عندما كانت الحرب في أفغانستان بين الحكومة المدعومة بالاتحاد السوفيتي والثوار الذين كان الرئيس الأمريكي رونالد ريغان يدعوهم بالمجاهدين في أوجها، وكانت هناك حالة تجييش عارمة للشارع العربي والإسلامي للانخراط في هذه الحرب دفاعاً عن الإسلام كما كانوا يزعمون.
وعلى الرغم من بساطة وعينا السياسي آنذاك وعدم انتشار الفضائيات بالشكل الذي من الممكن أن يوسع أفق الرؤيا، إلا أن كل متابع بسيط كان يعرف بأن الحرب في أفغانستان هو جزء من الحرب الباردة بين العظميين ووظفت وكالة المخابرات الأمريكية البعد الديني والجهادي لاستقطاب المزيد من الشباب والثوار المتحمسين إلى أتون نار مهلكة ما زلنا نكابد أوارها إلى وقتنا الحاضر.
وهنا بالتحديد تبرز قضية الوعي الجماهيري، فالشعوب الواعية المدركة، تلك التي تمتلك الخلفية الثقافية المتينة المدركة لجميع الأبعاد من الصعب أن تقع ضحية سهلة لكل مطبل ومزمر في آفاق الأرض، والشعوب المنفتحة على العديد من التيارات الفكرية العالمية باستطاعتها القيام بعملية موازنة وغربلة تحميها من الوقوع فريسة فكر أحادي منقطع عن سياقه التاريخي يتوهم امتلاكه الحقيقة المطلقة، الوعي هو التحدي الذي يتربص بنا لاسيما ونحن على أعتاب تجربة ديمقراطية مهمة، فبدون الوعي ووضع أولويات الوطن والدولة دون الانتماءات الضيقة، فسنبقى في مهب الناعبين والناعقين ومزاميرهم.
وسيبقى زهرة شبابنا وطليعتهم المتفتحة وقودا لحرب عجيبة يختفي منظروها وشيوخها وسدنتها في الجبال وبين الكهوف وخلف أستار الكذب والتملق ويبعثون بالصبية والغلمان إلى أتون حرب شريرة وشرسة ومدمرة.
|