عندما نتحدث عن «سلوك الإنسان» وصفاً وتحليلاً ومعالجة، فإن الأمر يحتاج إلى منهجية علمية قادرة على أن تضعنا في طريق واضحة تصلنا بنتائج فعالة يمكن قياسها؛ لأن «النفس البشرية» حالة مراوغة وفكرة هلامية يصعب تحديد سلوكها بصورة نهائية، وتبقى مهمتنا في اكتشافها «مقاربات» تضيق من إطار فعلها وتضعنا في أقرب نقطة لهدفنا، ومن خلال ذلك تكون «استجابتنا» في التعامل معها.
والخلاف الذي يقع بيننا في تفسير «الظواهر» السلوكية منشؤه كثرة العوامل اللانهائية المحيطة بالظاهرة السلوكية ذاتها، وهي بهذه الصفة تشبه «النص» المفتوح الذي لا يستقر على معنى محدد يتفق عليه القراء.
إن الظاهرة السلوكية «المعاصرة» وبوصفها نصاً، تحتاج إلى آليات نقدية جديدة في التعاطي معها لعجز آليات النقد القديمة عن الوصول إلى «بنية» الظاهرة نفسها و«تفكيك» خطابها و«تشريح» عناصرها و«نقدها» تاريخياً وثقافياً وسيمائياً.
عندما «فكك» عبدالله بن عباس خطاب الخوارج عاد معه خلق كثير، وعندما فهم عمر بن الخطاب «دلالة» الهجاء سجن الحطيئة، وعندما «كشف» عمر بن عبدالعزيز النسق الشعري المضمر للمدح رفض دخول الشعراء عليه.
أما سر فعالية النقد الألسني؛ فلأنه يتعامل مع النص/ الظاهرة من دون «هيمنة المؤلف» فيتحرر من تأثيره فيه ومن تسلطه في احتكار المعنى والقصد.
|