تحرص منظمة الأمم المتحدة على المشاركة في المناسبات والأيام التي تُحيا من أجل تكريس القيم والأهداف الإنسانية والفكرية، فأوجدت أياماً ومؤتمرات وتعقد دراسات للتذكير بهذه القيم والدعوة لها، وأمس مرت مناسبة هامة من هذه المناسبات، حيث احتفل باليوم الدولي للتسامح.. هذه القيمة الإنسانية التي تكتسب أهمية خاصة في هذه الأيام بعد انتشار التطرف وتفشي العنصرية رغم القضاء عليها قولاً، ولكن المتتبع لما يجري بين الأمم والدول فإنه يجد التعصب ورفض الآخر ينتشر بشكل مخيف في مناطق متعددة من العالم، ومع أن الثقافة الغربية، وأصحاب الديمقراطيات يتهمون المسلمين بأنهم أكثر الأقوام رفضاً للتسامح وقبول الآخر، إلا أن الملاحظ أن الأكثر تضرراً في هذا العصر هم المسلمون الذين يواجهون رفضاً وتحيزاً دينياً وعنصرياً ورفضاً من الآخر.. الآخر الذي دفعه جهله بثقافة المسلمين وعقيدتهم إلى اتهامهم بعدم التسامح، في حين القارئ المتفهم للإسلام يعلم أن أكثر الأديان حثاً على التسامح هو الإسلام، وتاريخ المسلمين في الأندلس وقبل ذلك في شمال إفريقيا وفي مصر بعد فتحها والعراق والشام يؤكِّد المساحة الرحبة للتسامح التي عامل بها المسلمون غير المسلمين من أقباط مصر، ويهود ونصارى الأندلس والمجوس في فارس والعراق والنصارى في الشام.
أما ما نرى الآن في أوروبا المتحضرة فنجد أن مضايقة المسلمين وصلت إلى حد منع المسلمات من ارتداء الحجاب والتضييق على المدارس الإسلامية وأخذ الجمعيات الإسلامية الخيرية بالشبهات.. وكل هذه الأفعال تظهر أن الغربيين ضاقوا ذرعاً بانتشار الإسلام وتكاثر أتباعه داخل المجتمعات الغربية وبين الغربيين أنفسهم وليس القادمون من الدول الإسلامية، وهذا يظهر البون الشاسع في تسامح أغلبية المسلمين مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى وغير المسلمين في تعاملهم مع المسلمين في الدول التي يشكِّلون فيها أقليات كبيرة، حيث يشكِّل المسلمون الجماعة الثانية عادة من حيث العدد الكثير في الدول الأوروبية، ومع هذا يعاملون معاملة مواطنين من الدرجة الثانية أو أقل من ذلك.. كل هذا وهذه الدول ترفع شعار التسامح والقبول بالآخر..!!
|