيث ان الموضوع له فضله وشرفه ومضاعفة الأعمال وكونه مظنة القبول وحيث يؤمن عليه الجمع الغفير من المصلين من رجال ونساء وكبار وصغار.. ولكن يكون القصد من السفر الصلاة في الحرمين وأداء النسك والاعتكاف والاكثار من نوافل الصلاة فيهما والمحافظة على صلاة الجماعة ويكون حضور دعاء الختم تابعا لذلك فأما من لا يصلي في رمضان التراويح ولا يقوم ليالي العشر وانما يحضر دعاء الختم أو يسافر لاجله فإنه قليل الحظ من حصول المغفرة والعتق من النار.
وأما تخصيص ليلة معينة لختم القرآن فلا حاجة الى ذلك بل يختم القرآن من اتم قراءته المعتادة لكن ورد عن بعض السلف انه ختم ليلة سبع وعشرين ذكره ابن رجب في «لطائف المعارف» ولعل ذلك من باب التحري لكونها ارجى ان تكون ليلة القدر، ولما ورد فيها من الفضل واجابة الدعاء عن كثير من السلف كما ذكر ابن رجب عن جماعة من العباد دعوا الله في تلك الليلة فاجيب دعاؤهم ولعله اقترن به ما صار سببا لقبوله ويمكن ان ختمهم في تلك الليلة من باب المصادفة ولم يكن عن قصدها لذاتها.
وبكل حال فيحسن تحري الليالي اللاتي يرجى فيهن اجابة الدعاء بعد ختم القرآن أو غيره كأوتار العشر الآواخر من رمضان.
فأما من اعتقد ان تلك الليلة - التي حصلت فيها الختمة - لها مزية أو شرف فليس كذلك، فان الختم يختلف فيه الأئمة حيث ان بعضهم يختم أول العشر وبعضهم آخرها فأما الحرص على حضور الختمة مع اكثر من إمام فيسن ذلك كما نقل عن مجاهد وغيره ان الدعاء يستجاب عند ختم القرآن وان الرحمة تنزل عنده لكن اذا فوت على الانسان وقتا أو صلوات بعض الليالي لم يشرع ذلك فإن الذي يسافر الى مكة ثم الى المدينة ثم يرجع الى بلده يفوته في هذه المدة صلاة بعض الليالي وان كان قصده حسنا لكن السفر ليس ضرورياً والاعمال بالنيات ولا ينبغي فعل ما ينكره عوام الناس وخواصهم ولم يكن عليه عمل الأمة ولا دليل على مشروعيته سواء من هذه الأمور أو غيرها والله أعلم.
|