بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الذي حد للناس حدوداً فلا يعتدوها ورتب على ذلك عقاباً لمن جاوزوها وسبحان من عظم الدماء إلا بحقها وجعل حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة التي عظمها وشرفها . ومنع قتل بني آدم إلا بحق شرعه وحد بينه ولم يترك ذلك لعقول بني آدم الذين يعتريهم الجهل وتغلبهم الأهواء {وّحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ}، {وّلا تّتَّبٌعٌ الهّوّى" فّيٍضٌلَّكّ عّن سّبٌيلٌ الله}. قال الله تعالى:{ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً}، وعن أبي هريرة قَالَ: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النّاسَ حَتّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلَهَ إلاّ اللّهُ ثُمّ تَحْرُمُ دِمَاؤهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إلاّ بِحَقّهَا».متفق عليه، وعَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالّذِي لاَ إلَهَ غَيْرُهُ لاَ يَحِلّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاّ اللّهُ وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ إلاّ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ ، التّارِكُ لِلإسْلاَمِ مُفَارِقُ الْجَمَاعَةِ وَالثّيّبُ الزّانِي وَالنّفْسُ بِالنّفْسِ».متفق عليه، وعَنْ مُعَاوِيَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلّ ذَنْبٍ عَسَى اللّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلاّ الرّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمّدا أَوِ الرّجُلُ يَمُوتُ كَافِرا».رواه النسائي،وعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرو عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَزَوَالُ الدّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ».رواه النسائي، وعَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَولُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصّلاَةُ وَأَوّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النّاسِ فِي الدّمَاءِ».رواه النسائي،وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ فِي يَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَما يَقُولُ: يَا رَبّ قَتَلَنِي حَتّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ». قَالَ: فَذَكَرُوا لاِبْنِ عَبّاسٍ التّوْبَةَ فَتَلاَ هَذِهِ الآية{وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا} . قَالَ: مَا نُسِخَتْ مُنْذُ نَزَلَتْ وَأَنّى لَهُ التّوْبَةُ. رواه النسائي، وعن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنّهُ حَدّثِهُ أَبُوهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أَنّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا الْكَبَائِرُ قَالَ: «هُنّ سَبْعٌ أَعْظَمُهُنّ إشْرَاكٌ بِاللّهِ وَقَتْلُ النّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَفِرَارٌ يَوْمَ الزّحْفِ». رواه النسائي، وعَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كَفْرٌ». متفق عليه، وعَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ لاَ يُؤْخَذُ الرّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ وَلاَ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ».متفق عليه.
وقد حذر النبي من الذين يغالون في الحكم على الناس حتى يستحلوا دماء المسلمين وتقتيلهم وتكفيرهم فعَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الأَشْجَعِيّ قَالَ: رَأَيْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النّاسَ فَقَالَ: «إنّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ أَوْ يُرِيدُ يُفَرّقُ أَمْرَ أُمّةِ مُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم كَائِنا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ». رواه مسلم والنسائي وزاد: «فَإنّ يَدَ اللّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فَإنّ الشّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ».وعَنِ ابْنِ الزّبَيْرِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ ثُمّ وَضَعَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ».رواه النسائي أي ثم وضعه في الناس قتلاً وعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السّلاَحَ فَلَيْسَ مِنّا».رواه مسلم، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: بَعَثَ عَلِيّ إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرعَ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيّ ثُمّ أَحَدَ بَنِي مُجَاشِعٍ وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيّ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِيّ ثُمّ أَحَدَ بَنِي كِلاَبٍ وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطّائِيّ ثُمّ أَحَدَ بَنِي نَبْهَانَ قَالَ: فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَقَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا فَقَالَ: «إنّمَا أَتَأَلّفُهُمْ» فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرَ الْعَيْنَيْنِ نَاتِئ الْوَجْنَتَيْنِ كَثّ اللّحْيَةِ مَحْلُوقَ الرّأْسِ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ اتّقِ اللّهَ. قَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللّهَ إذَا عَصَيْتُهُ، أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِي». فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ فَلَمّا وَلّى قَالَ: «إنّ مِنْ ضِئْضِئ هَذَا قَوْما يَخْرُجُونَ يَقْرَؤوْنَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدّينِ مُرُوقَ السّهْمِ مِنَ الرّمِيّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الاَسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». وعَنْ عَلِيَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزّمَانِ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيّةِ لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمْرُقُ السّهْمُ مِنَ الرّمِيّةِ فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإنّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».رواه مسلم والنسائي، وعَنْ شَرِيكِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنْتُ أَتَمَنّى أَنْ أَلْقَى رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ فَلَقِيتُ أَبَا بَرْزَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنِي وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنِي أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ ومَنْ عَنْ شِمَالِهِ وَلَمْ يَعْطِ مَنْ وَرَائِهُ شَيْئا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ الشّعْرِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم غَضَباً شَدِيداً وَقَالَ: «وَاللّهِ لاَ تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلاً هُوَ أَعْدَلُ مِنّي» ثُمّ قَالَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزّمَانِ قَوْمٌ كَأَنّ هَذَا مِنْهُمْ يَقْرَأونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيهِمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السّهْمُ مِنَ الرّمِيّةِ سِيمَاهُمُ التّحْلِيقُ لاَ يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الْمَسِيحِ الدّجّالِ فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ هُمْ شَرّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ». رواه النسائي، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطّاعَةِ وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ ميْتَةً جَاهِلِيّةً وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمّتِي يَضْرِبُ بَرّهَا وَفَاجِرَهَا لاَ يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِي لِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنّي وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايةٍ عُمَيّةٍ يَدْعُو إلَى عَصَبِيّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيّةٍ فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيّةٌ».رواه مسلم.
فاحذر أيها المسلم من هذا المسلك الخطير الذي انتحله بعض الناس المفسدين الحاقدين على المسلمين فقاموا بالتفجير في بلاد المسلمين واستحلوا دماءهم متقربين بذلك بزعمهم إلى الله والله لا يقبل عمل المفسدين، ولا يرضى عن القوم الظالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه سعد بن شايم العنزي
عضو الدعوة بمركز الدعوة بعرعر
|