المراسلون الاجانب في القدس المحتلة.. استوقف اهتمامهم ما أطلقوا عليه بالمظاهرة السوفياتية الإسرائيلية عندما استقبلت غولدا مايير مائة وعشرة من المهاجرين اليهود الروس القادمين من الاتحاد السوفياتي.
فقد كان مهرجان الاستقبال سوفياتيا مائة بالمائة حيث ألقت غولدا مايير كلمتها باللغة الروسية التي تتقنها أكثر مما تتقن العبرية، وحرصت في كلمتها هذه على عدم توجيه أي نقد للاتحاد السوفياتي.
وقالت مخاطبة القادمين الروس: «لقد قلت لكم دائماً أن يوم عودة اليهود الروس إلى أرض الميعاد (إسرائيل) قادم لا ريب فيه واننا هنا على استعداد لان نستقبل من روسيا لا مائة ألف ولا مائتي ألف، ولا ثلاثمائة ألف بل مليوناً من اليهود.
ونحن قادرون على استيعاب هذا العدد دون أن يكون بحاجة إلى الامتداد بحدودنا مسافات أخرى (..!).
ويقول رينيه باودوك في جريدة «الفيغارو» أن جميع الناس في إسرائيل يتساءلون عن مغزى المقابلة الخاصة التي أعدها وزير الداخلية السوفياتي في مقر المجلس السوفياتي الأعلى لخمسين من المهاجرين اليهود قبل قدومهم إلى إسرائيل، وكان بينهم من حاول الاضراب عن الطعام احتجاجا على منع اليهود من الهجرة إلى إسرائيل ويلاحظون أن الكرملين كان قبل سنة فقط يصدر أوامره بتوقيف المطالبين بالهجرة إلى إسرائيل في دوائر الشرطة.
أما اليوم فالمسؤولون السوفيات يتحدثون إليهم كأقران متماثلين في المكانة وفي الحقوق.
وقد اعتذر وزير اداخلية السوفياتي للمهاجرين اليهود الذين استقبلهم بأن مقاومة الحكومة السوفياتية لهجرة اليهود كانت تستند فقط إلى شكوكها من أن يقوم هؤلاء المهاجرون بالاشتراك في الحرب ضد حلفائنا العرب إلى جانب الجنود الإسرائيليين (...!) وأضاف المراسل الفرنسي إلى ذلك قوله:
«ان بعض المعلقين في الصحف الإسرائيلية كانوا يتخطون حجب المستقبل عندما أشاروا في تعليقاتهم إلى المؤتمر الرابع والعشرين للحزب الشيوعي السوفياتي الذي سيجتمع في موسكو في 30 آذار الجاري.
فقالوا: «ان مؤتمر هذا الحزب سيسبق بأيام قليلة مؤتمر حزب العمل الإسرائيلي «وترأسه غولدا مايير» الذي سيجتمع في شهر نيسان القادم.
ان للمؤتمرين ملامح متماثلة، ولكن من الحزبين روابط مباشرة تصله بالحزب الآخر (..!) وكلاهما يجتمعان تحت شعار أزمة اليهود في الاتحاد السوفيتي، وهي أزمة اذ تلتزم بها إسرائيل بغرض تحقيق الحلم اليهودي في «عودة المنفيين» تلتزم بها روسيا السوفياتية أيضا من خلال الفكرة القومية التي تنتشر داخل امبراطورية تهزها الآن مطالبة الاقلية الإسرائيلية بحق تقرير المصير».
وقال المراسل الفرنسي كذلك: «ان الايديولوجين في الاتحاد السوفياتي كانوا حتى قبل ازمة اليهود الاخيرة يعتقدون أن المشكلة اليهودية في العالم يجب ان تجد حلها التاريخي عن طريق قيام الإسرائيليين ببناء مجتمع اشتراكي عالمي».. (الفيغارو السبت- الاحد 13-14 آذار 1971م ص3 عمود 7).
هذا المجتمع الاشتراكي العالمي هو الذي يشد حزب العمل الإسرائيلي إلى الحزب الشيوعي السوفياتي.. كما يشدهما كذلك تلك الحكومة العالمية التي اشار إليها البروتوكولان الخامس والخامس عشر من بروتوكولات حكماء صهيون التي لن تقوم إلا «بعد أن تجتاح الثورة والانقلابات التي أعددناها في كل مكان.. وبعد أن يكون أمر الحكومات قد بلغ غايته من التدني والانحلال.. الخ» (كذا في الاصل).
إلى جانب هذا اللقاء العقائدي.. كشفت مجلة «لونوفيل اوبرزفاتور» الفرنسية في عددها الأخير عن أن التنازلات الاخيرة التي أعلنها السيد أنور السادات لم تكن سوى نتيجة لخيانة سوفياتية، أو تواطؤ سوفياتي إسرائيلي اطلع عليه القادة المصريون قبل فوات الاوان. وتفصيل ذلك ان شخصية كبيرة من السفارة السوفياتية في واشنطن صرحت لمندوب جريدة هاراتس الإسرائيلية بأن «الاتحاد السوفياتي يمكنه ان يوافق على حدود إسرائيلية تتجاوز حدود الخامس من حزيران، ولكن بشرط أن لا تكون هذه الحدود شرطا مسبقا بل نتيجة من نتائج المفاوضات»..!! (لونوفيل اوبرزفاتور 15 - 21 اذار 1971م).
... وفي مقابل هذه اللقاءات العقائدية والسياسية .. لا يسع القارئ العربي إلا أن يتساءل:
هل حقا ما يقال من أن الصهيونية العالمية هي أقرب للولايات المتحدة الأمريكية.. منها «للدولة الماركسية العالمية التي سيبنيها الإسرائيليون»..!!
«عن الحياة»
|