لنعترف أن أسراً كثيرة كان يأتيها رزقها رغداً في كل عام يحل فيه شهر رمضان المبارك وكانت الدور الخيرية ملاذاً للمعوزين وأصحاب الحاجات، إذ فيها يجدون مطعمهم ومشربهم وملبسهم ويأتون بخيراتها إلى منازلهم التي تشكو قلة الفئران بسبب انعدام المأكول كما تخبرنا الأمثال العربية القديمة، فقد جاءت الأعرابية إلى خليفة المسلمين تشكو حالها وحال صغارها الجائعين ولم تفصح عن طلبها مباشرة، لأن الحياء وإباء الضيم واعتداد العربي بنفسه يمنعه من أن يقول هكذا: «أنا جائع» بالمعنى الواضح، فأرادت تلك الأعرابية الفصيحة أن تواري طلبها خلف جملةٍ بلاغيةٍ لا يستطيع فهمها إلى الفطنون كأمثال الخليفة، فوقفت أمام مجلسه الحاشد وقالت: «يا أمير المؤمين إني أشكو إليك قلة الفئران في بيتي» في دلالةٍ على أن منزلها خاوٍ تماماً من الغذاء وليس فيه من زاد الأطفال ما يُغري الفئران بالمجيء إليه، ففهم الخليفة طلبها وأوعز بإعطائها ما يكفي حاجتها وحاجة صغارها.
وإن كان فقراء ذلك الزمان يمتلكون قدرات تعبيرية فائقة لمساعدة المسؤولين في الكشف عن الحاجات والمتطلبات التي يريدها هؤلاء الفقراء فإن فقراء ومساكين زماننا قد قيض الله لهم أناساً كأمثال صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة الذي يأتي كبرق ألمعي منسرب وسط ركام السحاب الثقال ليعطي اللقمة والبسمة للصغير الذي يتضور جوعاً وللشيخ الهرم الذي عجز عن اكتساب الرزق وللمرأة التي حاصرتها هموم الزمان ووحشة المكان، فكم هم محظوظون أولئك الفقراء الذين تسلموا الهدية المباركة من سمو الأمير الوليد الذي امتشق من كحل جوده فيصلاً رهيفاً ينثر عبير أفضاله للأرض وللكون وللناس وليت خير الأمير وعطاءه يمتد لآخرين منزوين في قرى وهجر بعيدة لا يطالهم إعلام ولا تقرع أبواب منازلهم أيادي المحسنين.
إن هدية الأمير الوليد بن طلال بهذا الشهر الفضيل تؤكد اهتمامه ودعمه للعمل الخيري بالمملكة حيث تبرع سموه مؤخراً بمبلغ عشرة ملايين ريال لتوزيعها على 300 جمعية خيرية في عموم البلاد لتقوم هي بتوزيعها على أصحاب الحاجات في هذا الشهر المبارك، والأمير الوليد أمده الله بالعافية بهديته السخية هذه كسر حاجز الخوف الذي سيطر على قلوب الفقراء وذوي الحاجات الذين كانوا أول من اكتوى بنار الإرهاب وأخذوا بجريرة الإرهابيين وذلك عندما فقدوا عطاء كثير من المؤسسات الخيرية التي كانت عطاءاتها تنصبُّ على المساكين مدراراً وخاصة في شهر الخير والبركات. نحن نثمِّن غالياً عطاء الأمير الوليد ونرجو مزيداً من الدعم لهؤلاء المساكين والمعوزين الذين كانوا ضحايا لشرور الإرهاب ولا يملكون في هذه الدنيا إلا قلة الحيلة التي شكاها رسولنا الكريم عندما تجمعت عليه الهموم، ويا مفرج الكروب فرج كروب فقراء ومساكين المسلمين.
الرياض - فاكس: 014803452
|