الحروب كما تدمِّر المقدِّرات الطبيعيَّة، والإنشاءات البشريَّة فوق الأرض، وكما تخلِّف الدمار، فإنَّها تخلِّف بعد تدميرها للنفوس أفراداً ذوي أمراضٍ نفسيَّة وذهنيَّة...
وتمتد هذه الآثار في تركيبة الأبنية النفسيَّة للأفراد التي عنها تتكوَّن الجماعات السَّويَّة وغير السَّويَّة، ويمكن من ثمَّ التَّأمُّل في نمطيَّة الأجيال التي تضطَّلع ببناء المجتمعات فيما بعد،
هذا بلا شك هو الحاصل لكلِّ حرب، والنَّاتج عن أيِّ حرب...
ولنا على البعد المسافيِّ الزمنيِّ أن نتخيَّل المستقبل لأطفال العراق، بمثل ما نتخيَّل المستقبل لأطفال جنوب لبنان، ولكلِّ أطفال فلسطين...
ولعلَّ المختصِّين في شؤون النَّفس، والمجتمع، وكذلك الباحثين في مؤثِّرات بل مخلَّفات الحروب في المجتمعات التي خضعت للحروب في أشكالها المختلفة وأزماتها المتفاوتة يكونون أكثر قدرة على نقل الحقائق، وكشف الدَّقائق، وفتح المضايق، وبسْط النَّتائج في هذا الشَّأن...
وهناك بلا ريب دراسات كثيرة في هذا الشَّأن...
كما أنَّ هناك معالجات مقنَّنة للنُّفوس التي واجهت الحرب وخضعت لمؤثِّراتها...
ولعلَّ المُشاهد لأحداث الحروب في الأوعية الحديثة النَّاقلة للصورة والصَّوت يقع تحت هذه المؤثِّرات، ويُصاب بأشكال الأمراض المختلفة التي تتركها بصمة لشرِّ الإنسان على الأرض، فما بال أولئك ممَّن يواجهون الحرب واقعاً ويعيشونها حقيقة؟؟...
تُرى، كيف سيكون مآلُ أطفال العراق آخر ضحايا الحروب؟
كما إنَّه كيف سيكون مآلُ أبناء من شارك في الحرب فشاهَد أو سمع بنوه وقائعها؟!...
وهل قُدِّر على الإنسان الحديث أن يخرج من حرب ويبدأ في أخرى لكي تتشكَّل مجتمعات بشريَّة ذات أمراضٍ لا تنتج مجتمعات صحيحة معافاة؟...
وكيف هو مآلُ مستقبلٍ جُلَّ أُناسه ممَّن وقع عليهم تأثير الحروب فأُصيبوا بمؤثِّراتها ؟!...
|