هل هي واسطة أم دور أم بحث عن دور؟ هذا ماجاء على بالي عندما سمعت أن هناك مجموعة من الناس طلبت لقاء ولي العهد حفظه الله للبحث في حل قضية التفجيرات عبر الحوار.
في كثير من التنظيمات السياسية التي تعمل على تحقيق مطالبها تكون عادة مكونة من جناحين: جناح سياسي يتحاور وجناح عسكري يضرب إذا لزم الأمر. وهؤلاء الذين يقومون بالعمل الإجرامي لم يعلنوا عن مطالب أو أهداف أو حتى صورة لما يريدون أن تكون عليه البلاد لكي يتوفر لهم جناح سياسي يمكن أن يمثلهم، في ليلة ليلاء قامت الناس على سماع دوي انفجارات وكل المعلومات المتوفرة لدى المحللين والخبراء ليست سوى تخمينات وتخرصات مبنية على سوابق تتشابه أحيانا وأحياناً تختلف. لا يمكن تخيل ما هي الصيغة التي يريد طرحها هؤلاء الذين تقدموا بطلب الحوار حتى يتحقق إيقاف الأعمال الإجرامية بالطرق السلمية.
كلمة حوار تعني أن يتفاوض الطرفان المتحاربان ليصلان من خلال التفاوض إلى صيغة وسط. أي أن يتنازل كل طرف قليلا حتى نصل إلى حل وسط يرضي الطرفين. وأي حوار يفترض أن يكون الوسيط على معرفة بمطالب الطرفين وبأهداف الطرفين والأهم من هذا يكون لديه إيمان بشرعية مطالب الطرفين. وفي الوقت نفسه يكون على درجة كافية من الحياد حتى يكون قريبا من ثقة الطرفين. وأخيراً لابد من توفر قناة اتصال بين الوسيط وبين طرفي النزاع. لا أعرف إلى أي مدى تتوفر هذه الشروط في الناس الذين طلبوا لقاء ولي العهد لحل النزاع بالطرق السلمية. وإذا لم تتوفر فيهم مثل هذه الشروط فهم غير مؤهلين للإسهام بدور الوسيط. إذا بأي صفة يتقدمون لدفع الحكومة إلى الحوار مع هؤلاء.
سمعت ببعض الأسماء (إذا صحت) التي رشحت نفسها للعب دور الوسيط وأربأ بكثير منها أن تكون لها أي شراكة ولا حتى بالرأي والتعاطف مع هؤلاء المجرمين لذا من الصعب أن نقول إنهم يمثلون الجناح السياسي لهؤلاء المجرمين.
هناك أسماء من نشطاء ما سمي بالصحوة أسهمت بدور كبير في تأسيس وتطوير هذا الفكر الإجرامي الملتبس بالدين وغررت بالشباب ودفعتهم إلى التطرف والبعد عن الوسطية وشكلت في النهاية شبه قيادات للشباب المتحمس. لا يتحدث عنهم هؤلاء الشباب إلا بخضوع واحترام وربما بشيء من التقديس وأصبح لكل واحد من هؤلاء أتباع ومريدون ومروجون لفكرهم وخطبهم العاطفية. ولكن بعد الأحداث المتلاحقة منذ الحادي عشر من سبتمبر بدا أن هذا الفكر دخل منعطفا خطيرا وبدأت الأمور تفرز نفسها. كثير من هذه القيادات أظهرت كثيراً من التنازل وتخلوا عن مريديهم. وبعضهم مازال يناور بالكلام ليبقى على اتصال بمريديه دون مساءلة من أحد. يريد الحسنين.
والقليل جدا التزم بفكره المتطرف وانضم إلى البغاة الظالمين.
إذا من يطلب الحوار مع هؤلاء أو يحض عليه لابد أن يكون أحد ثلاثة إما أنه يمثل الجناح السياسي لهؤلاء المجرمين أو أنه يريد أن يعلن أنه في الوسط ليبقي على سجله مع المتعاطفين مع المجرمين أو أنه في أفضل الحالات يريد أن يكون له دور في هذه المعمعة.
فاكس 4702162
|