يوم أبعد شارون غريمه السياسي نتنياهو إلى وزارة المالية الإسرائيلية أراد إحراجه وإظهار عجزه عن معالجة الأزمة الاقتصادية في الكيان الإسرائيلي، إلا أن نتنياهو الذي لا يقل خبثاً عن غريمه، أخذ ينسج بهدوء لإظهار المأزق الاقتصادي بأنه نتيجة للوضع السياسي الآخذ بالتدهور بسبب عجز شارون عن إيجاد حل للصراع مع الفلسطينيين.
وهكذا فقد أكدت إيحاءاته للإسرائيليين بأن الهبوط الجاري للاقتصاد الإسرائيلي سببه النزاع المسلح مع الفلسطينيين وحملت دعوة للناخبين إلى التغيير السياسي وإسقاط حكومة شارون. ولذلك فإن ميزانية الكيان الإسرائيلي للسنة القادمة ستثقل جداً على أكثرية الإسرائيليين، وتخفيف العبء يمكن إذا فهم الجميع أن «الكعكة» المتمثلة في المساعدات الأمريكية لم تعد تكفي لمواجهة التكاليف الكثيرة التي يتطلبها الحشد العسكري والأمني الإسرائيلي في مواجهة الرفض الفلسطيني للاحتلال.
ولهذا فإن الميزانية الإسرائيلية لم تعد ميزانية مهيأة للارتفاع مما هو في ضرع الاقتصاد، فالاقتصاد الواهن بسبب المقاومة الفلسطينية، لا يثمر الضرائب وعندما لا توجد ضرائب، فهناك حاجة إلى التقليص والتقليص طال ويطول المبالغ المقدمة للخدمات والمحتاجين وهذا سيزيد النقمة على حكومة شارون، ربما أن الاقتصاد الإسرائيلي مرتبط بصورة كبيرة باقتصاد الغرب، وبالذات باقتصاد أمريكا و«منحها» التي لا يمكن أن تزيد إن لم تقل، فإن المخططين الإسرائيليين يأملون أن يتعافى الاقتصاد الأمريكي وأن تعود باقي الاقتصاديات الغربية الكبرى إلى عافيتها، ولكن مهما تحسن الاقتصاد الغربي، ومهما درَّ الضرع الأمريكي من منح ومساعدات فإن «محرقة» الصراع والاستنزاف الأمني والعسكري والمخصصات التي تصرف على عمليات القمع وعمليات التوغل والاحتياجات المتكررة داخل الأراضي الفلسطينية توسع العجز في الميزانية وتأخذ جانباً كبيراً من الأموال.
لهذه الأسباب فإن رجال الاقتصاد ومنهم رئيس بنك إسرائيل يرون أن لا مجال لإصلاح الوضع الاقتصادي إلا بإصلاح العلاقة مع الفلسطينيين، ويؤكِّد قسم البحث في بنك إسرائيل أنه لولا النزاع المسلح لكان الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بزيادة إنتاج قيمتها تقرب من ثلاثة مليارات وربع المليار دولار أمريكي.
وبسبب اعتماد سياسة إسرائيلية قمعية ضد الفلسطينيين فإن الإنتاج في السنتين هبط بنسبة 6 بالمئة ومرشح هذا العام إلى هبوط يبلغ عشرة بالمئة، والمنطق يقول إن الفرق كله بسبب الإصرار على انتهاج عمليات القمع الإسرائيلية.
هبوط الإنتاج بهذه النسبة الكبيرة وتواصل الصراع وانعدام الرؤية السياسية السليمة لحكومة شارون يجعل الإسرائيليين يتخوَّفون من الوقوع في أسفل البرميل.
|